سلايدمشاهير

دراما بوليسية جديدة على «شاهد VIP»: السدير مسعود وباسل خيّاط أمام «منعطف خطر»

يوم برع السدير مسعود العام الماضي في إخراج مسلسل osn الأصلي «قيد مجهول» (تأليف محمد أبو لبن ولواء يازجي ــ بطولة باسل خيّاط، عبد المنعم عمايري، نظلي الروّاس وغيرهم)، ظنّ بعضهم أنّها قد تكون حماسة العمل الأوّل (كما أشار الممثل السوري قاسم ملحو أخيراً على إنستغرام). غير أن مَن تابع أخيراً «منعطف خطر» على «شاهد VIP»، يدرك جيداً أن نجاح المخرج السوري الشاب في عمله السابق لم يكن مجرد «فلتة» أو مصادفة.

على مدى 15 حلقة صارت متوافرة بالكامل يوم الجمعة الماضي على منصة البثّ التدفّقي المنضوية تحت مظلّة شبكة mbc السعودية، تمكّن المسلسل الجديد الذي يضمّ كوكبة من الممثلين أبرزهم باسل خيّاط وباسم سمرة وريهام عبد الغفور ومحمد علاء وسلمى أبو ضيف وغيرهم، من تحقيق نسب مشاهدة عالية وفتح شهية جهات عدّة على عرضه. تلاحق الأحداث قصة المحقّق المهووس بعمله حدّ الإدمان، «هشام مراد» (باسل خيّاط)، الذي قرر تسليم مكتبه وجميع ملفات القضايا إلى زميل جديد بهدف الحصول على إجازة مع ابنته، لكنه فجأة يجد نفسه مضطراً لتغيير حساباته، فيقطع إجازته ويعود للتحقيق في جريمة ارتكبت في منطقة الجيزة في مصر، أودت بحياة شابة عشرينية مؤثّرة على مواقع التواصل الاجتماعي تُدعى «سلمى الوكيل» (سلمى أبو ضيف)، فيما يسعى طوال الوقت إلى البحث جاهداً عن الفاعل! هكذا، نتابع بحثاً مكثّفاً عن المجرم ضمن خيوط متشابكة، في سياق حبكة تنعكس تفاصيلها على حياة المحقّق الشخصيّة غير المستقرّة أصلاً أو على مزاجه الصعب. مسارات درامية كثيرة تتقاطع في البحث عن القاتل الذي كلّما اقترب المحقّق من التأكد من هويته، تبرز إلى الواجهة معلومات جديدة تغيّر البوصلة بالكامل، ليبقى الوضع هكذا حتى الدقائق الأخيرة.

هنا، يبدو واضحاً أنّ خيّاط، وفي ظلّ قلّة الأدوات التي يمكنه الركون إليها في شخصية «هشام»، يصبّ تركيزه في أدائه على لغة العيون والنظرات، لتستحيل تعابير وجهه نقطة قوّته في هذا الدور الذي يُضاف إلى سلسلة الأدوار التي تألّق في لعبها خلال مسيرته الفنية الغنية والمنوّعة.

في «منعطف خطر»، يقف النجم البالغ 45 سنة للمرّة الثانية أمام ابن أستاذه غسّان مسعود الذي يقدّمه بعين مختلفة، بعدما اعتاد على رؤيته في السابق جزءاً من العائلة.

السدير مسعود الذي يعطي فرصة متساوية لكلّ الممثلين لإظهار أفضل ما عندهم (على رأسهم باسم سمرة في دور «جمال الوكيل» وريهام عبد الغفور في دور زوجته «جيهان»)، أكد في تصريح إعلامي سبق كشف الستار عن هذه الدراما البوليسية التشويقية، أن بصمته الإخراجية تأتي مع التجربة نفسها وتراكم الأعمال وتتمثّل من وجهة نظره في الصورة تحديداً. وهو ما ظهر جلياً في «منعطف خطر» الذي حاول فيه جاهداً تقديم توجّه مختلف على المستوى البصري وفي أسلوب الإخراج.

إلى جانب الديكور الذي أوضح المهندس يحيى علّام أنه استغرق أكثر من ستة أشهر من التحضير والمعاينة وكلف حوالي ثلاثة ملايين جنيه مصري (157 ألف دولار أميركي) فيما يمزج بين الواقعية والغموض، أولَى مسعود أهمية كبرى للألوان، معتمداً بشكل أساسي على الـ Teal and Orange (أي الأزرق المخضرّ والبرتقالي). تقنية تدرّج ألوان (Color Grading) تكتسب منذ سنوات شعبية واسعة بين صناع السينما في هوليوود (Transformers وMad Max: Fury Road وX-Men: Apocalypse وCaptain America: Civil War وBatman V Superman: Dawn Of Justice…) وبعض الدراما التلفزيونية (House of Cards مثلاً)، وتتركز على التباين (contrast) القائم بين هذَيْن اللونَيْن. على سبيل المثال، يُستخدم البرتقالي لإبراز لون البشرة وفي المشاهد الدافئة أو تلك التي توحي بالحب والعاطفة، فيما تتركّز تلك التي تحتوي على توتر أو شر على الأزرق المخضرّ.

أصاب السدير مسعود المتخرّج من قسم الإخراج من «الجامعة اللبنانية الدولية» في استخدام هذه التقنية مراراً، بينما بدت مبالغاً فيها في أحيان أخرى، خصوصاً أنه حرص في غالبية الأوقات على إشباع الألوان كثيراً ما أوحى ببعض الافتعال، المقصود بطبيعة الحال لتعزيز الأجواء القاتمة والسوداوية للمسلسل.

عوامل القوة كثيرة في هذا العمل الذي تنتجه «كاريزما بيكتشرز» وشارك في كتابته محمد المصري وأحمد جودة بعد حصول الشركة على حقوقه من DR Sales. صحيح أننا أمام نصّ عادي، غير أنه مشبع بجرعات من التشويق والإثارة والغموض، استناداً إلى مسلسل الجريمة الدنماركي الحائز جوائز عدة (من بينها «بافتا») The Killing.

يستند العمل المؤلف من 15 حلقة إلى دراما الجريمة الإسكندنافية The Killing

من خلال «منعطف خطر»، كان الجمهور العربي على موعد جديد مع دراما الجريمة الإسكندنافية (Nordic Noir) في قالب حاول الحفاظ على طبيعة العمل الأصلي ولكن بالتناغم مع ذوق المشاهدين في منطقتنا، بالارتكاز إلى قصة قريبة من مجتمعاتنا تحمل الكثير من الرسائل وتعالج قضايا عدة، من دون أن تخلو من الصدمة.

يأتي ذلك بعدما كان The Killing قد حظي على امتداد ثلاثة مواسم بدأت في 2007 بشعبية واسعة حول العالم، متكئاً إلى المؤامرات والجو القاتم واهتمامه بالبحث عن القاتل بالقدر نفسه كما بتأثير الجريمة على الأوساط السياسية. نجاح العمل تُرجم مثلاً في احتلاله المرتبة 80 ضمن قائمة أفضل 100 مسلسل تلفزيوني في القرن 21 على «هيئة الإذاعة البريطانية» (BBC)، كما أن عرضه تنقّل بين بلدان عدة على امتداد العالم، من بينها ألمانيا وهولندا. وفي عام 2011، أعادت AMC تقديمه بنسخة أميركية، قبل أن يشاهد الجمهور الجزء الرابع والأخير منه على منصة البثّ التدّفقي الأميركية «نتفليكس» بعد ذلك بثلاث سنوات.

ومع إسدال الستار على النسخة العربية، من الممكن أن نتوقع جزءاً ثانياً يستكمل القصة بين «هشام مراد» و«جمال الوكيل» (أو «عتمان») التي يبدو أنها لم تنته بعد.

 

 

صحيفة الاخبار اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى