دنيس روس: إذا وافق العرب اعتبار “صفقة القرن” أساسًا للمُفاوضات سيقتنع الأوروبيون وعندها سيعود الفلسطينيون لطاولة المُفاوضات خشيّةً شطب قضّيتهم
يستلهِم دنس روس، الدبلوماسيّ اليهوديّ- الأمريكيّ سابِقًا أقواله عن خطّة الـ”سلام” الأمريكيّة، التي باتت تُعرَف بـ”صفقة القرن” من علاقاته الواسعة في الدول العربيّة المُواليّة لواشنطن، ومن مصادر في الإدارة الأمريكيّة، بالإضافة إلى كبار المسؤولين في تل أبيب، حيث يقول لمجلة (فاثوم) إنّ هناك دورًا عربيًا وهناك ظرف جديد، ولكن الإدارة الأمريكية أصبحت تفهم أنّ أكثر ما يُمكِن أنْ تحصل عليه من القادة العرب هو أنْ يعلنوا علنًا أنّ الخطة تُشكّل أساسًا للمفاوضات، عندها يمكن التعامل مع الأوروبيين، الذين لن يكونوا عربًا أكثر من العرب، وفي هذه المرحلة سيكون عبّاس في وضعٍ يصعب عليه فيه ألّا يعود إلى طاولة المفاوضات، لأنّه من الصعب عليهم أنْ يُعرِّضوا قضيتهم للخطر بالقول “لا” للخطّة إذا تمّ قبولها، من قبل معظم أصحاب المصلحة، على حدّ تعبيره.
وأضاف إنّه إذا كانت الخطة لا تنص على إقامة دولةٍ فلسطينيّةٍ واضحةٍ، مع وجود جزءٍ كبيرٍ من القدس الشرقيّة العربيّة كعاصمةٍ لها، فلن تكون هناك فرصة كبيرة لأنْ يقبلها العرب، وإذا كان هناك هذان العاملان – دولة وعاصمة في القدس الشرقية العربية، فلن يتشاجر الفلسطينيون بشأن القضية الأمنيّة، لأنّ معظمهم يعتمدون بصراحةٍ على إسرائيل.
وتابع روس قائلاً إنّ هناك تقاربًا مثيرًا للاهتمام يحدث بين إسرائيل والدول العربيّة، على الرغم من أنّه لا ينبغي للمرء أنْ يُسيء فهم ما يمكن أنْ ينتج في الواقع عن طريق التوصّل إلى نتيجةٍ مع الإسرائيليين والفلسطينيين، على الرغم من هذا التقارب، يبقى الجوهر مهمًا: دولة وعاصمة تضم جزءًا كبيرًا من القدس الشرقيّة.
وشدّدّ على أنّه من أجل الحصول على استجابةٍ إيجابيّةٍ للخطة، كان ينبغي للإدارة الأمريكيّة أنْ تخلق بيئة لتشجيع هذا الرد، ومن الصعب القول إنّها فعلت ذلك، إذْ يشعر الفلسطينيون بالغربة، ويعتقدون أنّ كلّ خطوةٍ اتخذتها الإدارة صُممت لمعاقبتهم، وإذا كُنتَ تسعى إلى إظهار أنّك تهتم بالشعب الفلسطينيّ ومعاناته، فلا يمكن أنْ يتم ذلك فقط من خلال إعلان، يجب أنْ تثبت ذلك، طبقًا لأقواله.
بالإضافة إلى ما ذُكر أنفًا، يرى روس أنّ هناك خيارًا رئيسيًا يُواجِه إسرائيل بسبب القضية الديموغرافية، وما يجب القيام به، دون تعريض أمنها للخطر، هو توقف عن البناء إلى الشرق من الجدار، الأمر الذي من شأنه الحفاظ على خيار الفصل ونتائج الدولتين، وحذّر في الوقت عينه من أنّه إذا واصلت إسرائيل البناء إلى الشرق من الجدار وخارج الكتل، فإنّها تصل إلى نقطة تحول، حيث لم يَعُد بالإمكان الفصل بين إسرائيل، وما يُمكِن أنْ تكون دولةً فلسطينيّةٍ، وفي هذه المرحلة، تكون قد تبنّت الهدف التاريخيّ لمنظمة التحرير الفلسطينيّة، وهو دولة ثنائية القومية وعلمانيّة وديمقراطيّة، والتي ستكون مفارقةً غريبةً حقًا، على حدّ قوله.
ويقترِح روس تقديم حوافز ماليّة لأولئك المستوطنين الذين يعيشون خارج الكتل للعودة، والسماح للفلسطينيين بالعمل اقتصاديًا في المنطقة (ج)، وهي المنطقة الخلفيّة الاقتصاديّة، لافتًا إلى أنّ البنك الدوليّ يؤكّد أنّ مجرّد السماح بمزيد من الحرية في العمل اقتصاديًا قد يؤدي إلى زيادة بنسبة 35 في المائة في الناتج المحليّ الإجماليّ، قال روس.
وتابع روس كلامه هنا باسترجاع ما صرحّ فيه مُستشار الرئيس الأمريكيّ وصهره، غاريد كوشنر في وارسو حيث قال إنّ هناك عناصر اقتصاديّة وسياسيّة للخطة، وأنّ الجانب الاقتصاديّ، بدون مكونٍ سياسيٍّ، لن يؤخذ على محملٍ من الجد، ومع ذلك، فإنّ السياسية دون الإرادة الاقتصاديّة لن تكون مستدامة، ولا تنتج أيّ تغييرٍ.
وأشار الدبلوماسيّ الأمريكيّ السابٍق إلى أنّ الإدارة بواشنطن ليس لها علاقات مع السلطة الفلسطينية، لذلك لن تُقدِّم الخطة لتلك السلطة أولاً، وأنّ هذا سيف ذو حدين لأن هناك احتمالًا كبيرًا إذا اقترحته أولاً على الفلسطينيين، فسوف يذهبون إلى العرب ويخبرونهم برفض الخطة لأنّها خيانة للقضية الفلسطينيّة، طبقًا لأقواله.
ويرى روس أنّه من حيث الالتزامات، فإنّ الزعماء العرب فقط (وليس وزراء الخارجية العرب) هم مَنْ يحسمون أيّ شيءٍ، وفي الماضي، إذا أعطاك القادة العرب كلمتهم حول شيءٍ، لم يكن من السهل الحصول عليه، فسوف يُتابعونه، لذلك، لا يمكن تقديم هذه الخطة فقط إلى وزراء الخارجية، ولكن يجب أيضًا أن تذهب إلى الزعماء العرب، ويجب أنْ نكون مستعدّين لقضاءٍ وقتٍ جادٍّ معهم، ومراجعة الخطة وتوضيح القضايا التي يعتقدون أنّ جمهور بلدهم من المُرجَّح أنْ يكون أكثر حساسية لها، إذا حدث هذا، يتوقّع روس حدوث شيءٍ ما.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية