خفقة القلب 43
جاء الفراق بلا وداع.. لا أحد سواي يعرف قسوة تلك الكلمة التي تحتضن بين حروفها خناجر الآلام والحزن، هي فوق طاقة اللغة على التعبير ،إنها لتبكي بكاء يُرى ، وإن حروفها لتئن أنيناً يُسمع ! رحلتْ الشمس، لبس الطريق ثوب الحداد، جلس العذاب على رفوف قلبي وغطّ في نوم عميق !
أصبحتُ معلقاً ما بين الحزن والسعادة ، ما بين الأمل واليأس ، شعرتُ أنني مبعثر المشاعر ومشتت الأفكار ، هكذا فقدتْ الحياة بهجتها وروحها ،وتوقفتْ في داخلي كل الأحاسيس .
أحمل ذكريات حب كبير لم يكتب لي أن أُسعد به ، حب لن يتكرر في حياتي ، أحلّقُ في أفكاري ،يسوقني عقلي رغماً عني إلى التفكير فيها، أتأمل ذكريات الماضي الفائضة وجعاً ، وأتعذب بصمت ، كل شيء صار صامتاً !
ما كان في القلب متسعاً لكل هذه الآلام، لا يمكن للكلمات وصف الآهات ، تعجز كل الكلمات عن نقل شحنة الأحزان ، فأبلغ الكلمات تحمل المعاني ولا تحمل المشاعر ! عليّ الآن أن أهجم على الأوراق وأن أعارك الكلمات المتدافعة عراك ملاكم وضع في قفص حديدي لا يفلت منه! من سيحمي شرايين حروف كلماتي من التصلب ؟!
أترك للقدر حق التصرف فلا أحد يقف في وجهه، استسلمتُ لقدري، وتهاوتْ إرادتي، وفقدتُ آخر خيوط السيطرة على نفسي، واستيقظ جنوني ، وأصابني دوار في رأسي كمن يقفز في الفراغ دون أن تفتح له مظلة الهبوط ،غارات من الحزن تجتاحني ليلاً .
أصبحتُ طاعناً في الحزن ، أنشر أحزاني على الجدران علّها تجفّ قليلاً ،أقضي أيامي لا أفارق حجرتي ، أخلو فيها لأحزاني التي تحاصرني، الحزن يطفئ العواطف ، أطوي قلبي على حزن عميق وقعت فيه، أقاوم البكاء الذي أوشك أن يكون نشاطي اليومي ، لم أستطع أن أسيطر على دموعي، يجيء البكاء من تلقاء نفسه عنيفاً لا ينقطع ،يصيحُ في صدري ،تلّون صوتي بنبرات البكاء، أكادُ أختنق بنوباته ودموعه، أصرخُ بصوتي الضرير وأبكي كما تبكي النساء !
أجلسُ إلى نفسي فلا أرى نفسي، الوحدة ليست العيش بلا أصدقاء ، الوحدة هي تلك الأماكن الفارغة في القلوب التي خلّفها فراق من نحب!