حكايتان
حكايتان:
ـ 1 ـ
خرج أبو جعفر المنصورـ الخليفة العباسي، إلى الحج. فقال لابن عمه عيسى موسى بن عبد الله بن العباس: انت تعلم أن الخلافة صائرة إليك. وأريد أن أسلّم لك عمي وعمك “عبد الله بن علي” فتقتله.
فاستدعى عيسى بن موسى كاتبه وقال له: إن المنصور أمر بقتل عمّه. فقال الكاتب: لا تفعل. إنما يريد أن يقتلك به. لقد أمرك بذلك سراً ، وسيدّعي عليك به علانية. والرأي أن تستره في منزلك. فإن طلبه منك علانية دفعته إليه.
ورجع المنصور من الحج. فحرّك عمومته لكي يطالبوا بأن يهب لهم أخاهم عبد الله ففعلوا ذلك واستشفعوه. فطلب عيسى بن موسى فأتاه. قال له: يا عيسى، كنت قد دفعت إليك عمي وعمك عبد الله قبل خروجي إلى الحج ، وأمرتك أن يكون في منزلك مكرّماً. فقال: قد فعلت ذلك. قال: كلّمني فيه عمومتك، فرأيت الصفح عنه، فأتني به. قال: يا أمير المؤمنين، ألم تأمرني بقتله؟ قال: لا، بل أمرتك بحبسه عندك.
ثم اتجه المنصور إلى عمومته: إن هذا أقرّ لكم بقتل أخيكم وادّعى أني أمرته بذلك وقد كذب. فقالوا: اتركه لنا نقتله. قال: هذا شأنكم.
أخرجوه إلى صحن الدار، واجتمع الناس ، فقام واحدهم وشهر سيفه. فقال عيسى: لا تتعجلوا. إن عمي حي. فأخذوه إلى الخليفة المنصور فقال: يا أمير المؤمنين، إنما أردت بقتله قتلي. هذا عمّك حيّ إن أمرتني بدفعه إليهم دفعته. فقال الخليفة: ؟ أتني به… فأتى به، فوضعه في بيت آيل للسقوط فسقط عليه السقف… فمات.
وذات يوم سأل المنصور ابن عمه فقال: هل تعرف ثلاثة في أول أسمائهم حرف “عين” قُتلوا ؟ قال: لا أعرف إلا ما تقول العامة يا أمير المؤمنين:
علي بن أبي طالب،وعثمان بن عفان ، وسقط البيت على عم أمير المؤمنين.
ضحك المنصور وقال: إذا سقط البيت على عمّي، فما ذنبي؟ قال: ما قلت لك ذنب يا امير المؤمنين!
ـ 2 ـ
منذ قرأت رواية جرجي زيدان، في سلسلة تاريخ الإسلام عن :أبو مسلم الخراساني” وأنا أتتبع مختلف الروايات التاريخية عن حضوره ودوره ومقتله.
بالطبع لم يكن الموضوع يشغلني، إلا من زاوية الصراعات في السلطة، وعلى السلطة، حيث تستخدم كل الممنوعات والمحرمات في الارتكابات حين تخص المسألة السلطة.
أبو مسلم الخرساني أحد القادة المؤسسين في استيلاء العباسيين على السلطة من الأمويين، كان قائداً مهماً جداً رغم صغرسنه ، وكان ينظرإليه كقائد محتمل بديلاً للخليفة أبوجعفر المنصور، الأمر الذي أدى إلى استدراجه إلى كمين في قصرالخلافة، حيث قطعته السيوف.