حكاية مثيرة اسمها (الصراع مع الدولار): هل هزمت الليرة السورية خصمها العنيد؟!
خاص
اتهم حاكم مصرف سوريا المركزي أديب ميالة قوى خارجية بمحاولة ضرب الاقتصاد السوري، وأوضح في تصريحات بثتها قناة الميادين اللبنانية أنّ تراجع سعر الليرة السورية في الفترة الأخيرة يرجع إلى محاولات خارجية لضرب الاقتصاد السوري ولا يتعلّق بآليات السوق الطبيعية.
جاء ذلك إثر المكاسرة الحدية التي وقعت خلال الأسابيع الماضية بين الليرة السورية والدولار، والتي فاجأت السوريين بحدثين مدهشين، الأول هو الارتفاع المفاجئ لسعر صرف الدولار الذي حصل في التاسع من أيار الماضي حيث انخفض سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي بشكل غير مسبوق، ليصبح اقل بـ13 مرة عما كان عليه قبل بدء الحرب قبل أكثر من خمس سنوات (( وصل سعر صرف الدولار إلى 625 ليرة سورية في السوق السوداء في وقت حدد المصرف المركزي سعر صرف الدولار بـ512 ليرة)).
أما الحدث الثاني، وجاء بعد أقل من شهر على الحدث الأول، فهو تقهقر سعر الدولار أمام الليرة بطريقة أذهلت السوررين، ووصل فيها سعر الدولار إلى أقل من 500 ليرة .. وتعود الحيوية التي وصلت إليها قيمة الليرة السورية إلى عملية التدخل التي يقوم فيها المصرف المركزي السوري في سوق القطع الأجنبي يوميا عبر المصارف وشركات الصرافة.
والغريب أن مصادر دولية كانت أشاعت قبل أكثر من شهر أن الاحتياطي المالي من القطع الأجنبي انخفض في سورية إلى حد كبير، فأعلن البنك الدولي في نيسان الماضي انهيار احتياطي المصرف المركزي السوري من العملات الاجنبية بحيث تراجع من 20 مليار دولار (17 مليار يورو) قبل النزاع الى 700 مليون دولار (616 مليون يورو).
وقد نفى المصرف المركزي السوري ذلك ، متهما البنك الدولي بالمشاركة بالحملة على سورية، وذكر بيان نشرته وكالة سانا السورية أن ((الهدف من الحملة الشرسة ضد سورية واقتصادها وليرتها، هو زعزعة ثقة المواطنين بعملتهم، وإثارة الخوف والهلع لديهم، بشأن مسار سعر الصرف المستقبلي، خاصة خلال هذه المرحلة التي تشهد انتصارات عسكرية كبيرة يحققها الجيش العربي السوري على الأرض، في مختلف المحافظات، إضافة إلى الانتصارات الدبلوماسية والسياسية التي تحققت”))
وأشار البيان الى ان :”ما ورد في التقرير المذكور للبنك الدولي يشير إلى انخفاض، وليس انهيار الاحتياطيات الأجنبية، هذا إلى جانب ما ذكره التقرير لجهة أن الأرقام الواردة في متنه هي أرقام تقديرية، حيث لا يتوافر لديه أي بيانات حقيقية تتعلق باحتياطيات القطع الأجنبي في سورية”.
وفي آخر تصريحات لرئيس الحكومة السورية، التي ستتحول بعد أيام إلى حكومة لتصريف الأعمال بسبب مباشرة مجلس الشعب الجديد لأعماله، اعتبر الحلقي أن عمليات التدخل الجديدة التي اتخذها مصرف سورية المركزي ومجلس النقد والتسليف ساهمت بتعزيز صمود الليرة السورية ما أدى إلى تحسن ملحوظ وكبير بسعر صرفها أمام الدولار وزيادة الطلب عليها وتهافت المتعاملين على بيع الدولار خوفاً من تسجيل تحسن جديد في سعر صرف الليرة السورية. وأكد الحلقي “أن استقرار سعر صرف الليرة السورية من أولويات الحكومة وتحسنه يجب أن ينعكس على واقع الأسعار” موجها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك للاستمرار في تعزيز إجراءاتها لضبط واقع الأسعار في السوق وتأمين تشكيلة سلعية في مؤسسات التدخل الإيجابي وتكاتف جميع الجهات المعنية لمحاربة ظاهرة التهريب وإغلاق المنافذ التي تبيع مواد مهربة ومحاسبتها.
وقد رصدت الصحف السورية انعكاس التحسن الأخير لسعر صرف الليرة على الأسواق، فلم يكن هذا الانعكاس ميكانيكيا، بل إن أصواتا من المحلات التجارية كانت تطالب المواطنين بالعودة إلى التلفزيون ليقدم لهم البضائع الرخيصة ، وفي آخر تقرير نشرته صحيفة تشرين للصحفي محمد حنورة، نقرأ حرفيا : ((روح اشتري من التلفزيون، هذه العبارة التي يطلقها التجار والباعة في وجه المواطن من أبناء حلب عندما يخبرهم بانخفاض سعر الصرف ويجب تخفيض سعر المواد والبضائع فيجيب البائع ان «الدولار» مازال مرتفعا فيرد المواطن إن السعر على الانترنت والمواقع الإخبارية قد انخفض، وان الحكومة قد أعلنت عبر وسائل الإعلام عن انخفاض في أسعار السكر والسمنة والرز … فيجيب البائع اذهب واشتر من التلفزيون والانترنت))
وهذا يعني أن الحكومة ستكون في الساعات القادمة أمام مواجهة صعبة مع الأسواق التي تتعنت في الانصياع للأسعار الجديدة، وقد نقلت تشرين عن احد تجار الجملة شرحا تحدث فيه عن أسباب عدم انخفاض الأسعار وأهمها قلة المعروض من السلع في الأسواق فلاتزال البضائع بشكل عام والمواد الغذائية بشكل خاص يتم توريدها إلى حلب بكميات قليلة تكفي لمدة أسبوع او عشرة أيام في أفضل الأوقات يضاف إلى ذلك أجور النقل المرتفعة وخاصة للبضائع المستوردة وتصديق المواطن الشائعات والمضاربات حول سعر صرف الدولار وما ينتج عنه من ربط سعر باقة البقدونس وصولا إلى ثمن السيارة والمنزل به.
وفيما يخص مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حلب لم تقم بوضع نشرة أسعار جديدة تتواكب مع الواقع الاقتصادي الجديد ، وفي تقرير آخر نقرأ أن للصحفي جمال حمامة أن تأثيرا خجولا تركه تحسن سعر صرف الليرة وقوتها الشرائية على الأسعار وعملية البيع والشراء على الرغم مما قام به مصرف سورية المركزي من خطوات وإجراءات للتدخل في سوق القطع تهدف إلى إعادة التوازن إلى الليرة السورية واسترداد قوتها.
في صحيفة الثورة اهتمت الصحفية رولا عيسى بالاجراءات التي تقوم بها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك فنقلت عن الوزير جمال شاهين تشديده على ضرورة اتخاذ جميع الترتيبات التي تضمن تدفق وانسياب السلع إلى الأسواق ومنافذ البيع بشكل صحيح وبيسر وسهولة والحيلولة دون حصول أي نقص في أي سلعة.
وضمن استعدادات الوزارة ومؤسساتها فقد أعلنت المؤسسة العامة الاستهلاكية والمؤسسة العامة للخزن والتسويق ومؤسسة سندس بيع المواد الغذائية والمنظفات بسعر التكلفة اعتباراً من بداية شهر رمضان المبارك وتوفير تشكيلة واسعة من السلع الغذائية وطرح سلل رمضان الغذائية بأسعار مخفضة أيضاً.مدير عام المؤسسة العامة الاستهلاكية المهندس عمار محمد بين أن مؤسسات التدخل الإيجابي ستقوم أيضاً بتسيير سيارات جوالة تحمل السلع والمواد الغذائية والاستهلاكية الضرورية إلى المناطق والأحياء التي لا توجد فيها صالات ومنافذ بيع .