حقائق المنطقة أقوى من تنبوأت كيسنجر!!
تخوف كاتب متابع مما قاله كيسنجر الأسبوع الماضي في مقابلة له مع الصنداي تايمز( هناك احداث خطيرة ينتظرها الشرق الاوسط قريباً). . في فكر كيسنجر أساس الشرق الاوسط إسرائيل، لذلك من المنطقي أن يفهم من تحذيره أن الأحداث الخطيرة التي يتحدث عنها أو يتنبأ بها أو يحذر منها تتعلق بإسرائيل ومنها وحولها. فهل المنطقة مرشحة للحرب الخطيرة بناء على تكهنات كسنجر ؟؟ وهل تسمح أمريكا بمثل هذا الخطر وهي تحاول لملمة ما يجري في أوكرانيا؟؟ ثم ماذا عن العرب واستعداداتهم لردع مثل هذه الخطورة؟؟
من متابعة معنى الأحداث الأخيرة في المنطقة يزداد التوجس مما يتنبأ به كيسنجر، حيث هناك من رأى في إرسال إسرائيل الباخرة اليونانية للتنقيب في المياه المتنازع عليها مع لبنان وإعلان حمايتها بالقبة الحديدية، و تحذير السيد حسن نصر الله لإسرائيل بأن المقاومة تحمي الحقوق اللبنانية، مع ما فهمته إسرائيل من الطريقة التي ختم فيها خطابه الأخير عندما قال (يا الله . . ) واعتبرتها تل أبيب أمر انطلاق عملياتي رد عليه رئيس الأركان الإسرائيلي بأن رد إسرائيل سيكون مزلزلاً، وأن الاهداف ستشمل القيادة، ومخازن الصواريخ، والبنية التحتية. و أن الاحداثيات محملة وجاهزة للعمل. أجواء حرب مطروحة بسبب المياه والغاز فيها و ممتدة إلى البر والبنية التحتية. إسرائيل تهدد والمقاومة تتوعد. والشعب اللبناني المعتر والمنهوب لا تنقصه الحرب وويلاتها.
من جهة أخرى اعلنت إسرائيل وبكل وقاحة تصعيد عدوانها على سوريا بتهديد الدولة السورية بان مواقعها باتت مستهدفة مع القواعد الإيرانية. وجاء قصف مطار دمشق الدولي وتعطيل العمل فيه كعربون لهذه الاستراتيجية الجديدة التي سماها رئيس الوزراء الإسرائيلي (الأخطبوط). وطبعاً القيادة السورية وبالتنسيق مع حلفائها إيران وروسيا وحزب الله تلقت الرسالة وتحضر حتماً للتعامل معها بما يناسب ردها و بما يتلاءم مع الظروف والقدرات المتوفرة. أي أنها حالة حرب كامنة وتل أبيب تنفخ في جمرها المحفوظ تحت الرماد منذ سنين.
كما لم يتأخر أردوغان عن المشاركة في هذا السوق العدواني، ومن العملية العسكرية الت ي يهدد فيها باحتلال 30 كيلو متر في عمق الأراضي السورية بحجة المنطقة الآمنة. ورد الرئيس الأسد بأن الدولة السورية ستواجه هذا الاحتلال، وأن المقاومة الشعبية السورية سترد عليه وتطرده. كل ذلك يعيد إشعال الحرب في سوريا ولكن بعدوان سافر من أردوغان مع تحريك جديد لداعش في البادية. وهذا ما يعيد السوريين إلى حالة الحرب وهم يعانون من الحرب الاقتصادية الخانقة لحياتهم ومعاشهم.
كل هذه المخاطر تتشابك في إطارها الأدوار الدولية والإقليميه. روسيا معروف مدى علاقتها بإسرائيل و بالاكراد في شمال سوريا. و معروفة علاقتها بأردوغان. كما من المعروف حرصها على استقرار لبنان و مؤكد تحالفها مع الدولة السورية.. ولكن كيف سيؤثر إنخراطها في أوكرانيا على فعالياتها في المنطقة وفي وقف الحرب أو منع تدحرج الأحداث الخطيرة فيها؟؟ كذلك فإن أمريكا الملتزمة بأمن ومصالح إسرائيل والمحتاجة لدور تركيا في الناتو وفي أوكرانيا، ماذا تفعل؟ وماذا ستفعل تجاه المنطقة؟ وهي المنشغلة بأمن أوروبا بسبب أوكرانيا، و المتوجسة من النموالصيني المهدد لها .وماذا سيفعل رئيسها بايدن في زيارته للمنطقة قادماً من إسرائيل إلى الخليج. هل سيقيم الناتو العربي في وجه إيران من جديد؟؟ وإن كان سيضمن للخليج آمنه تجاه إيران فماذا عن أمن المنطقة تجاه إسرائيل؟؟؟
في ظل الأوضاع الراهنة من حرب أوكرانيا الساخنة إلى الحرب الفاترة مع الصين تبقى المنطقة العربية متروكة لمصيرها إلا إذا عرف الخليج استثمار حاجة الغرب إلى نفطه و غازه وجعل من تعاونه في مجال تزويد أوروبا بالطاقة مشروط بتحقيق أمن المنطقة ومنع إسرائيل من عدوانها واشعالها الحرب فيها.
حقائق ما يختلج في المنطقة من مخاطر أقوى من تكهنات كيسنجر وأمثاله من العرافين الاميركيين.