اتفاق إنهاء الحرب في غزة ما زال ينتظر موافقة إسرائيل الواضحة، كما أن تطبيقه ينتظر تلبية التعديلات التي طلبتها حماس. أثناء هذا الانتظار تستمر إسرائيل بقتل وتدمير الحياة في غزة وتواصل المقاومة صمودها والرد على العدوان. فكيف يمكن أن نفهم أن دولة عظمى كأميركا لا تستطيع أن تفرض حلا وتوقف الحرب الهمجية على غزة.
المتفائلون بتطبيق اقتراح بايدن، وبمجرد قبول الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني به، سيكونون أمام انتقال الحرب من (حالة انتظار الموافقة على إنهاء الحرب) إلى (حالة إنتظارالتفاوض على تفاصيل ووسائل تنفيذه) وكلتا الحالتين، حالة انتظار قبول الطرفين للمبادرة وحالة التفاوض بين الطرفين على تفاصيل تنفيذه، توفران بيئة الاستمرار بالحرب والقتل والتدمير و التهجير، وهذا ما يدفع كثيرين ليعتبروا أن طرح بايدن لأنهاء الحرب ليس (خدعة) تشرعن وتغطي تطاول حرب الإبادة الإسرائيلية بوهم الوصول لتحقيق الاهداف الصهيونية في إلغاء القضية الفلسطينية.
أكثر ما لفت النظر في خطاب الاستقالة من مجلس الحرب الذي ألقاه بيني غانتس، بعد يومين من طرح بايدن اقتراحه، هو أن (الحرب طويلة وستستمر لسنوات) فهل اقتراح بايدن جاء ليشرعن هذه الحرب الطويلة لسنوات ضد الفلسطينيين.
المفارقة أن بايدن في اقتراحه يؤكد على أن مستقبل غزة لا يضم حماس، وبلينكن يطلب موافقتها على الاقتراح، فكيف يمكن لأي جهة أن تقبل التفاوض لإنهائها وإلغائها. الحاجة للتفاوض مع حماس يتناقض مع هدف القضاء عليها وهذه نقطة يمكن أن تنهي الآمال بتنفيذ الاقتراح. كما أن عدم تحديد وتوصيف طبيعة اليوم التالي للحرب في كل فلسطين يلغي السعي المزعوم لحل الدولتين، ويلغي إمكانية إقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، وهذا أيضا ما يجعل الاقتراح محكوماً عليه بالموت قبل البدء بتنفيذه.
إنهاء الحرب على غزة يستلزم فعالية أكبر من الدولة العظمى لفرض حل يأخذ بالحسبان مصالح استقرار شعوب ودول المنطقة. وهذا يستلزم تحقيق الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني بإقامة دولته المتواصلة جغرافيا والقابلة للحياة وكاملة السيادة. وبدون ذلك لا استقرار في المنطقة ولا أمن لإسرائيل ولا تطبيع مع الدول العربية. حرب الانتظار التي تعتمدها الادارة الأمريكية في تغطية الحرب الإبادية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين لا يمكن أن تكون المخرج من الكارثة لأنها توفر بيئة الاستمرار للحرب ولا تقدم بيئة عملية وممكنة لتحقيق السلام والأمن والاستقرار، والإقرار بالحقوق الوطنية للفلسطينيين هو الأساس في أي حل في المنطقة.
بوابة الشرق الأوسط الجديدة