حول الصغار

تحدث الشيخ تاج الدين الهلالي (مفتي أستراليا سابقاً) اليوم عن موضوع في غاية الاهمية حول “العقد النفسية” وسماها Inferiority complex واضاف ان العقد النفسية والشعور بالتعاسة والاحباط تنشأ من مقارنة خاطئة وعملية حساب غير صحيحة تورث الشعور بعقدة النقص. وتحدث الشيخ عن الحسد والغيرة وتأثيرهما على النفس.

أضيف على ذلك ان لعقدة الشعور بالنقص تحديداً ما يسمونه بالانكليزية Inferiority complex اسباب أولية بدايتها من التنشأة المنزلية منذ الصغر وآخرها ينتهي بشعور المصاب بالامور التي ذكرها الشيخ الا وهي “التعاسة والاحباط”.

فالبيت –كما المعدة- بيت الداء او قد يكون مصدر شفاء وأمان. هذا البيت هو الام والاب، واذا كانا من النوع الذي لا يعجبه العجب وينتقد الولد/البنت باستمرار ولا يشعرونهم بقيمتهم الانسانية، فلا يشجعونهم على تحسين انفسهم بل يحطمون من معنوياتهم ولا يركزون على الامور الجميلة فيهم.

هذه الطريقة لا تربي الولد بل بالعكس تولد لديهم مشاعر عقدة النقص وانهم اقل من غيرهم وانهم مهما فعلوا لا يستطيعون ارضاء احد لان اهلهم غير راضين عليهم فهم مصدر الامان وهم المحطة الاولى التي يقف عندها الاولاد قبل التوجه الى محطاتهم الاخرى.

لذلك نرى اولادا في سن الوعي تنتج عن عقدة النقص لديهم سلوكيات قد تتنافى مع قواعد المجتمع العادي فمنهم من يتصرف بلامبالاة بالمجتمع وبأهله ولا يسعى ان يلبس لباسهم ولا ان يتماشى مع عاداتهم واحياناً يبدأ هذا النوع من الناس في استخدام كلمات نابية في طريقته بالكلام مع الاخرين حتى يصل به الامر الى اهله. عندها لا يستطيع الاهل التحدث معه لانهم بنوا حائطاً منذ صغره بينهم وبينه صعب كسره بسرعة.

يتولد عند هؤلاء الاولاد الحاجة لاكتشاف شيء جيد في شخصيتهم ومعرفة هويتهم فيسعون وراء مجموعات تكشف لهم عن مكامن قوتهم وتشجعهم على التصرف بناء عليها. وقد يكون اولادكم محظوظين فيلتقون “باولاد حلال” يوجهونهم بطريقة سليمة ولا يعودوهم على عادات سيئة، الا انه قد تظل لديهم رواسب من العقدة فتترجم من خلال تصرفاتهم -عندما يكبرون- التي تنم عن غيرة وحسد فينظرون الى ما عند غيرهم ليحصلوا عليه ويتطلعون دائماً الى ما عند غيرهم ليقلدوه. هذه النتيجة محمولة طالما لا اذى فيها على الاخرين. ولكن غيرهم من الاولاد يكون من قليلي الحظ فيلتقون بأشخاص لا ينتمون الى الانسانية بشيء فيعلمونهم على عادات سيئة كالكحول والمخدرات وايضاً قتل الاخرين. كما ويشرعون هذه الاعمال ويدخلونها في سياق حسناتهم.

في تلك اللحظة بالذات، يشعر الاهل والمجتمع بالعجز.

وهذه هي مأساتنا ..

كي نساعد، يمكننا ان نقرأ العلامات قبل وقوع الكارثة، فهؤلاء الاولاد يسعون لكسر الحواجز وتقديم البرهان للمجتمع وللاهل انهم ينفعون لشيء ما وانهم –بالاحرى- ابطالاً واهلهم لا يعرفون .. فيرتكبون الجرائم ويظن البعض منهم انه super man/woman وانهم قادرين على فعل المعجزات.

ومن العلامات ايضاً سرعة الغضب، عدم المبالاة، قلة في الاكل -او العكس- الشراهة في الاكل وغياب طويل عن البيت والمدرسة وغيرها الكثير.

اذا تنبهنا الى العلامات الاولى الصغيرة فربما نستطيع تلافي مصائب كبيرة. ولنبدأ من البيت. من حيث بداية والنهاية.

فايها الاهل الكرام، لا تديروا وجوهكم عن اولادكم ووجهوا اولادكم بالتي هي احسن وصادقوهم وسايروهم (كما نقول بالعامية) فمسايرة الولد … مكسب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى