خارطة الصراع السوري تؤرق العواصم الغربية (ترجمة: لانا عفانه)
ترجمة: لانا عفانه
ما العمل في حال خسر الطرف الذي كنت تدعمه تأثيره في القضية؟ هذا هو السؤال الذي تواجه به جهات الدعم الغربية التي تساند الائتلاف الوطني السوري، الذي يؤكد أنه الممثل الرئيس للمعارضة، ولجناحها المسلح الواسع من القوى الثورية المعروفة باسم الجيش السوري الحر. وعلى أرض الواقع في سوريا تحديداً باتت هذه المجموعة المعتدلة نوعاً ما تخسر لحساب بعض الفصائل الأخرى وبخاصة المتشددين. وكنتيجة لكل ذلك فإن الإدارة الأميركية والحكومات الأوروبية في مأزق.
وفي وقت تتصاعد قوة المتشددين على الأرض، بدأ بعض المسؤولين الغربيين بالدفاع عن فكرة إعادة إحياء العلاقات مع الرئيس السوري بشار الأسد، فيما يرى آخرون أن الخيار الوحيد المتبقي هو العمل مع الإسلاميين الذين ينبذون المتطرفين، والذين يرفضون حتى اليوم أن يكونوا جزءاً من الائتلاف المدعوم من الغرب.
وعلى الرغم من اقتراب موعد بدء المفاوضات بجنيف في 22 يناير، إلا أن الحكومات الغربية لا تزال في حيرة من أمرها بشأن أي الفصائل المسلحة على الأرض يتوجب عليها دعمها. وفي هذا السياق يقول دبلوماسي غربي يشارك في التحضيرات لمؤتمر جنيف "لست متأكدا ما هو موقفنا حتى الآن".
اضطراب الرؤية
ويكمن السبب المباشر لهذا الارتباك في نمو فروع تابعة لتنظيم القاعدة في سوريا. فتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، الذي يصف بالأعنف بين تلك المجموعات، انتشر شمالي سوريا وشرقيها. بينما لا تزال جبهة النصرة، أحد الفروع الأخرى لتنظيم القاعدة تتوسع.
وهذا الأمر نبه العواصم الغربية والسوريين الذين يعتبرون المتشددين أسوأ من النظام، الذي استخدم الطائرات المقاتلة، والبراميل المتفجرة، والكيماوي ضد المدنيين. وسط إصرار روسيا وإيران على دعمه بقوة، الأمر الذي مكنه من الرسوخ في مكانه. التحليل هذا يترك جماعة واحدة لا تنتمي إلى القاعدة مشيرا إلى قوتها على الأرض وهي "الجبهة الإسلامية". التي تعد الأحدث بين المجموعات الإسلامية السبع الأخرى في سوريا.
وتضم الجبهة حركة أحرار الشام السلفية، وجيش الإسلام المؤلف من مجموعات عدة تتمركز حول العاصمة دمشق. وكانت الجبهة قد نأت بنفسها عن الجيش الحر بقيادة العميد المنشق سليم إدريس، وعن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام.
مد وجزر
إلا أن صناع القرار الغربيين غير متأكدين من كيفية تعاملهم مع الجبهة. فأعضاء الائتلاف نددوا بها واصفين إياها بشديدة التحفظ واللاديمقراطية. إلا أنهم مع ذلك يحاولون إنشاء روابط معها. الدبلوماسيون الأميركيون من جهتهم تواصلوا معها، إلا أن الغرب قلق بشكل عام من التقرب منها بسبب اتهام مقاتليها بارتكاب هجمات طائفية شرسة ضد خصومهم في الساحل السوري.
وأعرب الغرب عن قلقه في 11 ديسمبر الماضي، وذلك عندما أكد المسؤولون البريطانيون تجميد المساعدات غير القاتلة التي كان يفترض تسليمها إلى الثوار السوريين المتمركزين شمالي البلاد، إثر استيلاء الجبهة الإسلامية على قواعد عدة للمتشددين، وعلى مخازن للسلاح تابعة للائتلاف السوري بالقرب من الحدود التركية، وذلك قبل يومين من اختطاف المحامية رزان زيتونة، والتي برزت في الاحتجاجات السلمية ضد النظام قبل عامين، على يد جماعة تابعة للجبهة الإسلامية.
وتبدو الحكومات الغربية الآن أكثر انشغالاً بتهديدات المتشددين من إزاحة الرئيس بشار الأسد وسلطته من الحكم. من هنا جاءت الفكرة التي بثت أخيرا من قبل دبلوماسيين أميركيين متمرسين أمثال رايان كروكر، بشأن أن الحل الأقل ضررا الآن هو الحوار مع الأسد، الذي نسق الغرب معه أخيراً لنزع الأسلحة الكيميائية.
تمثيل المعارضة
ليس من الواضح بعد من الذي سيمثل المعارضة السورية في مؤتمر جنيف. الروس من جهتهم يقترحون بأن تتولى مجموعات من خارج الائتلاف ذلك. وبينما ستجلس الأخيرة وأميركا إلى طاولة المفاوضات بشكل مؤكد، لم يتبين بعد ما إذا ستحضر كل من إيران والمملكة العربية السعودية، وهما الطرفان اللذان من دونهما سيكون من الصعب إبرام صفقة مرضية.