حقوق حلب المنسية في مصباح علاء الدين
منذ اسبوع بدأ عرض فيلم Alaadin في الولايات المتحدة، من إنتاج شركة “ديزني” العريقة، مأخوذ عن عمل كرتوني شهير يحمل نفس الاسم، عُرض في مطلع التسعينيات. النسخة الكرتونية حصدت أرباح خيالية وصلت إلى نصف مليون دولار في حينها والنسخة الجديدة من الفيلم نالت 113 مليون دولار في الأسبوع الأول لعرضه. كلا الفيلمين طبعاً مأخوذ عن قصة “علاء الدين والمصباح السحري” التي نعرفها جيداً من سلسلة “ألف ليلة وليلة.”
ما لم تذكره الشركة المنتجة، ولا يذكره الاعلام (العربي أو ألأجنبي) هو أن صاحب قصة “علاء الدين” هو القاص السوري حنا دياب، أحد أبناء مدينة حلب. تعرف على مبعوث الملك لويس الرابع عشر الذي كان يزور حلب بحثاً عن التحف والسجاد للقصور الملكية الفرنسية، وسافر معه إلى باريس ليعمل مترجماً عام 1708.
لحنا دياب مذكرات يومية، مكتوبة بخط اليد ومحفوظة بمكتبة الفاتيكان، وضعها وهو في سن الخامسة والسبعين عام 1763. يقول فيها أنه بدأ يروى القصص والنوادر، المأخوذة من الحياة اليومية في حلب، على مستمعين فرنسيين، وكان أحدهم المستشرق المعروف أنطوان غولاند، الذي ترجم “ألف ليلة وليلة” إلى اللغة الفرنسية بعد صدور النسخة الانكليزية عام 1706.
إحدى قصص حنا دياب كانت عن الفتى اليتيم “علاء الدين” الذي يخرج المصباح السحري من كهف العجائب ويتزوج من ابنة الامبراطور، بدر البدور. مزج فيها بين والواقع والخيال، وأدخل الكثير من مشاهداته اليومية في حلب على القصة، عندما رواها للمستشرق الفرنسي، بحسب المذكرات، يوم 5 أيار 1709. أعجب بها الأخير وأدرجها في النسخة الفرنسية من الكتاب، للتترجم لاحقاً إلى اللغة العربية. وبعدها قص عليه قصة “علي بابا والأربعين حرامي” التي صارت أيضاً من الكلاسيكيات العالمية.
لو خرج حنا دياب من قبره، لوجد أن قصصه الخرافية قد تحولت إلى واقع، وتحولت معها مدينته حلب إلى كهفاً حقيقياً للعجائب وصار فيها مليون حرامي لا أربعون فقط.
السؤال الأول هو عن سبب التعتيم الطويل والممنهج على حنا دياب، التي باتت قصصه من أشهر القصص الشعبية والخيالية في العالم؟
هل هو جهل ممنهج منهم أم تغيب مقصود من طرفهم وجهل مطلق من طرفنا نحن العرب؟ سطر واحد بمقدمة النسخة الفرنسية من “ألف ليلة وليلة” كانت تكفي لاعطاء الرجل حقه ولكنها غابت عنها وعن الأفلام التي تلتها.
ثانياً، ما سر هذا اللعب بالأسماء العربية؟ متى أصبح “علاء الدين” Alaadin وصار “صلاح الدين” Saladin، وتحول “ابن رشد” إلىAverroes وسمي “ابن سينا” Avicenna؟ لقد أعطيناهم أفضل ما لدينا من علوم…ورواة…لتتحول أسمائنا في كتبهم وأفلامهم إلى أسماء لاتينية، وتبقى الأسماء العربية الصافيه مخصصة في كتبهم فقط للارهابيين. فلماذا لم يغيروا اسم “أسامة بن لادن” ويعطوه اسم لاتيني؟ أو “أبو بكر البغدادي” أو “أبو محمد الجولاني؟”
ثالثاً، لماذا لا يعرف أحد شيئ عن حنا دياب ولماذا مذكراته موجودة في الفاتيكان؟ هو عاد إلى حلب وعمل في التجارة وتوفي هناك، فكيف وصلت مذكراته إلى الفاتيكان؟ لماذا لا يذكر إلى جانب الققصين المعاصرين السوريين أمثال عبد السلام العجيلي وغادة السمان وألفت الإدلبي؟
كان انفع لنا “استرداد” حنا دياب كأحد اشهر رواة العالم عبر التاريخ قبل أن نسعى وراء أكبر قرص فلافل في العالم، مثلاً أو أكبر وعاء “تبولة.”