دراما رمضان: العرض الحصريّ لم يعد هاجس القنوات
يومان فقط يفصلاننا عن انطلاق «جنون» سباق المسلسلات في رمضان… وتحديد وقت عرض أيّ مسلسل هو إحدى أكبر المعضلات التي تواجه الفضائيّات الآن، مع تراجع حقوق البثّ الحصري الذي قد يكون نعمة أو نقمة على الشاشة إن فشلت في تسويق العمل تسويقاً كافياً.
اعتادت القنوات التكتّم على مواعيد عرض مسلسلاتها خلال السنوات الماضية، بل يذهب بعضها إلى تغيير الأوقات في اليوم الثاني تبعاً لما ستبثه القنوات المنافسة، فيما يحسم البعض الآخر المواعيد النهائية قبل ساعات من بدء شهر رمضان. وبالطبع تلعب شركات الإعلان دوراً أساسياً في تحديد الوقت المناسب.
يختلف الوقت تبعاً للمحطّة والجمهور المستهدف، إذ تفضّل قنوات الخليج العرض بعد الإفطار وصولاً لوقت الذروة بين الساعة العاشرة إلى منتصف الليل، وذلك ما يبدو واضحاً من غزارة الأعمال ذات الإنتاج العالي المعروضة في هذه الفترة. أما على الشاشات اللبنانيّة والسوريّة، فتتسع الفترة الذهبية لتضمّ ما قبل الإفطار بساعتين تقريباً، ويذهب بعضها للفترة الصباحية أيضاً مع أفضليّة لمسلسلات تبثّ مباشرة بعد نشرة الأخبار، وهي الفترة المحبذة للمعلنين عموما… فيما يبدو الأمر أقلّ أهميّة على شاشات مصر على اعتبار أنّها تعيد عرض المسلسل في أكثر من توقيت.
يبقى القرار في تحديد وقت البثَّ، بيد المحطة صاحبة العرض الأول والتي تفرض على باقي القنوات عدم عرض المسلسل قبلها، وغالباً ما تكون قد شاركت بإنتاج العمل لتضمن الحصة الأكبر من الإعلانات، وذلك ما يسري حتى على القنوات الأرضية. وغالباً ما تنتهج «أم بي سي»، و «أبو ظبي»، و «دبي» هذه الخطوة في اختيار توقيت عرض مسلسلات من إنتاجها (كاملاً أو جزئياً)، كما حصل سابقاً في أعمال مثل «باب الحارة».
يبقى خيار العرض الأوّل أفضل للقنوات من خيار العرض الحصري الذي يتجه تدريجياً ليصبح من الماضي، مع انتشار المنصّة البديلة «يوتيوب»، وصعوبة ضبط عرض المسلسلات عليها، وما يترتّب على ذلك من تشتّت في العائدات الإعلانيّة. يضاف إلى ذلك أن تجارب العروض الحصرية لا تؤتي دوماً بالنفع الجماهيري ولا المادي، وسبق أن فشلت مسلسلات بتحصيل عوائد كبيرة، رغم القيمة الفنية التي تتمتع بها، مقابل أخرى في غاية السطحية كان المشاهد مجبراً بشكل ما على متابعتها، لكون أبطالها ينتقلون من شاشة لأخرى .هكذا مثلاً ظلم مسلسل «الحصرم الشامي» (تأليف فؤاد حميرة؛ إخراج سيف الدين سبيعي) بالرغم من إجماع نقّاد كثر على أنّه من الأعمال التي تناولت تاريخ دمشق بموضوعية بالغة. والأمر ذاته تكرّر في مسلسل «سيرة الحب» لمكسيم خليل وسيرين عبد النور العام الماضي، إذ إنّه بقي أسير القنوات المشفّرة لما بعد الموسم الرمضاني. تشذّ بعد الإنتاجات الضخمة عن هذه القاعدة، كما كانت الحال في «صراع على الرمال» (هاني السعدي؛ حاتم علي) أو «أبواب الغيم» (عدنان العودة؛ حاتم علي) وكلاهما مبنيّ على قصائد حاكم دبي محمد بن راشد آل مكتوم، وقد عرضا خارج التشفير. كذلك الأمر بالنسبة لمسلسلي «عمر» (وليد سيف؛ حاتم علي) و «سرايا عابدين» (هبة مشاري حمادة؛ عمرو عرفة) وهما من إنتاج «أم بي سي». وفي الحالتين، حين يكون الإنتاج من داخل المحطة، أو من قبل جهة حكومية، تحشد القناة العارضة ضمان نسبة إعلانات عالية.
بعض المحطات ظفر بعرض حصري، كان أشبه بطوق إنقاذ لمنع إقصاء العمل عن السباق الرمضاني كما حصل السنة الفائتة مع «قلم حمرة» (يم مشهدي؛ حاتم علي). أما في هذا الموسم فسيجد معظم المسلسلات السورية طريقه للمشاهدين عبر قناتين على الأقل، بالإضافة للشاشات المحلية، وهو ما ينسحب بدوره على الدراما المصرية التي تجد سوقاً أوسع بغزارة المحطات العارضة هناك. الأمر ذاته ينطبق على الإنتاجات المشتركة، إذ تعرض أعمال مثل «تشيللو»، و «24 قيراط»، على قنوات عربيّة وأخرى محليّة لبنانياً. وكذلك الأمر لبعض المسلسلات المصريّة مثل «الكابوس» و «ذهاب وعودة» اللذين يعرضان مصرياً ولبنانياً.
صحيفة السفير اللبنانية