ربع قرن من التجسس على ماركيز!

أقرّت واشنطن أنَّ مكتب التحقيقات الفدرالي تجسّس لنحو ربع قرن على الكاتب الكولومبي الشهير عالمياً غابرييل غارسيا ماركيز، الحاصل على جائزة نوبل للآداب.

وتكشف هذه الفضيحة الجديدة المدى الذي وصلت إليه أنشطة التجسس الأميركي في العالم على الحلفاء والخصوم على حد سواء.

وهذه المرة لم تعترف الوثائق الرسمية الأميركية بالتجسس ضدّ دولة خطرة أو خصم اعتباري يُتوجس منه، بل أقرّت واشنطن بأنّ مكتب التحقيقات الفدرالي انشغل لسنوات طويلة بتتبع ورصد كاتب مبدع كبير، كل ما يملكه هو قلم خط به روايات حازت شهرة واسعة، وترجمت إلى معظم لغات العالم.

وكانت صحيفة «واشنطن بوست» قد نشرت، أمس الاول، استناداً إلى وثائق لمكتب التحقيقات الفدرالي معلومات عن النشاطات التجسسية التي استهدفت ماركيز، الذي توفي العام الماضي في المكسيك، مشيرةً إلى أنَّها حصلت من هذا الجهاز الأمني الأميركي على 137 صفحة، رُفعت السرية عنها، وهي جزء من ملف جُمع عن الكاتب الشهير.

وأشارت الصحيفة إلى أنَّ القسم المتبقي من ملف التجسس على صاحب رواية «مئة عام من العزلة» لا يزال تحت تصنيف «سري للغاية»، مضيفةً أنَّ دوافع مكتب التحقيقات الفدرالي إلى اقتفاء أثر الكاتب العالمي مبهمة تماماً.

وتفيد وثائق مكتب التحقيقات الفدرالي الذي يتولّى مكافحة التجسس، بأنَّ ما يمكن وصفه بإحصاء حركات وسكنات ماركيز بدأ حين كان الأخير في الثالثة والثلاثين من عمره.

وبدأت قصة تتبع مبدع «الواقعية السحرية» في العام 1961، حين وصل وزوجته وابنه الرضيع إلى نيويورك، مراسلاً لوكالة الأنباء الكوبية «برنسا لاتينا».

ومن الواضح أنَّ عمل ماركيز لمصلحة مؤسسة كوبية كان كفيلاً بوضعه تحت المراقبة لمدة 24 عاماً، إذ تواصلت كتابة التقارير عنه حتى بعدما حصل على جائزة نوبل للأدب في العام 1982.

الصحيفة الأميركية لم تكشف عن أيّ معلومات سرية ذات أهمية عن ماركيز، واكتفت بالحديث بصفة عامة عن عملية التجسس، مرجحة أن من أعطى أمراً بتعقبه هو إدغار هوفر، أول مدير لمكتب التحقيقات الفدرالي ورئيسه على مدى ما يقارب النصف قرن.

وكان هوفر قد اتهم رسمياً لاحقاً بعد وفاته في العام 1972 بإساءة استخدام السلطة، واللجوء الى أساليب غير قانونية في جمع المعلومات، واستغلال إمكانات المكتب للتشهير بمعارضين سياسيين.

لم يخف غابرييل غارسيا ماركيز مواقفه من السياسات الأميركية وكان يجاهر بأفكاره الثورية وبالعداء لـ «الإمبريالية» وبصداقته المتينة مع زعيم كوبا التاريخي فيديل كاسترو.

واعتبرت واشنطن ماركيز «شخصاً مخرباً»، ورفضت منحه تأشيرة دخول إلى الأراضي الأميركية، إلّا أنّ الرئيس بيل كلينتون رفع عنه حظر السفر، وكشف أنّ «مئة عام من العزلة» هي روايته المفضلة.

وقبل الكشف عن أنّ واشنطن كانت تحصي أنفاس ماركيز طيلة ربع قرن، أظهرت وثائق مسربة نشرها عميل الاستخبارات المركزية الأميركية السابق إدوارد سنودن وموقع «ويكيليكس» أنّ وكالة الأمن القومي تنصتت على هاتف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الخاص، كما تنصتت على الرئيس الفرنسي الحالي فرنسوا هولاند وسلفيه نيكولا ساركوزي وجاك شيراك ووزراء فرنسيين، بالإضافة إلى التجسس على اتصالات رئيسة البرازيل ديلما روسيف و28 شخصية أخرى بارزة في هذا البلد، وشخصيات بارزة ومؤسسات في اليابان والصين، حتى طال تجسسها منظمة الأمم المتحدة.

صحيفة السفير اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى