حفلات توقيع الكتب في دمشق : نبيذ ومَنّْ وسلوى وشوكولاه ورقص !
تحقيق خاص
حفلت فعاليات السنة المنصرمة الثقافية بعشرات الحفلات المتعلقة بتوقيع الكتب من روايات ودواوين شعرية ونقد، ناهيك عن حفلات التوقيع التي شهدها معرض الكتاب في مكتبة الأسد ، والتي بلغت ستين كتاباً كما أفاد بذلك المدير العام لمكتبة الأسد إياد مرشد لموقع بوابة الشرق الأوسط الجديدة.
وقد تميزت أغلب هذه الحفلات بحضور كثيف من الوسط الثقافي والفني والشعبي كما حصل في توقيع رواية القطار الأزرق في قاعة المحاضرات في مكتبة الأسد والكتاب النقدي حفرة الأعمى للكاتب الروائي خليل صويلح والديوان الجديد للشاعر الكبير شوقي بغدادي ورواية يعرب العيسى ورواية جولة في العشق لأصغر كاتبة سورية ورواية قيود على القلب للكاتب أحمد علي البيطار.
واللافت في حفلات التوقيع هو السخاء في تقديم الضيافة للراغبين في اقتناء الكتب ، وقد بلغ هذا السخاء حداً ملفتا في تقديم النبيذ والمن والسلوى والشوكولاه والعصير والحلويات الثمينة، مما طرح تساؤلات عديدة حول هذه الظاهرة، التي تنبئ بحركة ثقافية ناهضة، وملامح جديدة على طريقة التعاطي الثقافي، التي وصلت في حفل توقيع أحد الدواوين الشعرية للشاعرة هناء الداوودي إلى حد تقديم غناء لنجاة الصغيرة وأم كلثوم ناهيك عن حلقات رقص أثناء التوقيع .
وقد طرح موقع بوابة الشرق الأوسط الجديدة تساؤلات حول هذا السخاء، فاختلفت الأجوبة ، وراوحت بين التأييد والرفض ، وجاء في الإجابات :
الدكتورة نهلة عيسى:
أعتقد أن الطقوس التي ترافق بعض حفلات توقيع الكتب هي نوع من التقليد لحفلات توقيع الكتب في الغرب، والتي هي نوع من أنواع الدعاية والترويج والإعلام للكتاب الصادر، المستهدف فيه النخبة الإعلامية أولآ باعتبارها من يفترض أن تكتب وتنقد وتلقي الضوء على الكتاب، ومن ثم النخبة الثقافية باعتبارها الحاضن المشرع للإبداع الأدبي.
ولذلك من حيث الشكل هذه الحفلات هي حفلات علاقات عامة وإعلان بامتياز، أما من حيث المضمون فلا أرى فيها عيبآ، إذ ما المانع في أن يحتفى بالكتاب وصناعه في وقت سادت فيه قيم الركاكة والتفاهة والغثاثة معظم تفاصيل حياتنا، بينما توارى أصحاب الكلمة خلف سحب داكنة من التهميش والتقليل والسخرية باعتبار القلم على حد تعبير العامة ما بيطعمي خبز.
الكاتب الدرامي إلياس الحاج :
الضيافات شكل استعراض البعض ليكسبوا طعم التصفيق والمديح.. (طعمي التم والباقي معروف )، اعتقد حبة ملبس تكفي إن رغب صاحب أو صاحبة المناسبة… واعتقد ان الظواهر الاجتماعية القادمة ربما ستأتي بمناسبة حفل ديجه أو مع مطرب قدود حلبية او اغاني فلكلورية شعبية او تسويق المطرب النشاذ في حفل عشاء توقيع كتاب بلا معنى … دمتم للفكر والأدب والمعنى .
الشاعرة هيلانة عطا الله :
إذا كان الشاعر/ الشاعرة المحتفى بكتابه شاعراً حقيقياً فإنني أعتبر ضيافته احتراماً واحتفاءً بالحاضرين، وإذا لا فإني أعتبرها استجداء بل رشوى..
وأحيانا أستغرب نفقات حفلات التوقيع التي صارت من الابتذال بمكان .. واستنكر ما تفعله بعض القامات الأدبية حين تقدم قراءاتها في حفلات التوقيع لشاعرة ليس لها علاقة بالشعر ..
الشاعر نعيم علي ميا :
أظن لا داعي لها فالأمر أهم بكثير ألا وهو تقديم وجبة فكرية معرفية جديدة
الروائية فريال زيدان :
موضوع الضيافة أعتبره شيء شخصي ، ولا يوجد هناك قاعدة عامة يُستند عليها
فهو يتبع لعدة اعتبارات منها مزاج الشخص وظروفه الاقتصادية وأحيانا المكان والأشخاص المدعويين والكثير من القضايا
الروائية والشاعرة أسمهان حلواني : أنا أميل للكلاسيك الشوكولاه
الشاعر سليمان السلمان : نريد سندويش شاورما
الدكتور راتب سكر : احب ذلك، لذلك أنا عاتب على منظمي هذه الحفلات لتغافلهم عن دعوتي اليها…
الناقد نذر جعفر : حفلات توقيع الكتب من الطقوس المهمة في الاحتفاء بالكتاب الجديد وكاتبه أيضا وهي إعلان ثقافي واجتماعي يسهم في التسويق والانتشار ومن البدهي أن تترافق هذه الطقوس بنوع أو أكثر من الضيافات تعبيرا عن فرحة الكاتب بإصداره وارى ان تلك الضيافات تكسر رتابة الحفل ورسميته من جهة وتعزز حميمية اللقاء بين الكاتب وجمهوره من جهة ثانية وتُستقبل بروح إيجابية من الحضور.
الشاعر محمد عيسى : أنا مع النبيذ ولا بأس إذا في شنكليش
الروائية نداء حسين : أنا ضد هذه المظاهر و أكرهها جداً…و بسببها لم أعمل أية حفلة توقيع في أي مكان ..أفضل أن أهدي الرواية لإنسان بسيط لتقرأها بناته على أن أبذخ في حفلة توقيع كلها مظاهر واستعراض ..
فليجمعوا ثمن هذه الضيافات ويوزعوها على الفقراء أليس ذلك أفضل ياصديقي ؟
وفي كل الأحوال…لكل إنسان حريته ورأيه
الشاعر أكرم الصالح الحسين : مهما كان النوع ، أعتقد أن من الأفضل أن يكون ذلك على حساب الأصدقاء المقربين من الشاعر كنوع من المساهمة أو التكاتف الإبداعي ، ورأي ان لا تتجاوز قطعة شوكولاه فمن أتى، أتى ليفرح مع صديق أو أديب وخاصة في هذه الأوضاع التي تمر بها بلادنا
الشاعر علوش العساف: في هذه الظروف القاهرة أنا ضد كل أنواع الضيافات…
هل تصدق أنا لم أحتفل بتوقيع الديوان الصادر عن الهيئة السورية للكتاب كوني لا أملك ثمن الضيافة الذي قد يصل الى ثلاثين الف في حين أنا لم اقبض مكافأة من الهيئة تصل إلى ثلاثين ألفاً.
الشاعر حسام منصور : النبيذ مستبعد حكما أما باقي الضيافة على حسب إمكانية المضيف، ويفضل الابتعاد عن السوائل
الروائي سهيل الذيب :
ليتها تعمم بل الأحسن أن تكون من شروط المراكز لإقامة الحفلات هذه فهي تضيف بهجة وسعادة للضيوف. وأقترح أن يصار بعد الحفلة إلى حفلة أخرى في احد المطاعم لتكتمل الفرحة ويكتمل (القضاء على الكاتب) آسف الاحتفال بالكاتب وهنا يمكن تضييف النبيذ ووسائل السكر الأخرى وبذلك نسعى إلى نشر الفرح في ربوع البلاد ونستبدل حالة الكآبة الدائمة بحالة سعادة مستدامة. وفي الحقيقة أنا مع إجبار إدارات المراكز على القيام بواجب التضييف من قهوة وشاي وغيرها من المشروبات .
الكاتب جمال سعيد الزعبي : في الحقيقة لم أعد استطع التفريق بين ماهية دوافع ومبررات إقامة حفلات توقيع الكتاب و الدور الثقافي والبعد التجاري التسويقي وظهور بُعد ثالث غريب والمتمثل بالبهرجة والتفاهة وإقامة احتفال لمنتج فارغ من الداخل، وأنا أرى أن الغاية النبيلة لإقامة حفل توقيع منتج إبداعي في الشعر أو القصة أو الرواية أو العلمية ما هي إلا فرصة لالتقاء القارئ مع الكاتب عن قرب للتعرف على إنتاجه الإبداعي .
أما الضيافة ونوعها فأنا أرى أنها في معظم الأحيان تتناسب عكسا مع قيمة المنتج الأدبي أو العلمي ، فكلما كان الكاتب وإنتاجه مهماً ومميزاً تكون الضيافة متواضعة تقتصر على تقديم القهوة وقصعة شوكولاه أو حبة سكاكر فقط . أما إذا كان المنتج الأدبي متواضعا ولا يقدم إضافة جوهرية للمكتبة تكون الضيافة من النوع الفاخر تضم كل أنواع الحلويات والمشروبات مع حفلة رقص وغناء لتعويض النقص الحاد في قيمة المنتج المعرفية . أخيرا أقول بأن جوهر المنتج الثقافي الجيد يغني عن حلويات العالم .