حق الفيتو . ولعنة التسلط (نضال سعد الدين قوشحة)

نضال سعد الدين قوشحة

 

معلوم أن الهيئة العامة للأمم المتحدة قد تأسست على أنقاض عصبة الأمم المتحدة، بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها ، بانتصار الحلفاء على دول المحور، هذه الهيئة كرست واقعا سياسيا محددا ، تعامل بمكيال الرابح والخاسر سياسيا ، حتى مع الدول التي لم تكن طرفا مباشرا بالحرب . وكما العادة اقتنص الغرب الفرصة ، بذهنيته الاستعمارية ووضع كل ثقله لكي يصنع من خلال قانون سياسي دولي ، نظاما سياسيا يخدم أهدافه ويضعه في موقف المتحكم بالعالم والمهيمن عليه . وهذا ماكان فعلا ، حتى رغم إنضمام دولة يفترض أنها مناقضة إيديولوجيا وهي الإتحاد السوفيتي . أما الصين فلم تكن شيوعية عند إقرار هذا القانون . الذي يمثل حاليا الشرعة الدولية .
في هذا النظام السياسي الظالم ، أوجدت الدول الكبرى حينها ، ما يسمى " حق النقض " الفيتو . الذي تستطيع من خلاله مخالفة الرأي مع كل دول العالم مجتمعة  ، والأهم بأنها تسبغ على هذا الرأي صفة الشرعية الدولية مهما خالف هذا الموقف أو التصرف أبسط القوانين الوضعية ، المقررة لحماية الدول أو الأفراد .
فيكفي لدولة ما ، مهما صغر حجمها ، أو تطرف موقفها من مسألة ، أن تقنع دولة عظمى برؤيتها ، وتصبح بالتالي فوق القانون الدولي .
ما يسمى بحق النقض ، هو سياسة قمعية تمارسها دول طاغية على دول العالم وخاصة الضعيفة منها ، وهذا المسمى ، يجعل من المجتمع الإنساني أكثر وحشية من تجمع الغابة . والمهزلة في هذا المسمى لا تكمن هنا فحسب ، بل هي موجودة حتى في نطاق إمتلاكه ، الذي بني على حيثيات الربح والخسارة منذ ستين عاما . فهل من المعقول أن دولة كالهند ، التي يقارب عدد سكانها عن 1،5 مليار نسمة ألا يكون لها هذا المسمى ، وكذلك البرازيل وجنوب افريقيا . وغيرهم . بل هل من المعقول ألا يكون لدولة كألمانية وهي قاطرة الاقتصاد الأوروبي وكذلك اليابان ثاني أكبر اقتصاد في العالم هذا المسمى .
أليس معيبا أن تلغي قرارات صدرت عن هذه الهيئة شعبا من الوجود ، وتضع بديلا عنه مجموعة من اللصوص في وطنه . والمقصود طبعا أرض فلسطين العربية ، أليس معيبا أن يستفيد الكيان الصهيوني من هذه الهيئة ويكون بموجب مسمى حق النقض فوق القانون الدولي لمدة تقارب الستين عاما .
لابد لهذا النظام السياسي العالمي أن يتغير ، ويجب على الدول الفقيرة والضعيفة أن تضع الخطط السياسية الموحدة والفاعلة للخروج من هذا الوضع الذي يجعلها مستلبة الإرادة من قبل الدول الكبرى . ولو أدى الأمر مثلا لإنسحاب هذه الدول من هذه الهيئة وتشكيل منظمات إقليمية أو عالمية بديلة تحقق طموحات شعوب العالم بعدل أكثر .
هذا التسلط مازال موجودا ، ويجب أن ينتهي وإلا فإن موجة ربيع ستكتسح هذه المنظمة، والزمن كفيل بتقديم مصداقية هذا الكلام . الدول الكبرى سترفض التغيير، لكن قوة الربيع العالمي سوف تربح الجولة وتصنع ربيعا قادما في معقل اللاشرعية الدولية . قد يحتاج الأمر وقتا ، لكن الربيع آت .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى