تحليلات سياسية

حكومة مابعد القسم الرئاسي في سورية : من يشكلها، وكيف تنجز مهامها الصعبة؟!

عماد نداف

ينتظر السوريون باهتمام بالغ تشكيل الحكومة الجديدة التي يفترض أن تُشكل وفق الدستور بعد الانتخابات الرئاسية التي جرت في حزيران الماضي، وجددت مرحلة رئاسية دستورية للرئيس الدكتور بشار الأسد .

وإذا كان هذا الاهتمام نابعاً من الظروف المعيشية التي يعاني منها الشعب السوري، فإن هذه الحكومة تحمل أيضاً مهمات خاصة تتعلق بالمرحلة التي تعيشها سورية في ظروفها الإقليمية والدولية .

أول تلك الظروف، تتعلق بالمستجد الأبرز على صعيد التقارب الروسي الأمريكي تجاه أشكال التعاطي مع الأزمة السورية، ومحاولة استثماره من قبل الدولة السورية لاستعادة السيادة على الأراضي الخارجة على السيطرة، وفيها ثروات كبيرة يمكن أن تدفع أداء هذه الحكومة نحو الأفضل، ناهيك عما سيسفر عنه هذا المستجد في الموقف الأمريكي عن انفتاح عربي، ولو نسبي على أشكال التعاطي الدبلوماسي والاقتصادي مع الفعاليات السورية .

في هذا الصدد تقع على عاتق هذه الحكومة مهام كبرى من بينها :

  • معالجة موضوع التضخم وضبط أسعار الصرف .
  • ضبط العمل الإداري وفق نظم جديدة يجري العمل على تفعيلها.
  • تفعيل الإنتاجية، وتوسيع الواردات اعتمادا على الإمكانات الموجودة في القطاع الزراعي تحديداً.
  • مكافحة الفساد، وضبط الأسواق ،
  • الري والمشكلة المائية .
  • الاستثمار الثقافي . ودور جديد للثقافة والكتّاب .

ويمكن الحديث مطولا عن هذه الموضوعات، ولكن السؤال المطروح الآن يتعلق باختيار رئيس الحكومة الجديد، وإن كان هناك احتمال ضعيف بأن يبادر الرئيس بشار الأسد بنفسه إلى تشكيل حكومة المرحلة الأصعب، أو على الأقل ترؤس اجتماعات الحكومة بشكل متواتر بين فترة وأخرى، فإن الاحتمالات الأقوى هي أن يُجري تغيير بنيوي في مهمات الحقائب الحكومية ومهماتها.

تذهبُ التوقعات الأولية إلى تغييرات في مهام الوزارات أو ربما إحداث وزارات جديدة، ومن بينها إحداث وزارة لمكافحة الفساد وأخرى للطاقة تحمل على عاتقها توظيف استثمارات في الطاقة البديلة، وهي حاجة ملحة تتطلبها الظروف المتردية لمصادر الطاقة السورية. كذلك إحداث وزارة للشباب والرياضة لما لهذين القطاعين من أهمية كبيرة مع النمو المتسارع في عدد السكان ، وتجاوز تبعات الحرب على هذين القطاعين مع ما يتوافق مع الأسس التي وضعها دستور 2012 .

وفي مجال الثقافة والإعلام، يمكن دمج الوزارتين المعنيتين بهذا الشأن مع تفعيل مشروع الاستثمار الثقافي الذي أشار الرئيس السوري في لقائه مع الكتاب السوريين إثر احتفالات العيد الخمسين لتأسيس اتحاد الكتاب، وفيه تحدّث الرئيس عن الاستثمار الثقافي في أبعاده الوطنية والاقتصادية والحضارية باعتبار أن سورية بلد يحتضن التاريخ والآثار والثقافة والفن والأدب .

وفي هذا المجال ظلت مسألة الترخيص لمحطات تلفزيونية خاصة جديدة عالقة منذ تولى وزير الإعلام الحالي عماد سارة مهمته وجمدت تراخيص كان أشار إليها الوزير الذي سبقه المهندس محمد رامز ترجمان ، وهو مطلب يحرص عليه الفنانون وشركات الإنتاج السينمائي  والتلفزيوني لدفع عملية الإنتاج الدرامي في جو من التسابق العربي على الخبرات السورية .

وقد يتجه هذا المعطى إلى إنشاء تداخلات بنيوية بين هاتين الجهتين وبين وزارة السياحة التي تتبع لها الآثار والمتحف، وهي من ضحايا الحرب الكبرى.

وعلى صعيد تمثيل الجبهة الوطنية في الوزارة يتوقع أن يتسع التمثيل أكثر، أو تتبدل حقائب التكليف بين الأحزاب ، حيث غابت أحزاب الجبهة في التشكيلة الماضية ماعدا الحزب الشيوعي بفصيليه وحزب آخر، وهنا يطرح السؤال عن دور ما للمرشح الرئاسي محمود مرعي ، وفي ذلك محاكاة لما حصل مع المرشح الرئاسي حسان النوري في الانتخابات السابقة.

أما عن الاحتمالات المتوقعة لموقع رئيس الحكومة ، فالأسماء لاتسرب عادة، إلا أن الأسماء التي قد يقع الخيار عليها قد تذهب إلى :

  • الدكتور مهدي دخل الله ، وهو وزير إعلام سابق وسفير في أكثر من دولة عربية (السعودية، والكويت مثلا)، ويمكن أن يلعب دورا ما في حال وقع الانفتاح العربي على سورية، ناهيك عن كتاباته ومحاضراته التي تحمل رؤية محددة لطبيعة الحرب والمستجدات وبعض جوانب الأزمة .
  • طلال البرزي وزير التجارة الداخلية، وتكليف هذا الوزير لا يرجحه الكثيرون، بعد تجربته في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك ، رغم خبرته في إدارة محافظة حمص خلال الحرب .
  • سامي خليل وزير الاقتصاد .
  • ومن القيادات الحزبية يعود اسما عمار ساعاتي ، وقد تقدم اسمه في الخيارات السابقة ، لكنه لم يتجاوز موقعه الحزبي الذي هو فيه، و هيثم سطايحي الذي كلفته قيادة الحزب بمهام واسعة في مراحل سابقة .
  • وبشأن بقاء رئيس الحكومة الحالي في منصبه، يمكن أن يكون هذا الاحتمال مرجحا، في حال مراوحة بعض المسائل المتعلقة بالعوامل الإقليمية، والانتظار قليلا ريثما تتحرك ملفات الحل السوري إقليميا ودوليا لإحداث تغييرات كبرى تواكب المرحلة التالية.

ويتوقع أن تحمل الحكومة معطيات جديدة كالتركيز على التنمية الإدارية، وتوسيع دور المرأة والتركيز على البرامج الإنتاجية التي تضمنها شعار الرئيس الأسد في حملته الانتخابية الأمل بالعمل .

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى