دمشق وأنقرة تنددان بقرار الاستثمارات في شمال سوريا
انتقدت وزارة الخارجية السورية اليوم الجمعة قرارا أميركيا يسمح ببعض الاستثمارات الأجنبية في مناطق بشمال سوريا خارج نطاق سيطرة الحكومة وتعهدت بـ”هزيمة” هذه الخطوة، بينما أعلنت تركيا من جانبها رفضها للقرار الأميركي باعتبار أنه يشمل مناطق خاضعة لسيطرة الأكراد السوريين المصنفين من قبل أنقرة جماعات إرهابية.
ووافقت وزارة الخزانة الأميركية أمس الخميس على أنشطة استثمارية في 12 قطاعا من بينها الزراعة والتشييد والتمويل فيما قالت إنها إستراتيجية لهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية من خلال تحقيق الاستقرار الاقتصادي.
ولا يسمح القرار بأي تعاملات مع حكومة الرئيس السوري بشار الأسد أو الكيانات الأخرى التي أدرجتها الولايات المتحدة على القائمة السوداء خلال الحرب السورية المستمرة منذ 11 عاما.
وفي بيان صدر اليوم الجمعة قالت وزارة الخارجية والمغتربين السورية إن دمشق “مصممة على هزيمة هذه المؤامرة الجديدة” وحثت المواطنين في شمال البلاد على “إسقاطها”، واصفة القرار بأنه جزء من سياسة “هدامة” تنتهجها الولايات المتحدة في سوريا.
وتلقي دمشق باللائمة على العقوبات الغربية في الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها البلاد حيث أدى انهيار قيمة العملة (الليرة) إلى زيادات كبيرة في الأسعار مما جعل المواطنين يكابدون في سبيل توفير الأغذية والسلع الأساسية الأخرى.
واستعادت القوات السورية والقوات المتحالفة معها معظم الأراضي التي فقدتها أثناء معارك شرسة استمرت سنوات بعد أن تحولت المظاهرات ضد الأسد إلى صراع وحشي.
وتسيطر جماعات معارضة مدعومة من تركيا على أجزاء من الأراضي السورية في شمال غرب البلاد في حين تسيطر على معظم شمال شرق البلاد قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة.
ويحتوي شمال شرق سوريا على الكثير من احتياطيات النفط وإنتاج القمح في حين كان شمال غرب سوريا منطقة زراعية وصناعية في فترة سابقة.
ويسمح القرار الأميركي بعمليات شراء المنتجات النفطية مثل البنزين في المنطقة، لكنه لا يسمح بالتعاملات مع الحكومة أو الأفراد الخاضعين للعقوبات أو استيراد المنتجات النفطية السورية إلى الولايات المتحدة.
وفي اتصال هاتفي مع الصحفيين رفض مسؤولون أميركيون تأكيدات بأن الخطوة الأميركية يمكن أن تعتبر تعزيزا لجهود بعض الدول العربية لإنهاء عزلة الأسد وكرروا القول إن واشنطن ليس لديها النية لرفع العقوبات المفروضة عليه.
وخلافا لذلك، أصر المسؤولون على أن التنمية الاقتصادية ستحبط محاولات فلول تنظيم الدولة الإسلامية تجنيد أعضاء جدد.
ورفضت تركيا من جهتها استثناء المناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد من العقوبات، منتقدة القرار الأميركي في فصل جديد من فصول التوتر بين أنقرة وواشنطن ينضاف لسجل الخلاف بينهما حول الدعم الأميركي لقوات سوريا الديمقراطية التي يشكل المسلحون الأكراد عمودها الفقري.
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن بلاده ترفض قرار واشنطن بشأن إعفاء مناطق سيطرة تنظيم ‘بي كا كا/ ي ب ك’ من العقوبات في سوريا وهو التنظيم الذي يشمل وحدات حماية الشعب الكردية الذراع العسكري للإدارة الذاتية الكردية في شمال سوريا.
وتابع أردوغان في تصريحات أدلى بها عقب صلاة الجمعة أن تنظيم ‘ي ب ك’ الذي تصفه أنقرة بـ”إرهابي” هو تماما مثل “بي كا كا” (حزب العمال الكردستاني الذي يقاتل الدولة التركية منذ عقود)، و”لا يمكن أن نقبل قرار واشنطن الخاطئ بشأن إعفاء مناطق سيطرة التنظيم من العقوبات على سوريا”.
وقال الرئيس التركي إن الإدارات الأميركية قدمت في السنوات الأخيرة كل أنواع المساعدات مها أسلحة وذخائر ومعدات لتنظيم ‘بي كا كا’ والتنظيمات المرتبطة بها في شمال سورا، رغم تحذيرات تركيا.
وتابع “أقولها بوضوح لقد رأيتم عملية المخلب- القفل الجارية الآن في شمال العراق، سنواصل القيام بنفس العملية في شمال سوريا أيضا ضد بي كا كا/ ي ب ك وسنواصل مسيرتنا بنفس التصميم بغض النظر عمن يقف وراءه تلك التنظيمات المعادية لنا”.
وكانت واشنطن أقرت في 2020 قانون “حماية المدنيين في سوريا” أو ما يعرف بـ”قانون قيصر”، الذي يفرض عقوبات على النظام السوري وأية دول تتعاون معه في غالبية القطاعات ومنها الطاقة.
5 قتلى في غارات إسرائيلية على سوريا
وفي تطور آخر على علاقة بالحرب السورية، شنت إسرائيل الجمعة غارات جوية في وسط سوريا أسفرت عن خمسة قتلى بينهم مدني، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) نقلا عن مصدر عسكري.
وقال المصدر “نفذ العدو الإسرائيلي عدوانا جويا برشقات من الصواريخ من اتجاه البحر المتوسط غرب بانياس، مستهدفا بعض النقاط في المنطقة الوسطى”، مضيفا “أدى العدوان إلى ارتقاء خمسة شهداء بينهم مدني واحد وجرح سبعة آخرين بينهم طفلة”.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن “أربعة عسكريين، لم يتم تحديد جنسيتهم حتى اللحظة، قتلوا جراء القصف الإسرائيلي الذي استهدف مواقع لميليشيات إيران”.
وأضاف المرصد الذي يتخذ من بريطانيا مقرا ويعتمد على شبكة واسعة من المصادر داخل سوريا، إن “الطائرات الحربية الإسرائيلية أطلقت ما لا يقل عن ثمانية صواريخ على مخازن أسلحة ومواقع إيرانية في منطقة مصياف” في محافظة حماة.
وأفاد الجيش الإسرائيلي بأنه لا يعلق على تقارير في وسائل إعلام أجنبية.
وخلال الأعوام الماضية، شنّت إسرائيل مئات الضربات الجوية في سوريا طالت مواقع للجيش السوري وأهدافا إيرانية وأخرى لحزب الله اللبناني. ونادرا ما يؤكّد الاسرائيليون تنفيذ ضربات في سوريا، لكنهم يكررون أنهم سيواصلون التصدّي لما تصفها تل أبيب بمحاولات إيران لترسيخ وجودها العسكري في الساحة السورية.
ميدل إيست أون لاين