رسائل الرئيس الأسد لمن ؟!

دمشق ــ خاص بوابة الشرق الأوسط

شيء ما يتغير في سورية، ونكهة هذا التغيير أخذت منحيين : الأول أمني، والثاني إجرائي داخلي، وهذان المنحيان مدعمان بمجموعة معطيات لابد من التوقف عندها، ومن المفيد الحديث عن المنحى الأمني الذي أخذ بعده الحقيقي مؤخرا في اتساع آفاق مناطق التهدئة بعد تفاهمات أستانة، بل والبناء عليها سريعا، واستثمارها بأقصى سرعة ممكنة مع حمايتها كمنجز أمني..

ومع تعقيدات هذه المستجدات انتبه السوريون إلى خطوات عملية على أرض الواقع تتعلق بالحواجز الأمنية التي تجري عملية التخفيف منها إلى أقصى حد سواء في العاصمة أو في مدن أخرى رئيسية كمدينة اللاذقية ، ثم جاء قرار الإفراج عن مئات المعتقلين حتى ولو كانت أوضاعهم من الدرجة الأقل جرما من غيرها ليقدم إضافة ضرورية ربما تتعمق أكثر مع كل مستجد على صعيد المصالحات.

لقد ترافقت هذه الإجراءات الأمنية مع شبه (اجتياح) يقوم به الجيش السوري لما يستطيع من الأماكن التي فقد السيطرة عليها في الحرب، وتمكن من طرد داعش منها وهذا (الاجتياح) إذا جازت التسمية، أثار حفيظة الأمريكيين والإسرائيليين معا لأنه يستبق الحل الاقليمي، ويؤثر على طبيعة خطط هاتين القوتين لاستثمار الحرب في سورية، ومن هنا برز التصعيد مع أميركا في الشمال الشرقي، ومع إسرائيل في الجنوب.

أما على الصعيد الداخلي، وبعد توجه غير متوقع (الحرب لم تحسم بعد) باتجاه تشجيع الاستثمار وفتح أبواب المشاريع، ثم دفع معرض دمشق الدولي لدعوة فعاليات عربية وأجنبية للمشاركة في فعالياته الاقتصادية، بعد ذلك ترأس الأسد اجتماع حكوميا أطلق فيه مشروعا للإصلاح الإداري.. ورغم أهمية الفكرة على صعيد البنى الداخلية للدولة، فإن ماقيل على هامشها يبدو أهم من المشروع نفسه، فقد أنبّ الرئيس السوري بشكل مباشر المسؤولين المدنيين والعسكريين في الحياة العامة السورية الذين يسيرون بمواكب أمنية ضخمة، فهذه المظاهر ” تسيء لحقوق المواطن”، واتهمهم بالخوف، لأن ذلك يعطي ” مظهر المرعوب .. الخائف ..”

كما انتقد الحكومة في تواصلها مع الإعلام فعندما لا يعلن الوزير ما هو المشروع الذي يعمل عليه فكيف سيقيّمه المواطن “إن جزءا من التقييم غير العادل للمسؤول سببه عدم شفافية المسؤول و عدم وضوح رؤية هذا المسؤول”.

ولم تكن قد مضت أيام قليلة على حديث الأسد أمام الحكومة العتيدة، حتى طلب وزير الداخلية من السوريين الابلاغ عن أي تجاوز يرتكبه أي مسؤول مهما بلغت مرتبته، وشاهد السوريون في الشوارع وعلى الطرقات مصادرة السيارات التي تغطي نوافذها باللون الأسود وتطلي أرقام لوحاتها باللون الأبيض والتي تعود بغالبيتها لأقارب المسؤولين أو لبعض قوى الفساد التي نمت كالسرطان في البلاد .

وفي صباح أول يوم من أيام عيد الفطر السعيد أدى الرئيس الأسد صلاة العيد في جامع النوري في حماه أحد أهم المحافظات السورية التي توقع المحللون خروجها عن سيطرة الدولة نتيجة التواجد الكبير للإخوان المسلمين فيها الذين كانوا العمود الفقري لما أطلق عليه (( الربيع العربي)) وكانت حصة سورية منه في آذار عام 2011 عندما بدأت أحداث درعا الشهيرة ..

فإلى من يبعث الرئيس الأسد بكل هذه الرسائل ؟ وهل يمكن البناء عليها في أنها إعلان عن البدء في مرحلة مابعد الحرب؟ وأن شروط التسوية تحددها بنية ((الدولة السورية)) نفسها التي كان يراد الإطاحة بها في ذلك الربيع الدامي؟!

وعندها ستصل الرسائل سريعا إلى الأطراف الإقليمية والتحالفات المتشابكة بين المعارضة المسلحة والأطراف الداعمة لها، وبطبيعة الحال سيجد كل هؤلاء مثل هذه المعطيات في أستانة وجنيف، فهل يردون عليها ؟ وبأي شكل يمكن توقع الرد؟ أم أن ظروف السعودية وقطر وتركيا وأمريكا نفسها ستستدعي التريث إلى أبعد من الزمن المتوقع الذي يرسم نتيجة واضحة هي تثبيت الوضع على ماهو عليه ريثما يأتي الوقت المناسب !!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى