حرروا الشارع .. !!
كنت أسير في الشارع العريض ممسكة بيد ابني الصغير ذو السنوات السبع، نبحث عن مكتبة لشراء حقيبة مدرسية له، واذ بنا نسمع صوت إطلاق رصاص كثيف .. !! سأل ابني والفزع بعينيه : ما هذا ؟؟ فأدركت للتو أن هناك تشييع لشهيد … !! تلعلعت للتو أصوات الرشاشات والآربيجيات وبدأ موكب التشييع يمر بالشارع من أمامنا ترافقه طلقات الرصاص وأصوات مخيفة تصم الآذان .. فهرعت أنا وابني الصغير الى داخل محل قربنا، وحاولنا الاختباء خلف الرفوف علها تحمينا من رصاصة طائشة تفتك بنا، نراقب المارة في الشارع وهم يحاولون بدورهم الاحتماء تحت شرفات الأبنية من رصاصة فتاكة همجية تصيب منهم آذى .. !! أو تودي بحياة شخص بريء ذنبه أنه مر من هنا كما سبق وحدث مئات المرات ..
اختلطت علي مشاعر الخوف والحزن والغضب .. وابني قربي يسأل بخوف ودهشة ماذا يجري .. ؟؟!!
حزينة على شاب رفعوا صورته على أسلحتهم قضى نحبه على أرض المعركة .. شاب في ريعان الشباب .. وحزينة على بلدي الذي يفقد كل يوم مئات الشباب بين شهيد ومعتقل ومهاجر .. لتختفي رويداً رويداً أهم وأكبر شريحة في المجتمع .. الشباب القادر على البناء والابداع ..
وغاضبة من همجية وتخلف بعض من يعتبر أن إطلاق الرصاص هو إعلان حداد .. غير عابئ بأرواح ناس أبرياء قد تزهق بسبب طيشه وعنجهيته الغبية ..
غاضبة على رصاص يستنزف في الهواء، والشباب يعانون في الجبهات من قلة كل شيء، قد تنقذهم رصاصة، تم هدرها لإعلان موتهم ..
فكم من بريء مات نتيجة رصاص طائش في حزن وعرس .. !!
غاضبة من كل من يساهم في استمرار هذه الحرب القذرة التي تستهلك شبابنا وأملنا بالبقاء والحياة ..
خائفة على ابني من الخوف والقهر والذل ..
وخائفة على بلدي ..
لأفكر .. إلى متى سنبقى شعب يمتهن التعببر عن حزنه وفرحه باطلاق الرصاص ؟؟؟!!!
ليصلني صوت شاب ما زال في عينيه حلم عنفوان وأمل ، يقول بسخرية: (( يحررون برصاصهم الطائش الشارع العريض … !!! )).