حزب الله والقضية السورية (فاروق يوسف)

 

فاروق يوسف

لا يخفي حزب الله علاقته بايران، وهي علاقة عقائدية تتجاوز المصالح المؤقتة إلى كل ما هو مشترك في الخطط والتفكير والسلوك والافعال، بعيدة التأثير. ألم يصرح حسن نصرالله وهو زعيم الحزب ان ولاءه لايران انما ينطلق من ايمانه بمبدأ ولاية الفقيه. وأن الجمهورية في أيران هي جزء من الجمهورية الإسلامية المتخيلة؟ ولا يحتاج المرء إلى بذل الكثير من الجهود ليكتشف أن ايران كانت ولا تزال هي الجهة التي تمد حزب الله بالسلاح والمال ولا تبخل عليه بخبراتها العسكرية. بالنسبة لمناصري الحزب واعوانه لا يشكل القول بان حزبهم مجرد فصيل عسكري ايراني نوعا من الاتهام.
لقد استطاعت ايران أن تخترق الجسد العربي بحزب الله. ولم يحدث ذلك إلا بسبب هزال ذلك الجسد. لذلك فان الحديث عن تعليمات ايرانية لحزب الله للتدخل مباشرة في الحرب السورية لا يؤكد سوى فرضية لا ينكر أحد وجودها. ولكن ماذا عن علاقة حزب الله بالنظام الحاكم في دمشق؟ أيمكن أختصار تلك العلاقة بالتعليمات القادمة من طهران فقط؟
سوريا في كل الأحوال لم تكن مجرد ممر للأسلحة الايرانية الذاهبة إلى حزب الله. إذا لم نصدق ذلك فهذا يعني أننا نخون التاريخ. لقد لعبت سوريا دورا مؤثرا في اسناد المقاومة الفلسطينية ومن ثم اسناد المقاومة اللبنانية التي كان حزب الله عنوانها. سوريا التي لم تطلق رصاصة واحدة في الجولان طوال أربعين سنة من الهدنة كانت تشكل مصدر ازعاج لاسرائيل من خلال دعمها للكثير من الحركات التي تقاتل الدولة العبرية.
الآن يرد حزب الله الجميل إلى النظام السوري.
ولكن هل أخل تدخل حزب الله بالمعادلة التي كانت سورية ــ سورية فعلا؟
لا أعتقد ذلك. كانت سوريا من قبل أن يتدخل حزب الله في القتال قد تحولت إلى ساحة حرب إقليمية ودولية. لقد اجتذبت المعارضة إلى صفوفها مقاتلين مؤمنين بعدالة القضية واجراء محترفين قادمين من مختلف البلدان العربية والاسلامية. وما تصريح جبهة النصرة بانها جزء من تنظيم القاعدة إلا اعتراف بان القتال ضد النظام لم يعد قضية سورية خالصة.
كانت هناك أسلمة للقضية السورية هي المعادل الموضوعي لتدويل تلك القضية.
بالنسبة لحزب الله لم تكن سوريا فضاء طائفيا كما يتوهم الكثيرون. كانت سوريا هي السند الجغرافي للحزب، خط امداده الذي لا ينقطع، جماهيره التي كانت تؤمن بالمقاومة. أما وقد دخلت قوى دينية كثيرة إلى الحلبة السورية بعد الحرب صارت تنادي بنزعتها الطائفية فان حزب الله لم يكن ليتأخر في المشاركة في ذلك السباق الطائفي. سيجد له في أرض سوريا التاريخية الكثير من الاسباب لكي يبرر مشاركته عقائديا.
غير أن الحكاية لا يمكن اختزالها بالعقائد.
لا يريد حزب الله أن يخسر في سوريا حربا ربحها ضد اسرائيل. ولكنه اليوم يقاتل ضد السوريين؟ لنتخيل عزلة حزب الله عن العالم الخارجي لو أن سوريا أغلقت أبوابها أمامه. شيء من هذا القبيل يمكن توقع حدوثه لو أن النظام السوري قد سقط . وكما يبدو فان المعادلة السورية تبدو مربكة للكثيرين، غير أن لغة المصالح هي التي تصنع مقومات تلك المعادلة. لقد استثمر حزب الله تدخل فئات أخرى في الحرب من أجل أن يكون له مكان في تلك الحرب. كان شعار تدخله طائفيا غير أنه في العمق كان يفكر بمصيره.
وكما أرى فان حزب الله الذي انتهت صلاحيته بتحريرالجنوب اللباني عام 2000، يسعى إلى تجديد تلك الصلاحية من خلال مشاركته في الحرب في سوريا، متذرعا بتدخل أطراف صارت شبهة الطائفية علامتها المميزة.

ميدل ايست أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى