حكمة بائع البالونات !!

خاص بموقع ( بوابة الشرق الأوسط الجديدة )

في إحدى ولايات أمريكا وفي حديقة عامة وقف بائع بالونات ليبيع بالوناته للأطفال ، ولمّا لم يتقدم أحدهم ، بدأ بإطلاق بالوناته الملونة لتطير وترتفع عالياً في السماء وبذلك يلفت إنتباه الأطفال فينجذبوا إلى مكان وجوده !!

وكان في كل مرة يطلق بالوناً بلون مختلف منها الأحمر والأصفر والأخضر.. وهكذا ، وبينما هو كذلك بدأ الأطفال يتوافدون إليه وكان من بينهم طفل زنجي اِقترب من صاحب البالونات وجذبه من معطفه ناظراً إليه بعينين يملؤهما الشك !! وقال له : أخبرني ياعم لو أنك أطلقت بالوناً أسود هل سيطير ويرتفع مثل باقي البالونات ؟؟

فهم بائع البالونات بخبرته في الحياة وذكائه مقصد الطفل الزنجي من السؤال فانحنى إليه ناظراً إلى عينيه بنظرة قوية واثقة ثاقبة قائلاً :

” يابني إنّ البالونات تطير وترتفع بفعل كمية الأوكسجين التي بداخلها وليس بفعل لونها الخارجي !!

خرقت نظرته عقل الطفل الزنجي الذي فهم من جملة واحدة مئات المعاني والعِبر ..!!

نعم .. !! لقد أدرك أنه لن ترتفع وتسمو بلون بشرتك أو جنسيتك أو غناك أو فقرك أو بشكلك الخارجي طويلاً كنت أم قصيراً ، جميلاً أم لا !!

فهم أنك لن ترتفع وتسمو في هذه الحياة بفعل حسب أو نسب أو أو .. الخ. ولله در الإمام علي كرم الله وجهه إذ قال :

يُغنيكَ محمودهُ عنِ النسب
كن ابن من شئتَ واكتسب أدبا
ليس الفتى من يقولُ كان أبي
إن الفتى من يقولُ ها أنا ذا

إذن فحسبك ونسبك وغناك ووو ..الخ ؛ أمور تصنعها بنفسك ومن خلال الأرصدة المعنوية التي تحملها بداخلك ، والتي كلما زادت كلما ارتفعت وسموت بين البشر وارتقيت !!

ولكن ماهي هذه الأرصدة المعنوية ؟؟

هي قوة إيمانك بالله عزوجل ويقينك فيه أولاً حيث تؤكد كل الشرائع السماوية على ذلك ، وما أدهشني أن كل علماء الغرب سواء في مجال التنمية البشرية أو في علم النفس يركزون بالدرجة الأولى على هذه النقطة بل ويقولون :

إن قوة إتصالك بخالق الكون تماماً كنقطة ماء في محيط تستمد قوتها من وجودها فيه مادامت فيه وتخضع لقوانينه ، ولكن ما إن غادرته تبخرت وتلاشت وأصبحت لا شيء !!

وماذا يتبع ذلك ؟؟

يتبع ذلك أخلاقك الرفيعة الراقية في تعاملك مع كل الناس كبيرهم وصغيرهم فقيرهم وغنيهم فأنت لا ترتفع وتسمو بتكبر وغرور بل بتواضع العظماء وأخلاقهم وتعاملاتهم!! وكذلك بصدقك وأمانتك ونزاهتك واستقامتك في كل أمور الحياة، وإتقان عملك وإخلاصك فيه وليس ذلك فحسب بل وبما تبذل من خير وعطاء ومساعدة للآخرين وحبك لنشر الوعي والخير والجمال والسلام والنور والأمل والعلم مساهمة منك في إعمار الكون ؛ كلها أمور من شأنها أن تسمو بك. وكذلك نقاء سريرتك حيث لا حقد ولا غل ولاحسد ولاكراهية لأحد فهذه أمور تهبط بالإنسان إلى قاع الحياة !!

ومما يسمو بك عالياً كذلك العمل على زيادة ثقافتك واللحاق بركب التطور والتقدم.

وأخيراً وليس آخراً وجود هدف سامي لك في الحياة ترنو من خلاله لخير البشريّة ولوضع بصمتك المميزة في هذه الحياة !!

وأقول ليس آخراً لأنه لا حصر للفضائل التي تسمو بصاحبها إلى فوق السحاب بل تسمو به لمنزلة عالية جداً جداً فلقد قال سيد البشرية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم : (( إن أقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحسنكم أخلاقاً )).

لكم مني أطيب التحيات .

* مدربة تنمية بشرية

https://www.facebook.com/lmatteet

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى