رسائل سياسية إلى العالم مكتوبة بالموسيقى: الأسد وبوتين في معادلة تدمر!
خاص
يحمل الاحتفال السوري الروسي المشترك في تدمر على مدار يومين متتاليين بمناسبة إحياء عيدي الشهداء ((السوري)) والنصر((الروسي)) أكثر من معنى رمزي اشتغل عليه الجانبان في وقت تسامر فيه أصوات طبول الحرب، فتصم الآذان عن سماع استغاثات السوريين التي تحمل عبارة واحدة : كفى ! نريد وطننا كما كان !
رسالة الرئيس السوري بشار الأسد واضحة : حلب اليوم = ستالينغراد في التاريخ ، أي : قتال الجيش السوري في حلب وفي غير حلب ضد الارهاب يطابق في المعنى السياسي قتال الجيش الأحمر الروسي ضد النازية !
رسالة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين واضحة أيضا: أي نجاح في محاربة الإرهاب = انتصار مشترك من قبل الجميع دون استثناء ..
كان هذا هو المضمون السياسي لتظاهرة مهمة شهدتها مدينة تدمر السورية التي شهدت ذبح الدكتور خالد الأسعد وهو واحد من أشهر علماء الآثار في العالم وتعليق رأسه في الساحة العامة على يد إرهابيي داعش غداة انسحاب الجيش السوري منها قبل نحو عام..
فعلى مدار يومين متتالين، وبالتزامن مع عيد الشهداء في سورية وعيد النصر في روسيا شهد مسرح مدينة تدمر الأثري حفل أوركسترا مسرح مارينسكي الروسي السيمفونية ، وكانت روسيا قد اشتغلت بوضوح وبكل قوتها في دعم عملية استرجاع تدمر وإبعاد داعش عنها ، بل إنها احضرت أهم عناصر الهندسة لتطهير المدينة من شبكة الألغام المزروعة فيها ..
شهد حفل أوركسترا مسرح مارينسكي الروسي بقيادة المايسترو فاليري غيرغيف حضورا واسعا أعاد الحيوية لتدمر كموقع حضاري تاريخي وكمكان آمن يمكن أن تقام به الاحتفالات ويرتاده السائح، ويعتبر غيرغييف من أشهر الموسيقيين في روسيا والعالم حيث يرأس حاليا مسرح مارينسكي في سان بطرسبورغ.وهناك، أي في تدمر، ترامى صوت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى المشاركين في الحفل عبر جسر تلفزيوني فشكر القائمين على هذه المبادرة الثقافية الانسانية الرائعة، وقال : إن هذه المبادرة رمز للشكر والذكرى والرجاء وهي تعبر عن الشكر لجميع أولئك الذين يحاربون الإرهاب ويضحون بحياتهم كما أنها تأتي تخليدا لذكرى جميع ضحايا الإرهاب بغض النظر عن الاماكن والتواقيت التي وقعت فيها هذه الجرائم ضد الانسانية.
وأضاف بوتين أن هذه المبادرة أيضا هي رمز لأمل بعث ليس في تدمر فحسب وانما في خلاص الحضارة الحديثة من هذه العدوى المروعة التي هي الإرهاب الدولي.
وأكد بوتين أن أي نجاح في محاربة الإرهاب يجب أن يقيّم كانتصار مشترك من قبل الجميع دون استثناء وعندها سيصبح الانتصار على الإرهاب ممكنا وأن أي ضحية للإرهاب يجب أن تقيم كخسارة شخصية وعندما نتعامل مع هذا الشر المطلق بهذا المنطق يمكننا الانتصار عليه.
وفي مناسبة مهمة هي ذكرى السادس من أيار عيد الشهداء في سورية رعى الرئيس بشار الأسد احتفالية ((بوابة الشمس)) على المسرح نفسه حيث قدم حشد احتفالي يتألف من الفرقة السيمفونية السورية والفرقة الوطنية للموسيقى العربية وأوركسترا ماري وجوقة الفرح ..
وهناك رفع العلم السوري، وسط زخم حماسي من حضور كثيف حشد له رسميا وشعبيا استعاد هذا الزخم مادته من الفقرات المقدمة عن تدمر وفينيقيا وماري وأوغاريت إضافة إلى الأغنيات الشهيرة : خبطة قدمكن لفيروز وراياتك بالعالي ياسورية ..
وفي ختام الاحتفالية عزفت الفرقة السمفونية بقيادة ميساك باغبودريان مقطوعات جميلة من بينها (( مارس النصر من أوبرا عايدة)) و سورية ياحبيبتي ! وكالة الأنباء السورية أوضحت أن ممثلي 14 دولة عضوا في منظمة اليونيسكو حضروا الحفل وأن ما يزيد على 150 اعلاميا يمثلون وسائل اعلام عالمية من روسيا والصين وأمريكا وبريطانيا وألمانيا والدانمارك وسويسرا كانوا هناك .
وفي تغطية لافتة تحدثت قناة ((الحرة)) الأمريكية عن الاحتفالية ، فقالت : إنه وتحت عنوان “صلاة من أجل تدمر”، عادت أنغام الموسيقى لتصدح في مدينة تدمر السورية، في إشارة إلى عودة الحياة إليها بعد معاناة في حكم تنظيم الدولة الإسلامية داعش استمرت عاما.
وقالت في مقدمة تقرير عن الاحتفالية : شتان الفارق بين حال المدينة المنكوبة إبان سيطرة داعش، وحالها بعد استعادة رونقها وبريقها ومكانتها الأثرية والحضارية.