أيتها المهبولة
لا حاجة كي أذكرك أن كلام المهابيل يعاد ويعاد، وخاصة حين يكون عنك وأنت التي شردت مني ذات حزن وغفلة.
كنت مثل الأيام التي يفزعها الصوت والصدى، وكنت أرقبك عندما تزوجت وبعدها ضاعت صورتك في زحام المدينة وتكاثف أحداثها، ولمت نفسي لأنني لم أحببْكِ بذاك القدر الذي يعادل عذوبة مياهنا قبل أن تكدرها النجاسات التي حامت كثيراً من حولنا.
الحب يا عزيزتي لم يكن يوماً ملكاً لأحد، لأضع في جيبي سند تمليك ووثيقة أثبت بها ذلك، وقد كنت تلك المشاعر الجميلة التي تثبتني فوق المكان، وتجعلني أتبعثر شوقاً لكل بقعة منك. ساحرة ٌ جميلة ٌ أنت، ومبثوثة في مسامي، ومعلقة دوماً فوق أجزاء الروح.
لو كنت مراهقاً لعذرت قلبي، ومنحته الحق في ذلل، لكن الشيب غزا الزلوف وزحف صوب جهات القلب أيتها العزيزة التي ترمح في روحي ليل نهار، فماذا أفعل الآن، وكيف أجبر الكسر وأعيد الحياة للطرقات وهي مقفرة خاوية من دون مرورك، وهل من حاجة كي أذكرك كيف سرت في الشارع الذي كان يوصلني إليك، كان طويلاً هذه المرة، وعيناك! تذكرين بأنهما كانتا همي وبغيتي.
هاهو الحزن يسكن في القلبِ، والروح سائرة تبحث وتسأل الدروب عنك، غير مقتنعة بما جرى من وداع وحزن وفرقة، وهاهي الحروف تتبلل ولا تتركني أهطل قصيدة للوداع، والرحيل سفر ممض وقاس أحاول فيه البحث عن بهاء يشبه حضورك، ولكن ذلك من دون جدوى ومجرد ركض وراء السراب.
يمضي الغياب ويحل البكاء بسحنته المتشحة بالنار بديلاً كاوياً ما تبقى من ذبالة الروح بعد انطفاء وعتمة.
أحاول تجميع حكي المهابيل،أو أي شيء تبقى مني ومنك. أرضى بثرثرة عابرة فيها تفاصيل وجهك وسواد عينيك، وصوت أخير تتردد فيه أسمائنا ولا أجد غير السواد المحيط بالقلب مثل أردية سميكة، ومثل الحزاني يعاودني البكاء، فأضحك من نفسي وعليها، وأسألها أيعقل أني بكيت فراقك كل ذلك البكاء؟
أجدد نشيدي ونشيجي وأطلب منك الصفح والغفران، وأضحك مجدداً من غيابي وغيابك، فأرى بسمة كالحة، أرتل معها غناء المهابيل في لحظة صادحة.
بوابة الشرق الأوسط الجديدة



