حسابات غير دقيقة في القضية السورية !

دمشق ــ خاص ببوابة الشرق الأوسط

في الشهور الثلاثة الأخيرة، ضاقت الاحتمالات المتعلقة بالقضية السورية، وصار من الممكن والطبيعي التحدث عن قاطرات تعد لحل ما، سوري واقليمي وربما في سياقه العام “دولي” .. وبُنيت هذه التحليلات على معطيات مهمة تتعلق بالمستجدات السياسية في العالم وصولا إلى آخر عملية عسكرية على أرض الميدان، ووصلت وجهات النظر إلى التأكيد على مجموعة نقاط من بينها :

 التوافق الروسي الأميركي..

 التوافق الروسي التركي..

 المستجدات العسكرية في ميدان حلب..

 إضافة إلى ظهور العاصمة الكازاخية “أستانة” كمصطلح سياسي يعني الانفراج، والمفتاح لحوار سوري ــ سوري يحمل نكهة كل تلك المعطيات !

كيف تبدو الحسابات التي أعدت لمثل هذا التصور، وهل يمكن تغيير معطياتها لتتغير بالتالي نتائجها؟!

واقعيا ، لايمكن الإجابة على هذا السؤال إلا من خلال رصد مواقف المعنيين بالحوار في أستانة، وهنا برزت نقطة مهمة هي دعوة أميركا لتكون ممثلة في الاجتماع، وبطبيعة الحال ستطل دول أخرى اقليمية ودولية على المشهد لتغيير المعطيات المتعلقة بالتوجه نحو أستانة، وستبرز خطوات متفاوتة الأهمية كمحاولات مصالحة إيران مع السعودية!

لقد استجدت على ملف الحل تبعات ماحصل في الساعات الثمان والأربعين الماضية، وأولها التصعيد الاسرائيلي الخطير، في مطار المزة العسكري الذي رسم سريعا مخاوف الدخول الاسرائيلي على خط الحل بصيغة الحرب ومخاوف من الصمت الروسي إزاء ذلك ، وقد قرأت التحليلات الرسمية السورية هذا المستجد في سياقه، أي في ضوء عمليات الجيش في وادي بردى.

وعمليات وادي بردى تبدو هنا على غاية الأهمية، لا لأنها مأساة تتعلق بمياه الشرب وصفتها الأمم المتحدة بجريمة حرب، ولا لأن الصراع في ذلك الوادي السحري يحتاج إلى حساسية خاصة، بل لأن المشهد كان يأخذ تلقائيا إلى مائدة التفاوض، فبإمكان موضوع الماء أن يفرض شروطه ويحقق منجزا ما عشية أستانة.

والغريب في الأمر، أن مجموع السكان لايريدون استخدام الماء مع أهلهم في دمشق، وتحولت المسألة إلى صراع في الوادي، هذا الصراع الذي أسفر عن اغتيال اللواء أحمد الغضبان الذي اشتغل على المصالحة وهو لواء متقاعد كان قائدا للفرقة 14 ثم تقاعد وقدم نفسه على مذبح المصالحة؟!

من قتل اللواء الغضبان قنصا؟! وما هو البعد الاقليمي للحدث وتبعاته؟!!

ثم ماهي الرسالة التي بعث بها منفذو هذا الاغتيال إلى أستانة بعد أن طردوا ورشات الإصلاح فعادت دمشق ترنو إلى سراب الحل المائي!!

ومن المعطيات المثيرة للانتباه ذلك التفجير الانتحاري ، الذي وقع في حي كفرسوسة الدمشقي وأودى بحياة ثمانية أشخاص ودحرج على الأرض أجساد العشرات، ومن المهم هنا التفسير، وليس السؤال، فالجميع يؤكد أن تفجيرا انتحاريا من هذا النوع لايمكنه قراءته إلى من خلال رسائل الحرب الأخيرة التي يرسلها المتورطون فيها!

ماذا سيحصل في الأيام القادمة؟ هل يمكن أن نفاجأ بتطورات من هذا النوع تحاول تغيير اتجاه المكاسرة؟

السوريون يتوقعون تصعيدا نوعيا على كل الجبهات، بدءا من حلب ووصولا إلى درعا والسويداء، ومرورا بدير الزور والحسكة وتدمر وحمص وحماه.. بل ويتوقعون أيضا هجمات انتحارية إرهابية دموية قاسية، وثمة من يقرأ هذا النوع من التصعيد بوضوح على أنه إقليمي، فيما الجهات الرسمية تقرأه على أنه محاولة لاجهاض انتصارات تحدث على الأرض!

كل شيء وارد، إلا أن منطق الحسابات يفرض نفسه :

كان كل شيء يحسب بدقة؟!

لابد من الذهاب بعيدا في الاجابة، لأن ست سنوات من الحرب لم تكن كافية للتشفي بين أطراف الصراع وتداخلاتها، لذلك كان يجب حقن هذه الأطراف بمهدئات ضرورية تمهد لتنازلات ترد ماء الوجه لكل من تورط : والتنازلات في القضية السورية يمكن أن تنقذ سورية، ويمكن أن تمسح وجوه المنطقة بيد الرحمن.. وذلك هو دعاء السوريين!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى