حريق سوق العصرونية الدمشقي!

خاص

شاهد أبناء دمشق، ومن مختلف جهاتها الحريق الضخم الذي التهم سوق العصرونية الدمشقي فجر السبت الثالث والعشرين من نيسان2016، وبدت المسألة كمشهد مسرحي، يردد فيه الناس: ماكان ينقص الخطب إلا هذا!

مع ساعات الفجر الأولى، كانت سحابة سوداء تتصاعد وتتسع لتغطي سماء دمشق فوق سوق الحميدية الشهير الذي يوصل الزائر إلى الجامع الأموي الكبير، وقد اتضح هذا منذ أشرقت الشمس على المدينة التي اعتاد أهلها منذ سنوات مشاهدة سحب دخان المعارك في أطرافها.

ولأن الحريق اندلع في وقت خرقت فيه الهدنة، فعادت قذائف الهاون تنهمر على دمشق مع التعقيدات التي حصلت في مباحثات الجولة الثالثة في جنيف، لهذا السبب توقع سكان دمشق أن يكون الدخان الأسود نتيجة لمعارك وقعت أو نتيجة لقصف لدمشق بصواريخ جديدة خلال الليل، لكن مرور الساعات الأولى من الصباح كشفت أن الحريق ناجم عن تماس كهربائي، وأكد هذه الحقيقة سريعا مدير الدفاع المدني في دمشق العميد جهاد موسى في تصريح لوكالة سانا فالحريق ناجم عن ماس كهربائي و «خلف أضراراً مادية كبيرة»..

وفي تفاصيل الحريق أنه بدأ في الساعة الخامسة صباحاً في محل قنوص وهو من أكبر محلات العطورات الذي اشتعل بمجمله وانهارت طوابقه الثلاثة، إلا أن شاهدا عيان هو أحد عمال التنظيفات قال إن الحريق بدأ بمحل لبيع قداحات الغاز..

وفي تصريح نقلته صحيفة تشرين عزا طارق نحاس مدير مدينة دمشق القديمة اتساع الحريق إلى خصوصية المنطقة التجارية وبضائعها المكونة من المواد البلاستيكية والتجميلية والعطورات سريعة الاشتعال إضافة إلى طبيعة البناء ذي الأسقف الخشبية قد أديا معاً إلى اتساع رقعة الحريق وامتداده إلى مستودعات ضخمة تحتوي على مواد سريعة الاشتعال (قداحات غاز) ومواد أخرى..

صحيفة الثورة رصدت حجم الخسائر الأولية التي نجمت عن الحريق فبينت أن الأضرار اقتصرت على الخسائر المادية باستثناء اصابة بشرية واحدة لصاحب احد المحلات الذي حاول اطفاء النار في محله بطرق الخاصة..

ونقلت الصحيفة عن نائب رئيس المكتب التنفيذي بمحافظة دمشق الدكتور احمد نابلسي ان الحريق التهم كتلة كاملة من سوق العصرونية الاثري حيث يتجاوز عدد المحلات المتضررة الاربعين محلاً ومستودعاً تجارياً، مشيراً الى ان جميع سيارات فوج الاطفاء والدفاع المدني بدمشق شاركت في اخماد الحريق لأكثر من سبع ساعات ليتم بعدها عملية التبريد التي استمرت حتى ساعات المساء كون محلات سوق العصرونية ذات أسقف مصنوعة من الخشب القديم والمواد سريعة الاشتعال حيث انهار جزء كبير من سقف السوق الاثري.

صاحب احد المحلات التجارية وقد بدت عليه الصدمة اكد ان احتراق محل الالعاب الذي يملكه بالكامل افقده مصدر دخله وان خسارته تفوق 30 مليون ليرة وقد كان محله باب رزق لاكثر من ثلاث عائلات.‏

وسوق العصرونية سوق قديم استهدفه القصف الفرنسي عشية الاستقلال فدمره مع سوق آخر يجاوره هو سوق القلعة، ثم أعيد إحياء السوقين المدمرين بسوق واحد هو سوق العصرونية الذي شب فيه الحريق ..

ويقع سوق العصرونية شرق قلعة دمشق مقابل دخلة البيمارستان النوري على طرف سوق الحميدية ، وهو سوق يقصده الزوار دائما، ويغص بمحلات تبيع كل شيء يخطر على بال من ألعاب أطفال وأدوات منزلية وزجاج واراكيل وماكياج ونظارات ودفاتر واقلام وغيرها..

جاءت تسميته من المدرسة العصرونية التي أنشأها في العهد الأيوبي الإمام شرف الدين بن ابي عصرون.. وابن ابي عصرون، هو قاضي القضاة الفقيه عبد الله بن ابي عصرون الموصلي الدمشقي (492-585هجرية) الموافق لعامي (1099-1189 ميلادية) وهو قاضي دمشق وعالمها في زمن السلطان نور الدين الشهيد الذي أنشأ له مدارس في كل من ( حلب – حمص – دمشق – بعلبك) وأخذ العلم عن السهرورزي والجهني وغيرهما، من تلامذته القاضي الفاضل، ومن مؤلفاته (ضوء المذهب في نهاية المطلب) في سبعة مجلدات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى