حلاوة الروح ..!
في الحرب .. الكثير من المآسي والآلام والموت .. يمكن الحديث عنها وتأليف قصص منها قد تحتاج مجلدات ومجلدات .. فكرت أن أستقي منها أفكاراً للنشر .. ولكن لم أعرف من أين أبدأ .. فالحكايات المؤلمة كثيرة .. والكلام يطول ..
توقفت .. لا .. لن أخوض في مآسي الحرب .. سأحاول البحث عن قصص جميلة متفائلة .. فيها أمل. لن أملأ صفحاتي بالآلام وعيون من يقرؤني بالدموع … سأملؤها بالأمل .. بالحياة .. بابتسامة فرح … !!
قرار صعب .. ولكن سأحاول.
تلكأت .. فمن السهل جداً إيجاد قصص مؤلمة .. مع كل لفتة هناك قصة .. من فقد عزيزاً .. بيتاً ..عملاً ..أو إبناً. هناك من تحول إلى معاق .. أو مريض نفسي .. أو أرمل .. أو مطلق .. وهناك من فقد طرفاً .. عيناً .. أو عضواً من أعضاء جسده.
هناك قصص المعتقلات .. الخطف .. السرقة .. الجريمة .. السلبطة .. الاغتصاب .. الدعارة .. !!!!!!!
يا إلهي .. لا أمل بقصة متفائلة .. !!
شعرت لفترة بالإحباط … حتى جاءني هاتف من والد سالم .. ابن الأربعة عشر ربيعاً .. الذي قضى سنة كاملة، ثمانية أشهر
منها في المشفى ، تحت تأثير مسكنات الألم والعمليات الجراحية التي خاضها لترميم جزء كبير من أمعائه الممزقة من قذيفة طائشة كان ضحيتها .. فتوقف عن الدراسة والمدرسة وبدأ القلق يتسرب إلى أهله الذين فقدوا الأمل بشفائه .. كون الأضرار الجسدية كبيرة .. والكلفة عالية جداً.
كانت الكتب وسيلة لتسلية سالم وهو على فراش المرض .. ودعم الأهل والأصدقاء نافذته إلى أن عادت رغبته للحياة .. بعد أن ملها ..
قال لي : سالم اليوم يتماثل للشفاء .. ويذهب إلى المدرسة .. وعلاماته جيدة .. وهو يشكر كل من وقف معه وسانده ..
شعرت بالفرح .. وبقلبي ينبض بأمل ..
نعم .. الحرب تغتال أحلامنا وتسرق طفولتنا .. تبتر آمالنا وتشوه مستقبلنا .. لكن تبقى الحياة تدفعنا لنتعلق بها ونقاوم حتى نمسكها بيدين وقلب يرتعش من حب الحياة.
الحرب تطحننا ولكنها تغير فلسفتنا للحياة .. تجعلنا ندرك جمال الحياة .. وحلاوتها .. وقوتها.
الحرب تدمر بلداناً .. ولكنها تبني إنساناً قد يحترق بآتونها .. أو يطفئها بارادته وحبه للحياة ، وبحثه عن الأمل.
الحرب تشوه الإنسانية وتقلب المفاهيم والقيم .. ولكنها تحرر طاقات الانسان وتفجر ابداعاته ليتأقلم ويخترع ويبدع .. ليستمر.
نعم هناك مآس كثيرة .. وموت كثير .. وحزن كبير .. ولكن الأمل موجود تجده إن أردت أن تبحث حولك وفي داخلك.