رئيسة مجلس الشعب السوري المعفاة “غير ديمقراطية”!
دمشق ــ خاص بوابة الشرق أوسط الجديدة
في المرة الأولى أي قبل أكثر من سنة تولت الدكتورة هدية عباس رئاسة مجلس الشعب السوري كأول امرأة تصل إلى هذا الموقع في الحياة البرلمانية السورية، وهي تحمل دكتوراه في الهندسة الزراعية ومن مواليد 1958 ، إلى الدرجة التي عادت التحليلات الصحفية إلى أرشيف البرلمان السوري لتوضح أن وصولها ((كإمرأة)) لم يحصل منذ عام 1919 حين تشكل أول برلمان وطني متمثل بالمؤتمر السوري ترأسه حينئذ هاشم الأتاسي..
وبطبيعة الحال هناك معطيات معروفة تتعلق بحصول ” المرأة السورية على حقها في الانتخاب والترشح للمجالس التشريعية قبل معظم النساء العربيات وذلك عبر دستور عام 1953 كأول دستور سوري منح المرأة حق الانتخاب وحق الترشح للمجالس التشريعية أيضا مثلها مثل الرجل” .
ووصول الدكتور عباس قبل أكثر من سنة حمل الكثير من الرسائل إضافة إلى كونها امرأة، فهي أيضا من محافظة دير الزور المحاصرة التي تكابد في صراع صعب مع تنظيم الدولة “داعش” ، وهي أيضا ذات سيرة ذاتية ذكر فيها أنها ظلمت من خلال تجميدها فترة من الزمن داخل الحزب ، لكن القرار الأخير هو المهم الآن، وفيه أن مجلس الشعب أعفاها بإجماع الحاضرين ، وأعلن في التفاصيل أن جلسة مجلس الشعب انعقدت صباحا كما كان مقررا لها لتناقش المداولة العامة للنظام الداخلي للمجلس وأثناء النقاش قامت الدكتورة عباس ” وكما دأبت منذ أشهر وبأكثر من نقاش، مما كان يؤدي إلى تراكم خلل كبير نتيجة التصرفات غير الديمقراطية والتي تنعكس سلبا على المجلس” قامت بمنع الأعضاء من تقديم مداخلاتهم وتجاوزت رأي أغلبية الأعضاء بالرغبة بنقاش بعض المواد حسب مسؤولياتهم الدستورية وأعلنت فجأة الانتهاء من نقاش مواد النظام الداخلي قبل الانتهاء منه فعليا.”
وعلى هذا الأساس جرى التكتل للتصويت على إعفائها، لأنها تابعت موقفها أيضا فمنعت قبول الاعتراضات على التصويت ” متجاهلة كل قواعد الديمقراطية ومخالفة للقانون ما كاد يقوض دور المجلس بما ينعكس سلبا على أساس دوره التشريعي.” ونلاحظ في البيان الرسمي ظهور عبارات جديدة، من بينها : ” اعتصام ” الأعضاء داخل الجلسة رافضين خرق القانون الذي حصل..
وتثير مسألة إقالة رئيسة البرلمان السوري الدكتورة هدية عباس أسئلة كثيرة، وهذه الأسئلة لاتتعلق بأسباب الاقالة أو الاعفاء، فهذه مسألة واردة في النظام الداخلي لمجلس الشعب السوري، ولكن الأسئلة التي تفرض نفسها بإلحاح تتعلق بأبعاد هذه الخطوة إذا ما ربطت مع الخطوات الداخلية التي تحصل والتي لم يعتد عليها السوريون قبل حرب السنوات السبع العتيدة التي لم تنته بعد ، وإعفاء الدكتورة عباس واحدة منها!
في سورية ، فوجئ السوريون، ليس بهذه الخطوة فقط، بل بخطوات أخرى تحمل مداليل على غاية الأهمية تتعلق بسيادة القانون وبآليات التعامل مع هذه السيادة، وظهر ذلك جليا في الحراك الذي يجري على صعيد الاصلاح الاداري والإقالات والمحاسبات والتلويح بتغييرات وزارية جديدة على أرضية المحاسبة، ومن ثم فإن هذه المعطيات تطرح أسئلة كبرى على نوعية التفكير وأساليب التعاطي مع المرحلة الجديدة التي يمكن أن ترافق خطوات الحل السوري التي يجري الحديث عنها .
نعم لم يعتد السوريون على مثل هذه الخطوات، بل إن المسار الذي تمضي فيه مثل هذه المفاجآت يوحي بأن ثمة إصرارا على الأقل ريثما يجري إطلاق العقد الاجتماعي الجديد بعد الحل، هذا الإصرار يتعلق برفع الصوت ضد تسلط المسؤولين وفسادهم حتى لو كانوا في مفاصل هامة كانت حصانتها تحميها حتى من الفساد!!