تحليلات سياسيةسلايد

رفض إسرائيلي لتعديلات لبنانية يبدد آمال ترسيم الحدود البحرية

عاد لبنان وإسرائيل إلى المربع الأول في ما يتعلق بمفاوضات ترسيم الحدود البحرية بعد أن أعلنت الحكومة الإسرائيلية   الخميس رفضها للتعديلات التي اقترحها لبنان على مشروع الاتفاق الذي أعده الوسيط الأميركي، فيما كان من المأمول أن يسهل استثمار الموارد المحتملة من النفط والغاز في عرض البحر.

وقال كبير المفاوضين اللبنانيين الياس بوصعب في أول تعليق على الرفض الإسرائيلي، إن لبنان على اتصال بالوسيط الأميركي لحل القضايا المتبقية مع وصول المفاوضات إلى نقطة “حاسمة”.

وقلل بوصعب من شأن التقارير الإعلامية التي أفادت بأن مسؤولين إسرائيليين رفضوا تعديلات على الاتفاق اقترحها لبنان، قائلا إنه لن يرد إلا على التصريحات الرسمية، مضيفا أن الاتفاق “أبرم بنسبة 90 بالمئة لكن العشرة بالمائة المتبقية هي الحاسمة”.

وقال مسؤول إسرائيلي كبير إن “الحكومة اللبنانية تلقت الرد اللبناني على اقتراح الوسطاء ورئيس الوزراء يائير لبيد اطلع على تفاصيل التغييرات الجوهرية التي يسعى لبنان إلى إجرائها وأصدر تعليماته إلى فريق التفاوض برفضها”.

وتتضمن مسودة المقترح التي طرحها الوسيط الأميركي آموس هوكستين وقدمها إلى الجانبين الإسرائيلي واللبناني، مجموعة من الاقتراحات المتعلقة بترسيم الحدود البحرية الجنوبية.

وعمليا، يعتبر البلدان في حالة حرب، واستمرت آخر حرب خاضتها إسرائيل ضد حزب الله في العام 2006، 34 يوما.

ورحبت تل أبيب بمقترح هوكستين، لكن رئيس الوزراء لبيد أكد أنه سيخضع للمراجعة القانونية قبل عرضه للحصول على الموافقة النهائية للحكومة.

وبحسب المسؤول الإسرائيلي الذي طلب عدم الكشف عن هويته فإن “إسرائيل لن تتنازل عن مصالحها الأمنية والاقتصادية حتى إذا تسبب ذلك بعدم التوصل إلى اتفاق”.

وفي بيروت، أفاد المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية اللبنانية صباح الخميس، قبل صدور الرد الإسرائيلي، أن “الملاحظات تضمن حقوق لبنان في التنقيب عن النفط والغاز في الحقول المحددة في المنطقة الاقتصادية الخالصة، كما أن هذه الملاحظات تمنع أي تفسيرات لا تنطبق على الإطار الذي حدده لبنان لعملية الترسيم”.

من جهته، قال مسؤول لبناني مطلع على المفاوضات طلب عدم كشف اسمه إن “لبنان لم يبلغ رسميا بالرد الإسرائيلي ولن نعلق قبل أن نبلغ رسميا من الأميركيين”، مشيرا إلى أن فريق هوكستين بقي على تواصل طوال الليل وحتى الصباح مع الفريق اللبناني “ليستوضح بعض النقاط”.

والأسبوع الماضي، أبدى رئيس الحكومة اللبناني نجيب ميقاتي تفاؤلا بشأن إحراز تقدم حيال الاتفاق، كما وصف الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصرالله المقترح الأميركي بـ”الخطوة المهمة للغاية”.

والثلاثاء، قال مسؤول لبناني معني بالمفاوضات إن رد بيروت على المقترح الأميركي الأولي تضمن “تعديلات على جمل محددة حتى لا يكون هناك سوء فهم”.

وانطلقت المفاوضات بين لبنان وإسرائيل في العام 2020، ثم توقفت في مايو/ايار 2021 جراء خلافات حول مساحة المنطقة المتنازع عليها بعد مطالبة بيروت بتعديل الخريطة التي استخدمتها الأمم المتحدة خلال المحادثات وقال إنها استندت إلى تقديرات خاطئة.

وكان من المفترض أن تقتصر المحادثات بين الجانبين لدى انطلاقها على مساحة بحرية تقدّر بنحو 860 كيلومترا مربعا تُعرف حدودها بالخط 23، بناء على خريطة أرسلها لبنان عام 2011 إلى الأمم المتحدة.

لكن لبنان اعتبر لاحقا أن الخريطة استندت إلى تقديرات خاطئة وطالب بالبحث في مساحة 1430 كيلومترا مربعا إضافية تشمل أجزاء من حقل “كاريش” وتُعرف بالخط 29.

وتسارعت منذ مطلع يونيو/حزيران التطورات المرتبطة بالملف بعد توقف لأشهر، إثر وصول سفينة إنتاج وتخزين على مقربة من حقل كاريش تمهيدا لبدء استخراج الغاز منه. وتعتبر بيروت أن الحقل يقع في منطقة متنازع عليها، في حين تقول إسرائيل إنه ضمن منطقتها الاقتصادية الخالصة.

وبالنسبة لإسرائيل فإن المقترح الأميركي يمنحها السيطرة الكاملة على حقل كاريش الذي أكد لبيد وقوعه بالكامل داخل الحدود الإسرائيلية وأنه لم يكن أبدا جزءا من المفاوضات.

وأكد المسؤول الإسرائيلي الخميس أن إسرائيل لا تتفاوض مع لبنان حول كاريش و”ستنتج الغاز من الحقل في أقرب وقت ممكن”.

وكان حزب الله وجه سلسلة تهديدات إلى إسرائيل، محذرا إياها من الإقدام على أي نشاط في كاريش قبل التوصل إلى اتفاق على ترسيم الحدود البحرية.

وألقت الانتخابات الإسرائيلية التي تجرى في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني بظلالها على المراحل الأخيرة من المفاوضات.

وتعرض لبيد بعد إشادته بالمقترح الأميركي إلى انتقاد زعيم المعارضة ورئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو الذي اعتبر أنه “استسلم لتهديدات نصرالله” ومنح حزب الله “أراضي إسرائيلية ذات سيادة”.

والخميس، جدد نتانياهو الذي يبدو أنه لم يطلع على المقترح الأميركي التأكيد على أن الحكومة المتشددة التي يأمل في تشكيلها مع حلفائه في اليمين المتطرف واليهود المتدينين لن تكون ملزمة بأي اتفاق بحري مع لبنان. ونسب لنفسه الفضل بالتراجع عن توقيع الاتفاق.

وقال “الضغط الشديد الذي مارسته وأصدقائي على لبيد هو الذي دفعه إلى العدول عن اتفاق الاستسلام”.

 

ميدل إيست أون لاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى