“درع الفرات” – ستارة لتركيا

تطرقت صحيفة “كومسومولسكايا برافدا” إلى عملية “درع الفرات” التركية في سوريا، مشيرة إلى أنها تجري من دون تنسيق مع مجلس الأمن أو الحكومة السورية.

جاء في مقال الصحيفة:

دولة عضو في حلف “الناتو” تدخل بالدبابات إلى أراضي دولة ذات سيادة من دون موافقة مجلس الأمن الدولي أو حكومة دمشق الرسمية، بحجة محاربة “داعش”، وتبدأ عمليات عسكرية هناك وفقا لما تراه مناسبا.

لنحاول للحظة أن نتصور أن موسكو أدخلت قواتها إلى دونباس لحماية السكان المحليين واحتلت بضع مدن هناك، فماذا كان سيحصل؟

ومع ذلك، يعرب اللاعبون الأساسيون في مسرح الشرق الأوسط عن قلقهم بتحفظ. إذ لا شك في أن أنقرة اتفقت مع هؤلاء اللاعبين بشأن هذه العملية. ولكن هذا لا يعني أبدا أنهم جميعا راضون بحرب أردوغان الخاطفة في شمال سوريا، فمن الواضح جدا أنه يسعى لبلوغ أهدافه الخاصة، وأن محاربة “داعش” ليست الهدف الرئيس لهذه العملية.

وقد وجهت تركيا ضربتها الأولى إلى مدينة جرابلس التي كان يسيطر عليها “داعش”، حيث تمكن مقاتلو “المعارضة المعتدلة” من السيطرة على المدينة بدعم من القوات التركية وطيران التحالف الدولي خلال أقل من يوم.

يقول مراسل الصحيفة الخاص في سوريا ألكسندر كوتس: لقد شاهدت كيف يتم احتلال المدن في سوريا. تحاصَر المدينة أسابيع وأشهر وتتعرض لقصف مدفعي مكثف وبعد ذلك يصار إلى احتلالها أو تستمر في المقاومة. ولكن احتلال جرابلس عمليا تم من دون مقاومة تذكر، حيث رأينا مقاتلي المعارضة يلتقطون الصور التذكارية بملابسهم المموهة النظيفة. وهنا يطرح السؤال نفسه، خاصة إذا تذكرنا قافلات صهاريج النفط التي كانت تنتقل بين سوريا وتركيا بانتظام ومن دون عوائق. إذا ماذا تريد أنقرة من هذه العملية؟

من بين الأهداف التي أعلنتها تركيا، مسألة وحدة الأراضي السورية. ولكن هذا الأمر من النظرة الأولى فقط يبدو غير طبيعي. لأن من مصلحة تركيا عدم قيام دولة كردية موحدة بمحاذاة حدودها الجنوبية. أي أن نقلة أردوغان المفاجئة دقت إسفينا بين كانتوني كوباني وعفرين اللذين كانا على وشك الالتحام بعضهما ببعض. وطبعا ومن دون شك سيستمر الأتراك في توسيع منطقة نفوذهم. ولكن هذا يتطلب التخلي عن علاقات الشراكة مع بعض الأطراف غير المأمونة الجانب من بين الزملاء في التحالف والتنظيمات. وبحسب رأي المراسل، لن يكون هذا الأمر مؤلما على غرار جرابلس. مقابل هذا، سوف يزيد الأتراك من دعمهم لـ “المتمردين” الذين يقاتلون ضد الأكراد، وخاصة أن هذا يصب في مصلحة الأسد أيضا. لأن دمشق تزعجها أيضا فكرة منح الحكم الذاتي للأكراد، حيث إن صدامات مسلحة وقعت بين القوات السورية والأكراد في مدينة الحسكة، ويمكن القول أن النزاع شيئا فشيئا يتخذ تدريجيا ملامح حرب لبنان “الجميع ضد الجميع”.
كما يجب أن نتذكر أن حلم تركيا السابق بإنشاء منطقة عازلة على امتداد حدودها مع سوريا، حيث إنها عمليا بدأت بتحقيق هذا الحلم القديم. أي أن أنقرة تضرب عصفورين بحجر واحد. فهي من جانب تؤجل إلى أمد غير محدد قيام كردستان بمحاذاة حدودها، ومن جانب آخر تحقق حلمها بشأن منطقة عازلة يمكن أن تصبح مكانا لمعسكرات اللاجئين. وهذه طريقة ممتازة للتخلص من اللاجئين الذين حولوا المحافظات في جنوب تركيا إلى معاقل للمجموعات الإجرامية والإرهابية. كما يمكن أن تستخدم هذه المنطقة العازلة في إعداد وتدريب مقاتلي “المعارضة المعتدلة”، لأن أردوغان لم يتخل حتى الآن عن فكرة رحيل الأسد، على الرغم من المصالحة مع موسكو. أي أن تركيا تحاول حل مشكلاتها الخاصة من وراء ستارة محاربة “داعش”.

روسيا اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى