رسالة لطهران؟ قائد سلاح الجوّ الإسرائيليّ يكشِف: نعمل بالبحر الأحمر مع سلاح البحريّة و”عملية (الفُجيرة) نفذّتها إيران بمهنيّةٍ عاليّةٍ وبتخطيطٍ عسكريٍّ رائعٍ”

 

في خطوةٍ لافتةٍ للغاية، وخارجة عن السياق، كشف قائد سلاح الجوّ الإسرائيليّ، الجنرال عميكام نوركين، كشف النقاب عن أنّ الطائرات الإسرائيليّة تنشط وتعمل في البحر الأحمر، كما نقلت عنه قناة (كان) شبه الرسميّة في التلفزيون العبريّ. وقال مُراسِل الشؤون العسكريّة بالتلفزيون إنّ هذا التصريح كان مُفاجئًا للغاية، لأنّها المرّة الأولى التي يُقّر فيها كيان الاحتلال بأنّ طائراته تعمل في البحر الأحمر، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ هذا النشاط يتّم مع سلاح البحريّة الإسرائيليّة، وبشكلٍ خاصٍّ مع وحدة الكوماندوز البحريّة (شاييطت13) النُخبويّة والمُختارة.

عُلاوةً على ذلك، نقل المُراسِل عن مصادر رفيعةٍ في جيش الاحتلال قولها إنّ إيران هي المسؤولة عن تنفيذ العملية “الإرهابيّة” في الفُجيرة، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّه من خلال المعلومات التي جمعتها الاستخبارات الإسرائيليّة على مُختلف أذرعها يتبيّن أنّ العمليّة هي نتاج تخطيطٍ عسكريٍّ رائعٍ ومهنيٍّ، وأنّ المُنفذّين قاموا بالعملية دون أنْ يتركوا وراءهم آثارًا قد تُورِّط إيران في العملية، على حدّ تعبير المصادر الإسرائيليّة.

يُشار إلى أنّ البحر الأحمر هو مصدر توتّرٍ كبيرٍ لتواجد السفن الإيرانيّة في المنطقة، ولا يُستبعد بالمرّة أنْ يكون قائد سلاح الجوّ الإسرائيليّ بتصريحه اللافت قد أراد من وراء ذلك، توجيه رسالةٍ حادّةٍ كالموس للجمهوريّة الإسلاميّة في إيران، على ضوء التوتّر الحاصِل بينها وبين الولايات المُتحدّة الأمريكيّة، علمًا أنّ إسرائيل تُحاوِل دفع واشنطن إلى شنّ حربٍ ضدّ طهران بشتّى الطرق والأساليب.

إلى ذلك، حذّر معهد المشروع الأمريكيّ من تنامي اليدّ الضاربة لسلاح البحرية الإيرانية نظرًا إلى رسو عددٍ من السفن الإيرانيّة في ميناء جيبوتي، واعتبر المعهد في دراسةٍ إستراتيجيّةٍ، رصدت التحركات الإيرانيّة في القرن الأفريقيّ، أنّ هذه السفن رست على “أراضي شريك أساسي للولايات المتحدة”، وكرس المعهد خشية المسؤولين الأمريكيين من أن رسو السفن في ميناء جيبوتي “يُعد تحديا لهيبة الولايات المتحدة، فضلاً عن إحداثه خرقًا في عزلة إيران”، مُشدّدًا على أن هذا الأمر قد يثير التغطية الإعلامية، ممّا قد يُغطّي على سفنٍ إيرانيّةٍ أخرى بصدد عبور قناة السويس.

وتحت عنوان “الأسطول الإيرانيّ يتوغّل في جيبوتي” أكّدت الدراسة أنّ سفنًا إيرانيّةً رست حديثًا في جيبوتي، إلّا أن السلطات الإيرانيّة تعتبر وجودها بميناء جيبوتي تحدّيًا واضحًا لواشنطن التي تعُدّ جمهورية جيبوتي بين أهمّ شركائها العسكريين، كما يثبت هذا التواجد خروج إيران من عزلتها التي لم تنجح في كسرها بإرساء سفنها في ميناء السودان التي تبقى بدورها دولةً معزولةً نسبيًا، طبقًا للدراسة الأمريكيّة.

وزعمت الدراسة أنّه في السنوات الأخيرة، توغّلّت سفن البحريّة الإيرانيّة، التي كانت تقتصر على الخليج العربيّ أوْ المياه الساحليّة للمحيط الهنديّ، عبر قناة السويس، في المحيط الهادئ، حول جنوب أفريقيا، وفي المحيط الأطلسيّ، وتفرض بذلك إيران وجودها، بشكلٍ مستمّرٍ، في البحر الأحمر والقرن الأفريقيّ.

ويعود هذا الاهتمام، وفق الدراسة إلى أنّ إيران تنظر إلى شرق أفريقيا بوصفه تربةً خصبةً لنشاطاتها السياسيّة والعسكريّة والاقتصاديّة، لذلك تهتّم طهران بتكوين علاقاتٍ بدول شرق أفريقيا، وبخاصّةً الدول الموجودة في القرن الأفريقيّ على طول ساحل البحر الأحمر، وخصوصًا السودان من أجل: ترسيخ نفوذها السياسيّ كجزءٍ من المحور المعادي للغرب الذي تسعى إلى إنشائه في دول العالم الثالث، فهي تحاول أنْ تنمو لتقـلل من النفوذ الغربيّ، وبخاصة الأمريكيّ، وتحقيق مصالحها الاقتصادية في ضوء العقوبات التي تضر إيران في القارات الأخرى، تصدير الثورة الإسلاميّة من خلال المؤسسات الإيرانيّة أوْ المراكز الثقافيّة التي تنشر الفكر الشيعيّ، وتعزيز نفوذها من خلال نشر جهودها في البلاد الإسلاميّة والمجتمعات الإسلاميّة التي تعيش في شرق أفريقيا، وتأسيس وجودٍ إيرانيٍّ ماديٍّ على الأرض وفي البحر، في البلدان والموانئ التي قد تهدد ممرات البحر الحيوية خلال الأزمات، وبخاصّةً عند مدخل البحر الأحمر، وفقًا للدراسة.

بالإضافة إلى ذلك، تعمل إيران على فتح ممرّاتٍ بحريّةٍ وبريّةٍ تقود إلى الميادين التنافسيّة ذات طابع المواجهة لإيران في الشرق الأوسط، والتي قد تُستخدَم لتهريب الأسلحة والعمليات “الإرهابيّة”، والدولة المُهّمة لإيران هي السودان خصوصًا، والتي قد تُستخدم كوسيطٍ لنقل المعدات العسكرية عبر مصر إلى حركة حماس، وأيضا إلى حزب الله، والأدوات المهمة لإيران لتحقيق تأثيرٍ سياسيٍّ هي توسيع العلاقات الاقتصاديّة ودبلوماسية النفط، والبحر عنصر مهم في سياسـة إيران، فمن ناحـية المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، المهم من الناحية الإستراتيجيّة لإيران، تسعى إلى تقوية علاقاتها البحريّة باليمن.

واختتمت الدراسة: تجتهد طهران أيضًا في تقوية علاقاتها بالدول الأفريقيّة التي تطل على البحر الأحمر، من بينها السودان وإريتريا وجيبوتي لتعينها على تأسيس وجودٍ بحريٍّ فعَّالٍ في البحر الأحمر يقود إلى خليج “إيلات” وقناة السويس، كما أكّدت.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى