حين تخون مسلسلات رمضان أبطالها
إن كان إضجار الجمهور خطيئة، فإن الخطيئة الأكبر هي تبسيط الأشياء، إلى درجة الاستسهال، خصوصاً في الأداء التمثيلي. لا رغبات عنيفة في التمثيل هذا الموسم، إذ يبدو المشهد حتى اللحظة مجرَّد أداء عابر للأدوار عند بعض الممثلين.
يخاف الممثّل في بلادنا أن «يغيب»، لذلك يلجأ ربما إلى أدوار لا تقنعه. راكم عابد فهد بأدائه، مَشاهد لا مثيل لها؛ ففي «الولادة من الخاصرة» مثلاً كان دائم القول «هذا ما حدث». هذا الموسم يجسّد فهد شخصية رجل الأعمال يوسف زهران، في أداء يميل إلى الفوضى أحياناً في الاشتغال على دور فاقد الذاكرة، لتبدو الحالة بحدّ ذاتها أكثر أهمية من مصداقيتها في بعض المَشاهد. يظهر بأداء صوتي مبالغ فيه أو تعابير ليست أكثر من مقدمات مفتعلة في بعض المشاهد التي تجمعه مع ميرا (سيرين عبد النور). كان من المفترض أن يشكّل عابد فهد خط الدفاع الأول عن «24 قيراط»، إلا أن ما كشفته نصف حلقات العمل التي عرضت حتى الآن، هو أنّ عين الليث حجو هي خط الدفاع الوحيد.
مطلوب من النجم أن يصنع مفارقات في كل دور يؤديه، لكن من دون أن يكون التزييف غاية. هو دون سواه مسؤول عن أن يكون بطلاً دائماً، وذلك لا يغفر الاختيار الخاطئ الذي وقع فيه البعض هذا الموسم حتى وإن تمّ التعامل مع التمثيل في ظلّ الظروف الراهنة بأنه مجرد نشاط «صناعي» لا أكثر. فكيف لنا أن نعرف لماذا استحقت شخصية ورد (سلافة معمار) في مسلسل «قلم حمرة» الموسم الماضي القراءة الجدية كما حصل مع أدوار في مسلسلات عدة مثل «زمن العار»، في حين يأتي تجسيدها لشخصية تالا في «العراب»، وناريمان في «بنت الشهبندر» هذا العام أقل شأناً. ثمة تطور فني ملحوظ في الشخصية التمثيلية لمعمار، يخف وهجها هذا الموسم. تضيع الحالة الفكرية التي اعتادت معمار تقديمها في زحمة الأحداث والتوزيع الفوضوي للأدوار في «العراب»، من دون أن يخفى أيضاً تأثيرات هموم النصوص المختلفة هنا. ففي مشهد لسلافة معمار وهي ترقص في الديسكو من الحلقة التاسعة، يفقد الدور تأثيره حتى يغدو مشتتاً وغير منطقي.
بعض الأعمال هذا العام، تخون الممثلين. والمشكلة أنّ بعض النجوم لم يتريّث. يؤدي قصي خولي دور راغب في «بنت الشهبندر». يحاول أن يكون أكثر كلاسيكيّة أو حتى أعتق طرازاً تماشياً مع الفترة الزمنية التي يتناولها المسلسل، لكنه يبدو مقيداً بافتقاده إلى حيويته المعتادة في الأداء، وذلك ما حدث مع خولي منذ «سرايا عابدين» حيث بدا وكأنه يخون نفسه بقبوله أدواراً لا تشبهه.
وكأن الرغبة بالتواجد في أدوار بطولة تغلّبت على جهود البعض، لذلك لم يتمكن أيّ عمل من تقديم صورة صافية لنجوم برزوا وتفوّقوا بأدائهم على مدى سنوات. تحتاج أدوار البطولة لإظهارها إلى مخرج يتمكن من التنسيق ويمتلك وقتاً كافياً للتأمل وللتعديلات التي تحدث أثناء التصوير، وهذا ما لم توفره شركات إنتاج بدأت تصوير أعمالها في فترات متأخرة قبل بدء الموسم الرمضاني.
يبقى السؤال في كنف نصوص الترف، أين يجد الممثل متعته وهويّته؟ هل في الديكور الأثير أم في قصص المافيا أم في الفضائح غير المسبوقة؟ لا شيء من هذا سيكون محققاً ما لم ينشئ الدور، الذي قرّر النجم الخوض فيه، عالماً يتعامل معه الجمهور بجدية تامّة حتى وإن كان كوميدياً أو ساخراً.
صحيفة السفير اللبنانية