( دولة خلافة ) في أميركا : رواية تحذيرية في مسلسل ( حكاية الأمه)
يحظى مسلسل ( حكاية الأمه) ” بفتح الألف والميم ” بمتابعة واسعة على منصات التدفق الرقمي وهو مأخوذ عن رواية لـ ( مارغريت آتوود ) . و كلاهما الرواية و المسلسل جاءا كتحذير للأميركيين من إمكانية تحول التعصب في مجتمعهم إلى إنحراف ديني مغلق . يبرر قيام سلطة إستبدادية، قمعية، إرهابية، وهو تحذير جاء في الرواية على شكل سيطرة مجموعة متعصبة على السلطة في بعض الولايات وتحويلها بالحديد والنار إلى دولة خلافة مسيحية داعشية .
والكاشف لإستبدادها وتعصبها وإنغلاقها كان تعاملها مع المرأة. وتحويل النساء إلى مجرد (إماء) ينجبن للدولة الأولاد بالإغتصاب المعتمد كفعل مقدس بقوة السلطة والتعصب والتحريف الديني المريض، بما يمكننا أن نسميه ( جهاد التوالد ) على قياس ( جهاد النكاح ) و كلاهما داعشي، وهو مجرد ( إرتكاب للإغتصاب ) باسم الدين بعد تحريفه ..
بفتح الألف و الميم
و هكذا فلأمه ” بفتح الألف و الميم ” هي المرأة أو الفتاة الجارية التي تستباح لأحد رجال السلطة ليغتصبها أيام خصوبتها فتلد له الولدن ولتطرد إلى رجل سلطة آخر بعد نزع وليدها منها ..
دولة الخلافة الأميركية أطلقت الرواية عليها إسم ( دولة جلعاد ) ,بعد تحويل جلعاد الواردة قصته في الكتاب المقدس إلى إيديولوجيا تعصب مغلقة منحرفة تستعبد الجميع و تظهر إستعبادها في المرأة .
سواء أكانت أمه أم خادمة، و حتى الزوجات . فمثلاً الكل ممنوع من القراءة حتى زوجة المستبد القائد عندما تقرأ أمام المجلس الحاكم من الكتاب المقدس تعاقب بقطع إصبعها .
بالمناسبة ، العقوبات في دولة جلعاد جسدية : قطع إصبع، أو قطع يد، أو قلع عين ، أو خياطة الفم، و طبعاً الشنق شائع بشكل يجل الشوارع مزينة بالمشانق المعلق عليها مشانيق معاقبين . .. دولة إستبداد داعشي بالكامل . في أميركا !!
القصة الرئيسية للرواية
تدور القصة الرئيسية للرواية حول إمرأة ( جون أوزبورن) تحولها جلعاد إلى ( أمه) بعد أن تنزع منها إبنتها ( هانا) التي تمنح لعائلة أحد رجال السلطة، و تعطى جون إلى القائد ( فريد وترفورد) ليغتصبها وينجب منها، وعندما تتأكد زوجته أنه غير قادر على الإنجاب.
و بفعل هوس الأمومة تجبر جون على مضاجعة السائق فتحمل منه و تلد إبنة ( نيكول) .. لكن جون طيلة المسلسل الرواية تعمل على التحرر وعلى إستعادة إبنتها (هانا) .. و تهرب جون إبنتها (نيكول ) إلى كندا .
ثم تهرب هي و يتم إستدراج المستبد ( فريد) إلى مناطق الحدود ويعتقل من قبل السلطات الكندية، و يواجه مصير المثول أمام المحكمة الجنائية الدولية . . فيوافق على التعاون لكشف أسرار جلعاد مقابل حريته .
لكن عندما يعرض أحد قادة جلعاد على كندا صفقة تتضمن تسليم عشرات الأطفال مقابل فريد، تسلمه كندا إلى جلعاد، و بلعبة من جون، بالتعاون مع السائق والد نيكول، تستدرج فريد إلى الغابة وتقوم مع مجموعة من الإماء الهاربات إلى كندا بتنفيذ إعدامه على طريقة جلعاد بتنفيذ الإعدامات . و يتضح كم هو أثر الإستبداد و الظلم في تحويل جون إلى منتقمة خارج القانون . إنه الإستبداد الوحشي الذي ينشر عدواه حتى على ضحاياه
هناك في المسلسل ما يدل على أن آتوود كتبت روايتها متأثرة بدولة داعش في سورية و العراق . حيث أن عاملة إغاثة إنسانية. في الحلقة السادسة من الموسم الرابع، كانت في سورية لإغاثة ضحايا داعش . و هذا يجعلنا متأكدين أن ( دولة جلعاد) الأميركية في المسلسل ما هي إلا (دولة داعش مسيحية) ويبدو أن الرسالة تتضمن تحذيراً قوياً من التعصب والإنحراف في السياسة والدين، كما تتضمن إشارة إلى ما جرى من تحريف داعش للإسلام قامت به جلعاد في تحريف المسيحية .
ميزة المسلسل
ميزة المسلسل إتقانه الفني وجودته الإبداعية في التأثير، والأهم في قوة رسالته . لقد ذهب المسلسل والرواية إلى فحص تأثير الإستبداد والتعصب على النفس البشرية . و لاحقت الدراما ما تفعله دولة الإستبداد في الناس أفراداً وجماعات، وتوغلت هذه الدراما في مشاعر وعواطف وضمائر الضحايا . كما تفحصت شيطانية السيطرة و الإستبداد في شخصيات الحكام الشيطانية.