خيارات عباس الخمسة (تال بيكر)

 

تال بيكر

 

في الوقت الذي يعاني فيه الشرق الأوسط من اضطرابات يندفع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إلى هامش الأجندة الدبلوماسية. فقد رفعت الطفرة الإسلامية في المنطقة سقف طموح «حماس» السياسي وجعلت حركة «فتح» بزعامة محمود عباس تشعر بأنها أكثر انعزالاً بل عفا عليها الزمن. وحيث تجد المنطقة نفسها بأسرها في فترة من عدم اليقين التام يبدو للكثيرين أن هدف إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل ليس ممكناً وغير ملحاً.
وقد هددت السلطة الفلسطينية على نحو متقطع بالشروع في مبادرة جديدة. كما أن فرصة حدوث أزمة اقتصادية فضلاً عن دلالات متزايدة من الاضطرابات في الضفة الغربية (على سبيل المثال، الاحتجاجات العنيفة الأخيرة حول تدابير التقشف التي اتخذتها السلطة الفلسطينية، والمظاهرات ضد السلوك القاسي لقوات الأمن الفلسطينية، والانخفاض في شعبية عباس في استفتاءات الرأي) قد زادا من البحث عن بدائل سياسية شعبوية. لكن على الرغم من الضجة المحيطة في الغالب بهذه المقترحات إلا أن القيادة الفلسطينية قد فشلت باستمرار في الوفاء بها.
وثمة أسباب عدة للجمود الحالي في عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية، وأحدها هو الجمود في اتخاذ القرار الفلسطيني. لكن يجدر بنا فهم طبيعة اللاحسم من جانب عباس فيما يتعلق بالخيارات السياسية التي تُميز باستمرار الخطاب والحسابات الفلسطينية.
 
1–      المفاوضات
 
ربما كانت البيئة الإقليمية الحالية المتقلبة سبباً في جعل ذلك النوع من القرارات التي تحز في النفس نحو أي اتفاق سلام، يتطلب من أي قائد فلسطيني اتخاذ قرارات لا تحظى بشعبية إلى حد كبير بل لابد أن تتميز بالتفرد السياسي بصرف النظر واقعياُ عن أي موقف إسرائيلي. وفي الواقع فإنه حتى لو قُدر لائتلاف نتنياهو أن يفي بالشروط المسبقة الحالية للفلسطينيين فيما يتعلق بالمفاوضات وأن يُظهر مرونة استثنائية على الطاولة فإنه سيظل من الصعب على عباس أن يُجيب بنعم.
ويعلم الرئيس الفلسطيني جيداً أنه حتى حلول الوسط المتواضعة مع إسرائيل ستوصمه بالخائن للقضية الفلسطينية أمام الدوائر الأساسية الفلسطينية والعربية. وأما «حماس»، وعناصر مهمة أخرى في الشتات الفلسطيني وبعض زملائه في «فتح» فسوف يكونون بلا شك جزءاً من هذه المجموعة. وقد كان هذا دوماً مرتقى صعباً لعباس. ففي الماضي تمثلت حساباته أنه بإمكان الدول العربية أن توفر الشرعية لاتفاق ما وتعمل كقوة موازنة للمعارضة الجماهيرية أما الآن فلا يخامره شك في عدم إمكانية تحقيق ذلك.
 ويفضل عباس دعم المفاوضات بالكلام فقط عند الضرورة وتسليط الضوء على الظلم الإسرائيلي كلما أمكن. وعند الضغط عليه ربما يسمح رئيس السلطة الفلسطينية باستئناف شكل ما من أشكال الحوار – مثل جولات المحادثات الخمس التي جرت في عمان في وقت سابق من هذا العام – لكن في البيئة الحالية على الأقل من المرجح أن يكون الهدف من خطوة كهذه هو تجنب إلقاء اللائمة عليه من جانب المجتمع الدولي، وليس السعي إلى تحقيق إنجاز دبلوماسي ملموس.
 
2–      تفكيك السلطة الفلسطينية
 
على مدار العام الماضي أو نحو ذلك سمع الدبلوماسيون الذين كانوا يلتقون باستمرار مع بعض المسؤولين الفلسطينيين أن الفلسطينيين ليس لديهم خيار سوى تفكيك السلطة الفلسطينية أو التنصل من اتفاقات أوسلو، والإصرار على أن تسترد إسرائيل كامل المسؤولية والسيطرة على الضفة الغربية.
وبعيداً عن السؤال الصريح المتعلق بما إذا كان هذا الخيار – عند العمل به – سيجلب مزيداً من المرونة الإسرائيلية أم سيكون له مردود عكسي فإنه يبدو من المستبعد أن يكون خياراً حقيقياً للسلطة الفلسطينية في المستقبل القريب. فليس فقط أن تطبيقه في الواقع معقد ومثقل بالعوائق (على سبيل المثال: ما الذي عسى يحدث للأمن الداخلي والصحة والتعليم) بل إنه من الصعب التخيل بأن يتخلى القادة الفلسطينون في الضفة الغربية عن الشيء الذي يعتمدون عليه في مبادرتهم هم أنفسهم.
ورغم محدوديتها إلا أن السلطة الفلسطينية قد أعطت الشرعية والملموسية لفكرة الدولة الفلسطينية. فقد قدمت مقياساً هاماً للحكم الذاتي والاستقرار الاقتصادي واحترام القانون والنظام أمام الشعب الفلسطيني ناهيك عن دورها كمصدر حيوي للدخل والطاقة لكبار المسؤولين الفلسطينيين. وداخل السياق الفلسطيني فإن تفكيك السلطة الفلسطينية لا يُرجع فقط عقارب الساعة إلى الوراء فيما يتعلق بإنجازات فلسطينية مهمة على صعيد إقامة الدولة بل سيُنظر إليه على الأرجح باعتباره تخلياً عن الشعب الفلسطيني.
وباعتراف الجميع فإن ثمة احتمالية لوقوع اضطرابات عنيفة، أو حتى انتفاضة ثالثة، قد تؤدي نظرياً إلى انهيار السلطة الفلسطينية لكن من غير المرجح أن تشجع القيادة الفلسطينية مثل هذا التطور.
 
3–      المصالحة مع «حماس»
 
يظل الانشقاق بين «فتح» و«حماس» كما هو في جوهره دون تغيير رغم التطورات من آن لآخر على المستوى التكتيكي.
فبعض قادة «حماس»، بما في ذلك خالد مشعل على وجه الخصوص، يرون الوحدة في سياق الصعود الإقليمي للقوى الإسلامية وخاصة «الإخوان المسلمين» في مصر ويأملون في أن يوفر ذلك فرصة لـ «حماس» لكي تبرز من حدودها الضيقة في غزة وتظهر على الساحة الوطنية والإقليمية.
وعلى النقيض من مشعل، يتشكك البعض في «حماس» فيما إذا كانت التسويات مع «فتح» ضرورية أصلاً في ظل صعود «الإخوان المسلمين» في مصر وعبر أنحاء المنطقة. وهم يقولون إن كل ما تحتاج إليه «حماس» هو الترقب حتى تنتهي الروح السياسية لـ «فتح» الذي هو أمر لا مفر منه. وثمة شخصيات في «فتح» تشاطرهم أيضاً هذا التخوف لكنهم يرون المصالحة الوطنية بأنها وسيلة تسارع في تمكين الإسلاميين على الساحة الفلسطينية بدلاً من اقتلاع هذا الاتجاه.
أما عباس فيظل متردداً بشكل خاص في قطع الحبل السري مع واشنطن حيث يواصل أمله بأنه لو أعيد انتخاب الرئيس أوباما فإنه سوف سيضع ثانية ثقلاً سياسياً على موضوع إحلال السلام بين إسرائيل وفلسطين. إلا أن الاتفاق الكامل مع «حماس» يُعرض كل ذلك إلى الخطر الشديد.
هذه العوامل وغيرها تساهم في إخماد فرص قيام مصالحة حقيقية في أي وقت قريب.
 
4–      خيار الأمم المتحدة
إن خيار الوصول إلى صفة دولة غير عضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث يتمتع الفلسطينيون تقليدياً بدعم واسع هو الأكثر قابلية للتحقيق. فقد عبَّر عباس عن نيته  اتباع هذا المسار من منصة الجمعية العامة عندما ألقى خطابه في أواخر أيلول/سبتمبر حتى إن لم يستمر بالضرورة بالوفاء به على الأقل حتى بعد الانتخابات الأمريكية.
وعشية الانتخابات في الولايات المتحدة من المرجح أن ترد الإدارة الأمريكية بخشونة على أي شيء يمثل رد فعل أحادي الجانب من قبل الفلسطينيين. فالعلاقة الأمريكية الفلسطينية عرضة لتراجع حاد، وسيفكر عباس مرة بعد أخرى قبل أن يشارك في هذه المحصلة قبل تشرين الثاني/نوفمبر. ولهذا السبب فإن ثمة افتراضاً أنه لن يقوم بأي خطوة حاسمة إلى أن تنتهي الانتخابات الأمريكية أو ربما يتعامل مع المبادرة كلها باعتبارها ورقة مساومة يتمنى أن يساوم بها من أجل الحصول على تنازلات أمريكية أو إسرائيلية.
وعلى الرغم من المخاطر إلا أن خيار الأمم المتحدة هو في الظاهر أكثر جاذبية للسلطة الفلسطينية نتيجة لاستنتاج يُقال إنه مضمن في بيان المدعي العام لـ "المحكمة الجنائية الدولية" الصادر في نيسان/أبريل الماضي. ففي ذلك البيان بالإمكان تفسير ضمناً ما قرره المدعي العام بأنه في الوقت الذي ليس لدى السلطة الفلسطينية حالياً مكانة داخل "المحكمة الجنائية الدولية" إلا أن بإمكانها أن تكتسب مثل هذه المكانة لو حصلت على وصف دولة غير عضو في الجمعية العامة.
وتخاطر السلطة الفلسطينية بتداعيات كبيرة إذا ما تحولت "المحكمة الجنائية الدولية" إلى خيار فعلي بعد محاولة ناجحة للحصول على صفة دولة غير عضو في الجمعية العامة. وبخلاف تعريض العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية والفلسطينية الأمريكية إلى نقطة الانهيار فإن ثمة خطراً حقيقياً ستتعرض له مصداقية المحكمة وسمعتها إذ تخاطر بالغرق في معمعة شكاوى وتسييس بفعل مرارة وقسوة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
 
5–      الاحتجاج غير العنيف
 
خلال عدة سنوات دعت المنظمات الشعبية ومنظمات المجتمع المدني الفلسطينية إلى قيام عصيان مدني باعتباره الوسيلة المثلى لجذب الدعم الدولي للقضية الفلسطينية وحرمان الاحتلال من أي سند يعتمد عليه.
وأما عباس فإن المسألة بالنسبة إليه هي أكثر تعقيداً حيث يكمن خوفه الأول في أن تشجيع العصيان المدني يعني إطلاق قوى لن يكون بوسعه السيطرة عليها وتقوية عناصر داخل المجتمع  الفلسطيني ليست خاضعة بالضرورة لإرادته أو إرادة «فتح». وحالما يبدأ هذا العصيان لن يكون بالإمكان توقع من سيكونون القادة الفلسطينيين الجدد الذين سيبرزون نتيجة لذلك ويهددون قيادة «فتح» الحالية. وثمة ما يكفي من التقلب في رام الله بالفعل – حيث تجري مظاهرات ضد قوات الأمن التابعة لعباس مع ما يمكن أن تسفر عنها من أزمة اقتصادية شديدة كما أن هناك استياءاَ متزايداً لحكمه. إن هذه التقلبات قد تثني عباس عن إطلاق مثل هذا العصيان.
والمشكلة الثانية هي أنه بإمكان المحرضين والمقاتلين أن يصبحوا بسهولة جزءاً من الحشود بما يُحوّل المظاهرات السلمية إلى مصادمات عنيفة تخاطر بتقويض منطق وجاذبية المبادرة كلها.
وبالنسبة لعباس ولكونه مقتنعاً بحماقة الانتفاضة الثانية بما يجعله يبحث عن خيارات سياسية لا تعزز القضية الفلسطينية فحسب بل موقفه أيضاً فإن هذا بالتأكيد ليس هو الخيار الذي ينشده.
 
النظرة إلى المستقبل
 
في الوقت الذي تحاول فيه «حماس» تعزيز مكانتها وحيث يظهر أن «فتح» تزداد ضعفاً ومنعزلة على الصعيد الإقليمي فإن أي مَعْنيٍّ بالهوية المستقبلية للقيادة الفلسطينية لديه من الأسباب الوجيهة ما يجعله قلقاً. وبهذا المعنى فإن مشاكل السلطة الفلسطينية هي نفسها مشاكل إسرائيل أيضاً مثلما ينبغي أن تكون مشكلة أي شخص مَعْنيٍّ بمنع الفوضى أو منع صعود «حماس» أو الحفاظ على حيوية النموذج القائم على دولتين.
وينبغي ألا يركز التعامل مع هذا التحدي على شخصنة السياسة الخارجية وتقوية عباس سياسياً ضد منافسيه. بل يجب أن ينصب التركيز على استكشاف كيفية تشجيع أعضاء قيادة «فتح» على وجه الخصوص على التصور الدقيق لطبيعة مأزقهم وإعطاء المزيد من الانتباه لخيارات كانوا في السابق أقل تحمساً لها. فالبدايات الخاطئة والتعثر من حلقة مثيرة غير فعالة إلى أخرى قد أضعف السلطة الفلسطينية، ولو شاءت هذه السلطة أن تتجنب زوالها فإنه قد آن الأوان لتفكر في بدائل أخرى.
وبالنظر إلى هذه الأوضاع فإنه من المؤسف أن كثيراً من الطاقة والتفاؤل اللذين أحاطا يوماً بمشروع بناء الدولة الفلسطينية قد تبدد وأن السلطة الفلسطينية تواجه مخاطر اقتصادية عظيمة. وبخلاف الخيارات الخمسة المناقشة سلفاً فإن هذا الجهد – لو تم إحياؤه – يمكن أن يقدم مساهمات ملموسة لإنشاء دولة فلسطينية ناجحة ومسؤولة يمكن أن تكون جاراً مسالماً ومفيداً لإسرائيل. ومع استبعاد بدء المفاوضات قريباً فإن العمل مع عباس ورئيس الوزراء سلام فياض فيما يخص بناء المؤسسات وآليات الدولة الفلسطينية الناشئة يبدو أهم من أي وقت مضى.
إن الاضطراب الشعبي المتزايد بسبب الوضع الاقتصادي في الضفة الغربية والتهديد المتنامي الذي تتعرض له السلطة الفلسطينية ربما يُقنع منافسي فياض في النهاية بأن العمل معه وتوجيه طاقاتهم إلى القيام بتحسينات على أرض الواقع قد أصبح ذا ضرورة أصيلة.
 إن تخصيص موارد متجددة والقيام بمبادرة لتعزيز دولة فلسطينية ناجحة ربما يشمل توسيع الهيئات المدنية التابعة للسلطة الفلسطينية في المنطقة (ج) (أي الأراضي التي تديرها إسرائيل في الضفة الغربية)، وتعزيز المزيد من التعاون الأمني والتدريب، وبالطبع معالجة التحديات الفورية والطويلة الأمد التي تخص الموازنة لدى السلطة الفلسطينية. ويمكن أن يشمل أيضاً إعادة تنشيط جهود اللجنة الرباعية (أي الأمين العام للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا) وجهات فاعلة دولية أخرى للمساعدة في بناء القدرات، وتسهيل إجراء المزيد من الإصلاحات المؤسسية، وتعزيز مشاريع التنمية والبنية التحتية الرئيسية، وجذب الاستثمار الاقتصادي.
وللتركيز المتجدد على بناء الدولة ميزة تتمثل في كسر الجمود الحالي في صناعة القرار الفلسطيني الذي يجعل القيادة الفلسطينية في الضفة الغربية تبدو عاجزة وخارج الخدمة. ويمكن أن يثمر تنشيط حملة بناء الدولة فرقاً ملموساً على أرض الواقع ويساعد على عزل الضفة الغربية عن الاضطرابات الإقليمية.
وبالنسبة لإسرائيل فإن وضع تأكيد حقيقي على بناء الدولة الفلسطينية يتطلب تغيراً معيناً في التوجه الفكري. وينبغي ألا يتخوف القادة الإسرائيليون كثيراً من التبادلية فيما يخص التنازلات الإسرائيلية في هذا الميدان التي لا تنطوي على مخاوف أمنية أصيلة أو تؤثر على مصالح حيوية في مفاوضات مستقبلية. وإثبات أن المكاسب الأصيلة باتجاه إقامة الدولة يمكن تحقيقها عبر تعاون إسرائيلي فلسطيني ينبغي أن يكون أحياناً هو المكافأة الخاصة لهذا التعاون بما يشجع على المزيد من المرونة.
وهناك أدلة على أن إسرائيل قلقة بشكل متزايد من الانهيار الاقتصادي والسياسي للسلطة الفلسطينية وأنها على استعداد لاتخاذ إجراءات أكثر أهمية لمنعه. وثمة مسار يمكن ارتياده وهو المزيد من التعاون الإسرائيلي الفلسطيني البعيد المدى في الاقتصاد ومجالات أخرى بالنظر إلى المصلحة المشتركة في منع زوال السلطة الفلسطينية.
وبالنظر إلى محورية الأمن للمصالح الإسرائيلية ولأي اتفاق سلام في المستقبل، فإن التقدم الذي تم إحرازه في السنوات الأخيرة في إصلاح وتدريب قوات الأمن لدى السلطة الفلسطينية وفي التعاون لمكافحة الإرهاب بين إسرائيل والفلسطينيين كان حاسماً. وبدون الإحساس بحصول تقدم مستمر تجاه إقامة الدولة فإن معنويات قوى الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية وفعاليتها وشرعية التعاون مع إسرائيل ستتعرض لخطر الانهيار. وعلينا أن ندرك أن التقدم في القدرات والأداء الأمني الفلسطيني والتقدم في بناء الدولة أمران متداخلان.
وأما توزيع الأولوية نوعاً ما بين بناء الدولة والمفاوضات فهو أمر حتمي. وفي ضوء قيود كلا الأمرين فإن الوقت الحالي ربما كان هو الأنسب لإعطاء أولوية لخطوات صغيرة ملموسة يمكن تحقيقها عبر اتباع مسار محصلات جديرة بالثناء ولكنها بعيدة المنال في الوقت الحاضر.
وكجزء من عملية إعادة إحياء ما هو قابل للتحقيق يتعيّن على إسرائيل والمجتمع الدولي أن يواصلا استكشاف خيارات مرحلية.
وينبغي أن تتحمل القيادة الفلسطينية دفع ثمن اتباع سياسات لا يُنظر إليها بشكل واسع على أنها تعالج قضايا الصراع الجوهرية. بل ويبدو أن هذا هو بالتأكيد المسار المفضل بالنسبة للعمل التدريجي الذي تسلكه حالياً القيادة الفلسطينية [متخلية عما سبق وانتهجته] ومتجهة مباشرة بتيارها الجارف نحو النسيان.
وقبل أن تشعر القيادة الفلسطينية بأنها مضطرة لاختيار خيار يُحدث ضرراً أكثر مما يجلب خيراً وقبل أن يُيَسر ترددها في تسهيل ظهور العنف أو تمكين المزيد من الشخصيات المتطرفة أو زوال القيادة الفلسطينية نفسها فإن ثمة سبباً وجيهاً لمساعدة رام الله على الخروج من المأزق الحالي بطريقة بناءة وواقعية كلما أمكن. وفيما يتعلق بجميع الدول الملتزمة بحل سلمي للصراع فعليها أن تعلم بأن الأمر ليست له علاقة تُذكر بالتعاطف بل أقل من ذلك بالإعجاب بالطريقة التي انتهجتها السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية. ولكن الأمر يتعلق بالمصلحة الذاتية ومن خلال التذكر بأن الشيء الوحيد الأكثر تنفيراً من الخيار السيئ هو الخيار الأسوأ.

 

معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى