تحليلات سياسيةسلايد

“حربُ الأشقّاء”.. باحثٌ إسرائيليٌّ: “الأحداث علامات انهيار المشروع الصهيونيّ …

في ظلّ احتدام الصراع الداخليّ بدولة الاحتلال والتحذيرات من اندلاع حرب الأشقاء، كما يُسمّيها الإعلام العبريّ، انبرى العديد من المُحللين والخبراء في إسرائيل للتحذير من خطورة الوضع الداخليّ في دولة الاحتلال، واحتمال تردّيه إلى الدرك الأسفل، الأمر الذي قد يُضعِف الدولة العبريّة في المجتمع الدوليّ ويمنح العرب بشكلٍ عامٍ والفلسطينيين على نحوٍ خاصٍّ، فرصةً للانتظار على أمل بأنْ تقود الحرب الداخليّة الإسرائيليّة دولة الاحتلال إلى الهاوية.

في هذا السياق، لفت المُستشرِق د. ميخائيل ميلشتاين رئيس منتدى الدراسات الفلسطينيّة بجامعة تل أبيب، والباحث بمعهد السياسة والاستراتيجيّة بجامعة رايخمان، لفت إلى أنّ “الفلسطينيين والعرب يراقبون التطورات الإسرائيليّة الداخليّة ويعتقدون أنّها نقطة ضعفٍ حادّةٍ تحيط بدولة الاحتلال، ممّا قد يدفعهم لاستغلال الواقع لصالحهم وجني الإنجازات”، مُضيفًا في الوقت عينه أنّ “هذا النقاش الموسّع في الوطن العربيّ يجب أنْ يضيء الضوء الأحمر في إسرائيل، على اعتبار أنّ التطورات الداخليّة قد تصل حدّ اندلاع الحرب الأهلية”، على حدّ تعبيره.

وأضاف في مقالٍ نشره على موقع القناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ (MAKO) أنّ “النقاشات العربية في الآونة الأخيرة الغرض منها فهم مدى جديّة الخطاب الإسرائيليّ فيما يتعلق بإمكانية اندلاع حربٍ أهليّةٍ إسرائيليّةٍ، في ظلّ العواصف العامّة والسياسيّة المستعرّة بسبب التوتر بين المتدينين والعلمانيين، وتقسيم السلطات في أجهزة الحكم الإسرائيلية، ويُنظر إليها على أنّها دليل على زعزعة استقرار الحكومة، واندلاع وشيكٍ للثورات الداخليّة التي قد تُعطِّل الدولة، ومقدمة وعلامات على الانهيار التدريجيّ للمشروع الصهيونيّ، انطلاقًا من الافتراض بأنّ (مجتمع المهاجرين) الإسرائيليّ مصطنع، وخالٍ من التماسك“، طبقًا لأقواله.

ومن المُفيد التذكير بأنّ الإسرائيليين بصفتهم (مجتمع مُهاجرين) أكّدوا عدّة مرّاتٍ عدم قدرتهم على تحمّل الضغوطات الداخليّة والخارجيّة على حدٍّ سواء، لذا فإنّ التحذيرات من هروبهم إلى خارج البلاد وتشكيل تنظيماتٍ تدعوهم للهجرة للغرب، باتت تحتّل مكانًا بارزًا في الأجندة الصهيونيّة.

وفي هذه العُجالة، نُذكّر بهروب عشرات آلاف الإسرائيليين من تل أبيب خلال حرب الخليج الأولى عام 1991 عندما دكّ الرئيس العراقيّ الأسبق، الشهيد البطل صدّام حسين، الكيان بالصواريخ، وهذا الهروب الجماعيّ، الذي وصفه رئيس بلدية تل أبيب آنذاك، شلومو لاهط، بالخيانة العُظمى، يؤكِّد لكلّ مَنْ في رأسه عينان هشاشة تعاضد وتماسك المجتمع الصهيونيّ، وفشل نظرية مَنْ يُطلِقون عليه (مؤسس إسرائيل)، دافيد بن غوريون، بصهر الصهاينة في بوتقةٍ واحدةٍ هي الأمّة الإسرائيليّة.

وهذا السيناريو، أيْ الهروب الجماعيّ، عاد وبقوّةٍ خلال حرب لبنان الثانيّة في العام 2006 عندما قصف حزب الله اللبنانيّ شمال إسرائيل بالصواريخ ووصل إلى ما بعد، بعد حيفا، الأمر الذي دفع أكثر من مليون صهيونيٍّ إلى الهرب من الشمال إلى مركز الدولة العبريّة، خوفًا من صواريخ حزب الله التي وصفها الجيش الإسرائيليّ بالبدائيّة.

عُلاوةً على ما ذُكِر آنفًا، فإنّ إسرائيل، قادةّ وشعبًا، تخشى كثيرًا من الخلافات الداخليّة داخلَ ما يُسّمى بالمُجتمع الصهيونيّ؛ إذْ إنّهم باتوا يُقرّون بأنّ نظريّةَ مَنْ يُطلِقون عليه مؤسّسَ الكيان، دافيد بن غوريون، الذي أراد صهرَ الصهاينة في بوتقةٍ واحدةٍ هي الأمّةُ الإسرائيليّة، فشِلَتْ فشلًا مُدويًّا، وما زال المُجتمعُ الصهيونيُّ منقسمًا على نفسه بين اليهود الذين استجلبتهم الحركةُ الصهيونيّةُ من الدول الأوروبيّة، وبين “الأشقّاء” الذين تمّ استيعابُهم من الدول العربيّة، وإضافةً لذلك، يتأجّجُ الصراعُ بين اليهود العلمانيّين واليهود المُتشدّدين والمتزمّتين، الذين يَرَوْن بالدّين اليهوديّ، وليس بالصهيونيّة، مرجعيّةً لهم.

وللتدليل على عمق الانقسام داخل المجتمع الصهيونيّ؛ يجبُ دائمًا التشديدُ على أنّ اليهودَ المُتزمّتين جدًّا كانوا – وما زالوا، وسيبقون – في جبهة رفض الاعتراف بإسرائيل، إذْ إنّه من ناحيتهم؛ الصهيونيّةُ هي عدوٌّ لليهوديّة، وهذا التناقُضُ المفصليُّ لا يُمكنُ حلُّهُ عبرَ تخصيص الميزانيّات الكبيرة لهذه الشريحة الواسعة من اليهود؛ كما فعلت حكومة بنيامين نتنياهو الحاليّة، لأنّ القضيّةَ أعمقُ من ذلك كثيرًا.

وفي الخلاصة، وبهدف التأكيد على اتسّاع الانشقاق داخل المجتمع الإسرائيليّ نُشير إلى أنّ البروفيسور أفشالوم إلياتسور، نشر أمس الأحد تغريدةً على صفحته في موقع التواصل الاجتماعيّ جاء فيها:” نتنياهو هو أحمق متعفّن وحقيرٌ وفاسدٌ ويستغّل عمليات القتل والاغتصاب من أجل التحريض على الفتنة وإراقة الدماء والقتل”، على حدّ وصف البروفيسور الإسرائيليّ، الذي يعمل في عدّة جامعاتٍ خارج دولة الاحتلال.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى