رحيل المؤرخ السوري محمد محفل : صورة العقل والروح الجميلين!

 

خاص بوابة الشرق الأوسط الجديدة

أنهى المؤرخ السوري محمد محفل التسعين عاما من حياة مليئة بالعطاء ورحلتاركا إرثا كبيرا من البحوث والترجمات والعلاقات الطيبة مع السوريين. وقد تتلمذ على يديه كثيرون، لكن الكثيرين أيضا يحبونه كإنسان، لم يكن يظهر بوجه عبوس أبدا، بل كانت ابتسامته مرسومة باستمرارعلى شفتيه، متفائلا واثقا حيويا رغم السنوات الطويلة التي عاشها .

وإذا كان الدكتور محمد محفل (1928 ــ2019) واحداً من القامات القليلة في المشرق العربي الذي يفهم التاريخ ويتعامل معه بعمق ومنهجية، فإنه أيضاً واحد من أجمل الشخصيات الفكرية والثقافية التي يمكن أن يتعرف عليها الإنسان في حياته . حصل الدكتور محمد محفل، وهو من مواليد مدينة حلب السورية، على إجازة في التاريخ بعد سنوات قليلة من استقلال سورية، وأوفدته الدولة السورية مباشرة في مطلع الخمسينات إلى جامعة السوربون في باريس لدراسة التاريخ القديم، أي أنه رافق في نضجه ودراساته مختلف المراحل التي مرت بها سورية منذ الاستقلال وإلى اليوم، وكانت عينه دقيقة في التمحيص والتدقيق في الحقائق التاريخية،  وكانت روحه حريصة على بلاده وهويته.

في جامعة السوربون في باريس درس اللغة الآرامية والتاريخ الآرامي، وانتسب إلى معهد اللوفر لدراسة اللغة الآرامية، كما درس اللغتين اللاتينية واليونانية، وقد أهلته هذه الخطوات للتعامل مع التاريخ القديم بعمق ودراية من خلال لغاته نفسها، وكان سريع الاستشهاد بما كان يفكر وينطق به التاريخ القديم وهو يبني وجهة نظره على مرحلة ما، وكثيرا ماكان يعيد المفردات إلى أصلها في اللغات القديمة.

منح الدكتور محمد محفل قبل سنوات من رحيله  وسام الإستحقاق السوري من الدرجة الممتازة ، وكان في جعبته مجموعة كبيرة من المؤلفات والترجمات من بينها :

1-تاريخ الرومان 1970.

2- تاريخ اليونان 1971.

3- تاريخ العمارة 1976.

4- مدخل إلى اللغة الآرامية 1971.

5- مدخل إلى اللغة اللاتينية 1972.

6 ـ الدولة والمجتمع في المغرب

7ـ دمشق: الأسطورة والتاريخ، من ذاكرة الحجر إلى ذكرى البشر.

وفي حياته الفكرية والسياسية مواقف معروفة، وخاصة في شبابه، مما جعله يغادر فرنسا عام 1956 بعد حصوله على الماجستير وذلك بطلب من السلطات الفرنسية بسبب علاقته مع الشباب الجزائريين، حيث كان نضال الشعب الجزائري مستعرا ضد الاستعمار الفرنسي.

ولذلك نقرأ في سجله الذاتي أنه تابع دراسته في جامعة جنيف في سويسرا وسجّل أطروحة الدكتوراه في التاريخ القديم بعنوان: ” دور الرقيق في انحطاط الإمبراطورية الرومانية”.

وقد شغل المؤرخ السوري الدكتور محمد محفل مواقع كثيرة إضافة إلى دوره في تدريس التاريخ في قسم التاريخ في جامعة دمشق إضافة إلى تدريس اللغات الكلاسيكية والآرامية والتاريخ القديم.

ترأّس تحرير مجلة “دراسات تاريخية”. وأشرف على تنظيم ندوات ومؤتمرات سورية وعربية ودولية. انتُخب في تشرين الأول عام 2008 عضوا في مجمع اللغة العربية في دمشق.

وفي الخبر الذي أوردته وكالة الأنباء السورية عن رحيله، نقرأ أنه وقبل رحيله بأسبوع ألقى محاضرته الأسبوعية المعتادة في معهد شايو التابع لكلية العمارة بجامعة دمشق كما كان عضوا في مجلس الآثار ويحضر اجتماعاته الدورية.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى