دونالد وماكدونالد
التاجر البارع: هو الذي يتسع صدره لسخافة الزبائن، وجيبه لنقودهم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إذا أردنا أن نعيش بدون “دونالد ترامب” فقد ننجح، ولكن، مع التوجس من أن لا يكون أفضل من كلينتون، التي عشنا معها ما يقارب الربع قرن بين سيناتورة وزوجة رئيس ووزيرة خارجية، ورحالة زائرة لعواصم المال والتخلف.
صحيح إننا عشنا طوال عمر انحطاطنا ،الذي صنع في عواصمنا، قبل أن تأتي أمريكا، وارثة لبريطانيا، ورابحة حرباً عالمية بنوبة جنون قنبلتين نوويتين، دشنتا ذعر الإنسان من احتمال فقدان كوكبه نهائياً…لم يكن تخلفنا صنع أمريكا هذه…بل هي فقط “أدارت توحشنا” ونحن تعايشنا مع وحشتنا.
وهكذا يأتي ترامب محمولاً على بضعة مبادىء تشبه “الماكدونالد” فهي، مثل سندويشته ، فيها كل شيء من الخس إلى ذاكرة الحيوان اللبوني الأول. المبادىء التي لو فحصناها لوجدنا أن العلة التي تكتنفها هي علة نمطية: كل رئيس يقول حسناً، ويبذل وعداً، ويعظّم ما هو أمريكي، ولكنه، في النهاية، يفعل شيئاً مختلفاً.
حسناً…
ترامب ضد النساء ـ هكذا قيل ـ ولكنه كان مفضّلاً على النساء (كلينتون) . ضد النساء، وقد تزوج ثلاثة. إذن لا بد أن تكون ثروته القادمة من تجارة اللانجري…ليثبت، بدليل جديد، أنه ليس ضدهن، وإنما على طريقته التي تنسجم مع رؤية الجمهوريين للحدود الفاصلة بين الأنثى والقائدة. بين الرقة ومارغريت تاتشر.
أظن أن النساء يثقن بمن يجيد التعبير عن نفسه بشكل مختلف، طازج وله مذاق حريف ومؤتمن على نبرة صوته. وقد يكون ترامب أكثر رقة، في نهاية المطاف، من كلينتون، التي كنا نتوقع منها مشروع حرب لا مبادرات سلام، وأن تطالب، بعد كل ما جرى وبسذاجة خفيفة، برحيل بشار الأسد، بدلاً من السعي إلى فهم الشرق الأوسط القديم، على ضوء كوارثه الجديدة، وبروح المصالحة مع المصالح.
ترامب التاجر، أو رجل الأعمال، بقليل من لغة الأقوال البسيطه، استطاع أن يهزم النخبة بخطابها الطنان المزيف، والكاذب، فلقد مرّ العالم بتجربة النعم الممزوجة باللا… في قيادة الديمقراطيين لمصائر الشرق الأوسط، ولربما اشتاق العالم إلى رؤية أنماط مختلفة من السياسات، التي ترى الثابت والمتحول، في الواقع، وتحاول اكتشاف أنواع من السلاسة في الحصول على المصالح، بدلاً من فائض العنف بداعي تجارة السلاح، فيقترب العالم، مع كل حرب، من فقدان أمانه.
تعليقاً على رسالة بوتين لترامب قال: “إنها رسالة جميلة” وهذه لغة مختلفة، قد تنتمي إلى رجل متمرس باللغة الدافئة في العلاقات العامة، ولكنها، أيضاً، قد تكون لغة الكاريزما التي يتمتع بها رجل لم يتذوق إلا النجاح في حياته.
إلى جانب هذه اللغة هناك تصريحات تنم عن رؤية… إن تفريقه بين الحملة الانتخابية والحركة الاجتماعية، وصفاً لنشاطه هو وحزبه لما فعلوه في الطريق إلى السلطة… يدل على نوع اختباري للعلاقة التفاعلية مع الرأي العام.
إن قوله: أنا رئيس لكل الأمريكيين له معنى معياري أيضاً.
وكذلك تعليقه على الأزمة السورية: بقاء قيادة قوية تؤمن الاستقرار أفضل من مجيء قوة الفوضى.
أما نحن العرب فمشكلتنا مع المراهنات. نذهب إلى سباق الخيول، فيشرح لنا قائد الغش في الميدان مزايا الحصان العربي…ولكننا نراهن على حصان البراري التكساسية فنخسر، وفي المرة القادمة على الحصان العربي، فنخسر أيضاً.
إنه الفرق الجوهري بين الرؤساء والتعساء!