نوافذ

“دكنجية ” الثقافة

محمد الحفري

قد نعني بمادتنا هذه الثقافة السورية على وجه التحديد حيث يأخذنا العنوان إلى مصطلح الدكان والتي تعود في جمعها إلى الدكاكين، وهذا الجمع قد يحيلنا مباشرة إلى الملكية الخاصة، وقد تعود ملكية الدكان إلى عدة شركاء، لكنها في النهاية ملكية خاصة.

أحياناً قد يكون ” الدكنجي” لاطئاً  في زاوية من زواياها لاقتناص زبون معين والحصول على ثمن مضاعف للبضاعة التي يبيعها، وهذه الحال قد تنطبق إلى حد ما على الثقافة السورية، فقد درجت العادة خلال السنوات الماضية أن تمارس الرقابة على المادة التي يجب نشرها، والتي يجب أن تكون متناسبة مع سياسة الدولة أو النظام القائم من جهة ومع المزاج الشخصي لرئيس تلك المطبوعة أو المشرف عليها من جهة أخرى، وهو قد يرفضها ويمنع نشرها إذا كان لا يحب كاتبها.

قصدنا ليس التعميم بطبيعة الحال، فهناك دائماً أناس شرفاء ويتعاملون بمعيارية فنية مع المنتج الأدبي والاجتماعي ، لكن من نقصدهم تعاملوا مثل صاحب الدكان، الذي يحسب دائماً منفعته الخاصة وأقصى ما يمكن أن يحصل عليه من هذا الزبون أو ذاك، مع العلم أن الثقافة لا تروج بتلك الطريقة، وتحتاج إلى قلوب وسيعة لاستيعابها وقبول الآخر حتى لو كان مختلفاً ومغايراً لما تريده السلطة.

عندما نتحدث عن سوريا وحال الثقافة فيها، فنحن بالتأكيد نتحدث عن زمنين أو عن عهدين، أولهما امتد عشرات السنوات، والآخر لم يتجاوز العام تقريباً، وقد لا نختلف على أن هذه المدة قصيرة ، وقد يكون من الظلم أن نحكم عليها بشكل مطلق، ولو تطرقنا إلى المثل الذي يقول: ” المكتوب مبين من عنوانو” عندها يمكننا الإشارة إلى أن وزارة  الثقافة قد عطلت وألغت  الكثير من النشاطات الثقافية من دون تبريرات أو أسباب منطقية، كما أوقفت عمل الهيئة السورية للكتاب عن إصدار الكتب وأوقفت الدوريات والمجلات التابعة لها، وهي أيضاً لم تقدم العروض المسرحية وحال مديرية المسارح والموسيقا كما حال مؤسسة السينما، فماذا بقي للوزارة أو منها إذاً، وما الذي قدمته خلال عام كامل من استلام السلطة الجديدة؟

قد تتمثل النافذة الثانية للثقافة السورية في اتحاد الكتاب العرب الذي تناوبت على رئاسة لجنة تسيير الأعمال فيه شخصيات بعضها لم يكن عضواً فيه ولا يعرف طبيعة عمله، وبعضها رفض الانتساب إليه أصلاً مع أن ذلك كان متاحاً أمامه، وكان همها كسب وتحصيل الأموال  في تلك المرحلة، وبالتالي نهب ما يمكن نهبه، وهنا يتوجب علينا التنويه أن أموال الاتحاد تعد أمولاً خاصة وليست عامة، والاتحاد حتى اللحظة لم يؤدي دوره ولم يقم بما هو مطلوب منه، بل بقي مكاناً للكسب غير المشروع وربما تحول إلى ذلك الدكان الذي يتربص صاحبه بالربح كما أشرنا سابقاً.

ما نود قوله في هذه العجالة أن الدكان يسمى الحانوت أيضاً، وهو محل للبيع داخل الأحياء السكنية، وكان سابقاً يبنى من الخشب والمواد البسيطة، وفي معرض حديثنا عن الدكان و”الدكنجية” لا بد من الإشارة إلى مرتزقة الثقافة التي تظهر في مطارح كثيرة ويتشدق  أصحابها بالقول وفن الكلام لإقناع الجهات التي يتعاملون معها بأنهم أهل الفكر والإبداع، وفي النهاية تقبلوا تلويحة من يدي لكل الدكاكين الثقافية.

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى