«داعش» يتمدد في حوران

لم تكن حوادث الاغتيالات المتفرقة التي ضربت سهل حوران مؤخراً إلا البداية لما جرى بالأمس، حين اجتاح تنظيم «داعش» ريف محافظة درعا، وسط غياب تام لأي من الفصائل المقاتلة التي اكتفت ببيانات التوعد لمعركة قريبة .

هكذا استيقظ أبناء حوران على اقتحام «لواء شهداء اليرموك»، الموالي لتنظيم «داعش»، لبلدتي تسيل وعدوان في الريف الغربي لدرعا، بدعم من «حركة المثنى الإسلامية»، قبل أن يتوسع إلى تل الجموع القريب من نوى، حيث نصب مدفعية لقصف المناطق المجاورة، ويرسل مفخخة إلى مدخل مدينة انخل التي شهدت أمس الأول اشتباكات عنيفة بين خلايا نائمة لـ «شهداء اليرموك» و«الجيش الحر»، مع استمرارها في محيط المدينة التي يسعى عناصر «اللواء» لاقتحامها.

وفشلت كل محاولات «الجيش الحر» إيقاف تمدد «شهداء اليرموك»، وسط أنباء عن تهديد واعتراض أي كتيبة أو لواء يحاول التصدي لهم، وهو ما حصل أيضا في طفس القريبة من الطريق الدولي مع درعا المدينة.

وتتحدث مصادر محلية عن عشرات الخلايا النائمة التي افتعلت معارك ضمن محيط تسيل، لاسيما سحم الجولان وحيط حيث تتمركز «جبهة النصرة» التي اشتبكت مع «المثنى»، ما ساعد عناصر «شهداء اليرموك» على التقدم شمالا إلى تسيل وعدوان والتل، مع دور مهم لكتائب ومجموعات مثل «لواء المعتز» وبقايا «سرايا الجهاد» الذين بايعوا «شهداء اليرموك» مؤخراً.

وكان لافتاً وصول «أمير» جديد لـ «لواء شهداء اليرموك» هو السعودي أبو عبد الله المدني قادماً من الرقة عبر البادية، قبل أيام فقط من بدء المواجهات في وادي اليرموك. وعمد الأخير بحسب ناشطين محليين إلى اعتقال القيادات السابقة في «شهداء اليرموك».

ويعتبر «شهداء اليرموك» ثاني اكبر الألوية المقاتلة في درعا، ويتمركز منذ ثلاث سنوات في الريف الجنوبي الغربي، حيث كان يحظى بدعم من تجار في المنطقة بين تل شهاب إلى نوى وحيط وسحم الجولان، كما تلقى دعماً قطرياً وعبر شخصيات من جماعة «الإخوان المسلمين»، قبل أن ينشأ خلاف حاد مع «غرفة عمليات ألموك» بسبب إصراره على السيطرة على المعابر في تلك المنطقة، ما دفعه للانسحاب ثم مبايعة تنظيم «داعش».

وعلى الرغم من محاولات «الجيش الحر» ومعه «جبهة النصرة» و «أحرار الشام» القضاء على «شهداء اليرموك»، إلا أن جهودهم لم تؤت ثمارها، فـ «الحر»، وبعد هزيمته في معركة «وبشر الصابرين»، لم يعد يتلقى الدعم والتمويل الكافيين، ما حدا بكثير من عناصره للانشقاق ومبايعة «داعش» و «شهداء اليرموك» سراً، وهو ما يفسر غالبية الخلايا النائمة التي أشعلت انخل وطفس مؤخراً، وغالبيتها الساحقة من أبناء المنطقة الجنوبية نفسها، يضاف إلى ذلك صعوبة مواجهة فصيل لم يستخدم أسلحته، ومازال يعتمد، إضافة على دعم «داعش» له، على موارد من الزراعة والمعابر اللاشرعية مع الأردن، يضاف إلى كل هذا مسألة العامل الريفي والعشائري، إذ يقول ناشطون في درعا إن الشائع في العائلة الواحدة أن تجد فرداً يقاتل في صفوف «الحر» وآخر ضمن «شهداء اليرموك» أو «المثنى».

في المقابل، لم تعد «النصرة» ذلك الفصيل الذي يتباهى بقوته، خاصة مع تراجع دعمها جنوباً ومع انتقال كبار قياداتها من درعا إلى إدلب عبر البادية السورية، فيما سلم آخرون من أبناء المنطقة سلاحهم للدولة السورية، وقاموا بتسوية أوضاعهم مبتعدين عن القتال، يضاف إلى ذلك نية تنظيم «القاعدة» الاعتماد على «أحرار الشام» و«الجيش الحر» في مقاتلة «شهداء اليرموك». ولكن الواقع أن «الجيش الحر» اضعف من أن يقاتل، وهو ما تبين بالأمس حين سقطت مواقعه من دون مقاومة تذكر، كما أن «أحرار الشام» مازالت ضمن خيارات المواجهة من عدمها مع «داعش».

ويراهن أنصار «الجيش الحر» على العامل الخارجي في وقف تمدد «شهداء اليرموك» و «المثنى» إلى مواقعهم، ذلك أن قراراً أردنياً قد اتخذ في وقت سابق بإبعاد «داعش» عن حدوده الشمالية مهما كلف الأمر، وهو ما يراهن عليه قادة «جيش اليرموك» و «فرقة الحمزة» وغيرهم من خلال عودة تدفق السلاح والتمويل مجدداً لاستعادة التوازن في المنطقة، على اعتبار أن مدينة نوى قد باتت في خطر كبير أمام «داعش»، وفي حال سقوطها سيفتح الطريق نحو الشيخ مسكين وقلب مدينة درعا ما يجعل الجنوب السوري بأكمله في مهب الريح.

صحيفة السفير اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى