خفقة القلب 37
أتى موسم حصاد الحزن والجراح وامتلأت حصالة دموعي ..علمتني الحياة أن الأشياء الجميلة عمرها قصير، وأن السعادة قطرة ندى وليست نهراً دائم المسير! الفرح عابر سبيل يمر علينا بين فترة وأخرى ، والحزن شخص غليظ يحب زيارتنا كلما حانت له الفرصة! الفرح ثرثار، أما الحزن فهو منغلق على نفسه كالمحار ، لا تستطيع أن نقيم معه حواراً !
تموت الحروف واقفة وتترك الكلام للصمت لتعرف الكلمات عذاباً لا ينتهي، فلكل منا مخزون من الحزن كالأمراض التي لا تنكشف في مرحلة الشباب ، بل تظهر أعراضها مع مرور الزمن .
أحمل شهادة الهندسة الجامعية ويداي خاليتان كقميص على حبل غسيل..أصحاب المال هم وحدهم الذين يستطيعون أن يحولوا أحلامهم إلى حقائق ..فكم من زهور قتلت لتمنح بقايا عطور ؟ وحده القلب لا يخضع لسلطان المال ..ما الذي أملكه من ثروة يمكن أن أقدمه سوى جنين الحب الذي أحمله في قلبي ؟! رأيت الأمل على قيد أمتار يقترب مني..هكذا هي الحياة ترفعنا حتى آخر حدود السماء ومن ثم توقعنا أرضاً..إنها الدنيا تأخذنا إلى حضنها ثم تجافينا.. السعادة سرعان ما تنقضي شأنها شأن الورود التي لا تعيش طويلاً ..ها هي السعادة تصارع سكرات الموت ،وتلفظ أنفاسها الأخيرة ، وتتوقف قبل المنعرج الأخير على بُعد خطوة واحدة .
ربما كان نصيبي من الدنيا أن أحب فتاة كل الطرق المؤدية إليها مسدودة ! انسان مثلي أضعف من أن يتحدى القدر أو أن يفكر لا سمح الله في ذلك ، كنت أدرك أن التيار الذي كنت سأعاكسه لم يكن ليسمح لي بالاستمرار في السباحة طويلاً في محيطه الواسع وفي مياهه الثقيلة الهائجة لأنه سيغرقني
ويقتلني .
نضج الفراق وبدأتْ رحلة غروب شمس أيامي ، هجرتْ الشمس قهوتها الصباحية ولبستْ عباءتها الليلية، وتركتْ الظلام ينشر رداءه في جسدي.. هكذا الحب ما أن يأخذ طريقه في النمو حتى تنقضّ عليه آلاف العقبات والمصائب !
في كل حب ينتصر الفراق وتنفرط مسبحة العشاق ،عمر الفرح قصير، فما أقصر عمر قطرات الماء في صحراء قاحلة ! قطعت تيار الذكريات ،وحرّمت على نفسي كل الأماكن التي اعتدت أن ألتقي بها، غادرتُ البلدة التي تقيم فيها ، لكن حبها لم يغادرني..كم هو مؤلم أن تستوطنك الأمكنة ولا تستطيع التحلل منها.. سأبقى وفياً للحب لأنني أودّ صيانة ما تبقى من لحظات عمري!