دراما أسامة أنور عكاشة
لم يكن أسامة أنور عكاشة كاتب مسلسلات لتسلية ربات البيوت، ولم يكن شاعرا شعبيا مهمته حكاية الحواديت، بل كان مفكرا صاحب مشروع فكري قومي قضى عمره كله لإنجازه، وحاول تحقيقه بأكثر من طريقة حتي استقر على الدراما التليفزيونية عندما تأكد من جماهيريتها وقدرتها الفائقة علي الوصول للناس.
“بسبب رغبته في الانفتاح على مساحة أوسع من الناس وجد في الدراما التلفزيونية الكثير من عناصر التعويض عن صورة الأديب التي تمناها لنفسه. كان أسامة أنور عكاشة يهيئ نفسه للرحيل من أرض الأدب إلى الدراما التلفزيونية وقادته المصادفة وحدها إلى اللحظة التي غيرت من مصيره”؛ حين التقى صديقه وزميل الدراسة المخرح فخر الدين صلاح، العائد لتوه من ليبيا، وطلب منه هذا الأخير الكتابة للتلفزيون، فأدهشه ذلك.. بعد أيام، قدم له فخر الدين حفنة من النصوص التلفزيونية على سبيل الاستئناس، فوجد أسامة نفسه غارقا في مصطلحات وتعبيرات غامضة بالنسبة إليه، ثم استوقفته سهرة تلفزيونية تحمل اسم إحسان عبدالقدوس، وكان كاتب السيناريو محفوظ عبدالرحمن، الذي كان عكاشة يعرفه كأديب وقاص، وهذا ما شجعه على خوض التجربة، فأنجز سباعية “الإنسان والحقيقة”، ثم كتب مسلسل “الحصار” في عام 1977، وفي العام التالي كتب مسلسل “المشربية”، وبدأ اسم عكاشة يتردد على الشاشة الصغيرة، وبدأت أعماله تثير انتباه المثقفين، إلى أن ظهر مسلسل “أبواب المدينة” كأول عمل كبير في جزءين، لكن النجاح الجماهيري الكبير تحقق مع مسلسل “الشهد والدموع”، حيث بلغ التكريم، بتعبير د. عبدالقاد عبدالقط، حد “المهرجان الإعلامي”، الذي تخرج فيه كاميرا التليفزيون إلى الشارع لتستطلع رأي الناس في ذلك العمل.
كان د . عبدالقادر القط من أوائل النقاد الكبار، الذين احتفوا بالدراما التلفزيونية؛ اهتم بها اهتماما كبيرا، وأدخلها في مجال النقد الأدبي، بعدما مضى زمن طويل تجاهل فيه النقاد والدارسون السهرات التلفزيونية، ثم انكبوا، لاحقا، على دراستها دراسة شاملة جادة، وصارت مادة لأبحاث جامعية، لكن اللافت للانتباه والدهشة أيضا أن كبار النقاد في العالم العربي صاروا – مؤخرا – يتجاهلون الدراما التلفزيونية، وبتعبير نزيه أبو نضال “يبدو أن النقاد الكبار عموما يترفعون عن تناول المسلسلات باعتبارها عملا فنيا دون مستوى النقد. إنها تكاد تكون، في نظر هؤلاء، سلعة تُروَّج لربات البيوت، وللكسالى المتعبين أمام التلفاز آخر النهار، ولا يليق بالناقد الكبير أن ينزل من عليائه الثقافي إلى هذا المستوى”.
إن المشاهد حين يتلقى عملا يمثل فيه الواقع بعض الدلالات والرموز لا يمكن أن ينسى كلية طبيعة الواقع المعهود، بل ينتقل من الواقع الذي يعرفه ويقبل حقيقته إلى ما يحس من رموز يمكن أن يحملها ذلك الواقع، دون أن يفقد كل عناصره في سبيل خدمة الرمز.
أما حوار المسلسل فكان عليه أن يسمو إلى مستوى الأحداث والشخصيات الرمزية، فجاء حوارا رفيعا ممتازا في مضمونه وبيانه، وإن كان فوق المستوى الفكري والوجداني والتعبيري لشخصيات القرية الواقعية. لقد زخر “عصفور النار” بخطابة مسرحية جاهزة، وكان ذلك سيودي بالعمل لو لم تكن تلك الخطابة بليغة إلى حد الشاعرية في معظم الأحيان، على أن هذا أيضا لم يكن كفيلا وحده لينجو العمل من تهمة “المسرحة” لو أن كاتبه لم يكن واعيا بذلك، لكنه كان واعيا إلى درجة أن صاغ العمل بأكمله في قالب أقرب إلى الدراما المسرحية.
والمسلسل يحمل – إلى جانب رموزه المعاصرة – بعض سمات من المآسي الإغريقية المعروفة، كخضوع الشخصيات المحورية لنوازع نفسية، كأنها القدر المكتوب، تسوقها دون أن تدري إلى مصارعها، وكعودة الغائب وقتل الأخ لأخيه في سبيل المبدأ أو السلطان. وقد حاول المخرج أن يبرز هذا كله فشكل القرية وأهلها تشكيلا جماليا و”مسرحيا”، يتجاوز الواقع ويهمل كثيرا من عناصره في سبيل الوصول بالدلالة والرمز إلى المشاهدين.
وقد رسم المؤلف ببراعة فائقة شخصيتين متميزتين وأبرزهما المخرج ببراعة مماثلة، هما شخصية العمدة وأخته سيسبان، وكلتاهما شخصية مأساوية مركبة. العمدة “مستبد طيب” إن صح هذا التعبير، واستبداده يبدو أحيانا اقتناعا صادقا منه بسلامة مبدئه في حرصه على أن يحفظ على قريته أرضها، ويبدو أحيانا قناعا يخفي حقيقة دوافعه وحرصه على السلطان والمال، وهو يندفع في قسوة بالغة ليبطش بكل من يهدد مبادئه أو سلطانه، ويحنو في الوقت نفسه في رقة بالغة على ابنة أخيه، وهي تهدم كل ما بنى في سنوات “حكمه” الطويل. وهو يغلظ القول والفعل لأخته، لكنه – في اللحظة المناسبة – يعود فيرعى لها حقها وحرمتها وتعود إليه فطرته السليمة وحبه الصادق لذويه ساعة احتضاره، ويموت راضيا بين أيدي ابنه وابنة أخيه بعد أن سامحاه وغفرا له ما قدم من سيئات.
وقد أبدع الفنان الكبير محمود مرسي في أداء تلك الشخصية المركبة وتراوحها بين الرضى والغضب، المواجهة والمكر والقوة والضعف. وهو فنان يتميز في كل تمثيله بقدرة فائقة على التنسيق بين التعبير بالصوت وخلجات الوجه وأوضاع الجسم في تكامل جميل وبدون مبالغة.
وسيسبان أخت العمدة شخصية محورية تجمع في مواقف عديدة بين طبيعة الأخت الثكلى، الموزعة بين كتمان ما تعرف من سر مروع حول مقتل أخيها العمدة السابق، بتدبير من أخيها، وحرصها على تماسك الأسرة وكيان القرية، وطبيعة الشخصية الإغريقية المأساوية، وكأنها أحيانا تمثل دور “العرافة”، التي تدرك أن الكارثة توشك أن تقع، لكنها لا تستطيع أن تصرح، فتكتفي بالرمز والعبارة المقتضبة، أو دور قائدة “الكورس” التي تفصح عن ضمير أهل القرية جميعا. وفي تلك المواقف جميعا، كانت الفنانة القديرة أمينة رزق تجسيدا بارعا لتلك الشخصية الفريدة، بوجهها الذي يجمع بين كمد الحزن الدفين والرغبة الملحة في البوح، وبقامتها الشامخة وطرحتها السوداء، التي تؤطر وجهها الصارم الحزين.
اختار الكاتب أن يكون العمدة هو رمز الاستبداد ليهرب من سطوة رقابة السلطة الموجودة في وقت عرض المسلسل وتمريره دون تدخل منها، أو أنه استخدم حيلة القناع المعتادة التي يُلبس من خلالها شخصياته أقنعة لشخصيات أخرى… إن “عصفور النار” يمثل مناهضة الظلم والاستبداد، والبحث عن الحرية والعدل والحق والحقيقة… يمثل البحث عن قيم الحق والخير والجمال.. يمثل ذلك كله في كل مكان وزمان، وليس في مصر فقط، ولكن في كل بقعة عاشت أو تعيش أو ستعيش مثل هذه الظروف. إنه صرخة إلى ضمير الإنسانية كلها.. صرخة بأن يجتمع الناس للوقوف في وجه الاستبداد، دون خوف من رفع الصوت بكلمة الحق.
في محاولاته الأولى، بدا أسامة أنور عكاشة متعثرا، وغير قادر على صياغة “الشفرة”، التي صاغت بعد ذلك علاقته بالجمهور العام، فمن يتذكر مسلسلاته الأولى مثل “المشربية” و”أبواب المدينة ” سيتذكر على الفور كيف كانت مشغولة بنفس مسرحي أكثر منه تلفزيوني، تعلي من الحوار على حساب الصورة، التي كانت فقيرة بحكم إمكانيات ذلك الزمان وتتردد فيها أصداء لمقولات كبيرة عن “عزلة المثقف وأزمته الوجودية”. سمات الحوار المسرحي تخلص منه مع عمله الأول الكبير “الشهد والدموع” في بداية الثمانينيات، ومن يعرف أدب نجيب محفوظ جيدا سيدرك على الفور العلاقة بين هذا العنوان ورواية “ميرامار”، فعامر وجدي أحد أبطال الرواية يقول: “الإسكندرية قطر الندى، نفثة السحابة البيضاء، مهبط الشعاع المغسول بماء السماء، وقلب الذكريات المبللة بالشهد والدموع”.
من هذه الجملة أخذ عكاشة اسم مسلسله التليفزيوني، الذي دشن شهرته العريضة، وأعلن مولده ككاتب استثنائي صاحب صنعة.
وحسب رؤية الناقد طارق الشناوي، فقد ولدت على يد عكاشة مع هذا المسلسل “مكانة” كاتب السيناريو. وأصبح للمرة الأولى في تاريخ الدراما اسم السيناريست ضمانة لجودة المسلسل، والتترات تبدأ باسمه قبل أسماء المخرج والنجوم. وهي نقطة تحول مهمة، ربما عوضت عكاشة قليلا عن احتياجه المفهوم للقب “الكاتب”، الذي يحيل إلى كاتب الأدب وليس إلى “الدراماتورج” أو كاتب الدراما، وزاد من حجم التعويض أن مسلسلاته أصبحت منصة لا تخيب لإطلاق نجوم يصعدون إلى سماء النجومية بسرعة الصاروخ، ومن ينسى في هذا المسلسل أداء محمود الجندي وخالد زكي ونسرين وعفاف شعيب، التي خرجت بدورها في (الشهد والدموع) من فضاء المرأة البضة الباهتة التي ظهرت في بعض الأفلام وهي تضطرب في أدائها الأنثوي المفتقد إلى عنصر الإغراء، وارتقت إلى دور فيه “أمومة حارقة” لا تخلو من أسى تصنع صلتها بالناس من بكاء كان لا ينقطع، لكنه كفيل بصنع أواصر انتماء كانت بحاجة إليه قبل أن تصل إلى دورها الثاني المؤثر في “رأفت الهجان”.
مساحات الأداء التي وفرها عكاشة لنجوم أعماله، تميزت بحوارات دافئة، لم تأت خالية من تساؤلات عميقة عن معنى الوجود، وعن حدة الصراع الطبقي، ومرارة الافتقار إلى الحد الأدنى من معنى العدالة الاجتماعية. كانت هناك رسالة واحدة يعيد أسامة تأكيدها من عمل لآخر، أو لنقل رسائل قليلة تتعلق بالعدالة الاجتماعية (أكثر ما أحبه في عب الناصر) والحس القومي العروبي والبطل الشعبي الذي بوسعه أن يقود التغيير.
وليس من النادر أن نجد كاتبا روائيا أو شاعرًا أو قاصا يؤمن بهذه القيم ويدور حولها في كتاباته، بل إن هذا هو العادي، لأن أغلب الكتابة تأتي من اليسار، لكن عبقرية أسامة أنه جعل هذه الأفكار مادة للدراما التليفزيونية. وهي من جهة خبز المواطن غير المثقف، البعيد كلية عن هذه الأفكار، ومن جهة أخرى ـ وهذا هو الأهم ـ أن الدراما عمل جماعي، تأتي ميزانية إنتاجه من الدولة؛ قبل انتشار شركات الإنتاج الخاصة.
لا ينبغي أن ننسى أن “الشهد والدموع” كان من بواكير الدراما العكاشية، وعليه فإن كثرة الشخصيات وتداخل الأحداث ومفاجآتها والحوار النابض بالحياة، إلى غيرها من سمات الرجل، كانت جديدة على المشاهدين، أو ربما – بمعنى أكثر دقة – كان اجتماعها على ذلك النحو هو الجديد الحافز على الترقب والاندهاش. وفي “الشهد والدموع”، وربما في “ليالي الحلمية”، مع أنها من أعماله الناضجة، اختار عكاشة أن ينحاز صراحة إلى البساطة وجمهورها الواسع، وإن يكن قد فعلها في الأولى – الشهد والدموع – عفوا، بينما عمد إليها عمدا وهو في كامل أدواته في المرة الثانية مع “ليالي الحلمية”. كما تتميز أعمال عكاشة “بسطوة الملامح الروائية مثل النفس الملحمي… فهو لا يسرد حكاية تقليدية عن الثأر والزواج والطلاق وثراء أحد الأشخاص فجأة، بل يؤرخ بالصورة لوطن بكامله، لمدينة، لطبقة اجتماعية تتآكل، ويتابع ذلك عبر أكثر من جيل. مع التحفظ على تعبير “يؤرخ” لأنه يفعل أكثر من مجرد التوثيق واستعادة الماضي والتباكي بشأنه، فالنفس الملحمي بما يقتضيه من امتداد سردي معقد، يقتضي وعياً هائلاً بجدلية الزمان والمكان، وبالتغيرات العميقة، التي تنتاب الشخصيات، وقدرة على استشراف المستقبل”.
وفي أعمال أسامة أنور عكاشة، نجد أن المرأة احتلت المساحة الكبرى منذ بواكير مسلسلاته حتى آخرها، وإن كانت نساء عكاشة في البداية عانين من مشاكل مجتمعية ونفسية إلا أن نساءه في الأعمال الأخيرة، كنّ رمزا ومعنى للإصلاح والقيم والمبادئ بالرغم من الصورة المثالية لبعضهن؛ ففي “الشهد والدموع” كانت “زينب” البطلة تجسد معاني المقاومة، الصمود وقدرة المرأة على تربية الأيتام، واسترداد الحق الضائع من عمهم الظالم “حافظ”، وفي “الحب وأشياء أخرى”، كانت البطلة نموذجا للرومانسية وقصة “الشاطر حسن” ولكن معكوسة؛ فالبنت الثرية تحب الشاب الفقير وتتزوجه، ولكن الحب لا يصمد في مجتمع المادية.
وفي الختام، نشير إلى أن هذا المسلسل يندرج ضمن ذلك المشروع الفني، الذي بدأه عكاشة بداية معكوسة؛ “البحث عن أصول وجذور الطبقة الوسطى المصرية وعلاقة تلك الطبقة بالقوى السياسية من سلطة أو مال أو شبكة ممتدة من الأخلاق والأفكار والمبادئ، ولقد بدأ عكاشة رحلته البحثية مع مسلسل “الشهد والدموع”، ثم “ليالي الحلمية” بأجزائها الخمسة، وتلاها بـ “أرابيسك” و”زيزينيا”، وهو في كل عمل يزيح الستار عن جزء خفي من مكونات الطبقة الوسطى في مصر، تلك الطبقة التي تعمل بالتجارة أو الزخرفة أو الصناعة أو العطارة، وفي ذات الوقت تتشابك مع رجال السلطة ونواب الشعب، ويطل العمدة “سليمان غانم” ليذكر المشاهد أن أصل تلك الطبقة يمتد إلى الريف المصري بسذاجته ودهائه وصبره، وإصراره على الدخول إلى عالم المدينة بأخلاق الريف وصفاته، وفي عمله الأخير “المصراوية”، رسم أسامة أنور عكاشة لوحة فنية مفصلة لقرية مصرية تقع ما بين المنصورة وكفر الشيخ، تلك القرية على قدر صغرها إلا أنها بداية انطلاق نحو مجموعة كبيرة من العلاقات المتشابكة اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا”.
والعديد من شخصيات أسامة أنور عكاشة كانت ذات سمات إنسانية واقعية برغم تفردها الدرامي والخيالي على التوازي، وقدرتها على البقاء على قيد الحياة الفنية، حتى مع تكرار ظهورها في أعمال أخرى، مثل شخصية “العمدة سليمان غانم”، أو “أبلة حكمت” أو “بسة” أو “حسن أرابيسك” وغيرها من إبداعات عكاشة، التي عاشت في الوجدان، وخرجت شخصياتها لتعيش في الذاكرة، وتصبح جزءا من التراث اليومي واللغة الحياتية للمصريين والعرب، فكأن شخصيات أسامة أنور عكاشة شخصيات جامحة تأبى إلا أن تستسلم إلى قلم كاتبها؛ فهي من لحم ودم وعقل وقلب تولد من رحم كلماته وتشب عن الطوق وتكبر لتصير مستقلة بذاتها، لها لغة حوار وحياة وصراع وآلام وأحلام في خصوبة متجددة؛ فبعد سلسلة من الأعمال التي تناولت تاريخنا الحافل، والتي ألقت بظلالها على حاضرنا اتجه عكاشة إلى تصوير الواقع ومحاولة فهمه وفك رموزه، فكانت سلسلة أعماله التي فيها البطل يحاكي “دون كيشوت” في رحلته المشهورة لمحاربة طواحين الهواء.
استطاع أسامة أنور عكاشة أن يصنع دراما تلفزيونية، تحمل بصمة شديدة الخصوصية، يمكن للمشاهد العادي أن يتعرف على أعماله الماتعة، حتى دون قراءة اسمه على التترات، بفضل تلك “الشفرة” العكاشية، وقد نجح في أن يجعل المتلقي العربي -من الماء إلى الماء – يتابع مصائر شخوصه بشغف، وكأنها شخصيات حقيقية من لحم ودم، كما فسح أسامة المجال لكل كتاب الدراما المصرية لكي يقدموا أنضج أعمالهم، بعدما أرسى قواعد هذا الأدب الجديد، واستحق، عن جدارة واستحقاق، لقب “نجيب محفوظ الدراما التلفزيونية” .
ميدل إيست أونلاين