رفعت السعيد يؤكد أن سيد قطب هو ملهم الجميع من المتأسلمين

قال المفكر اليساري رفعت السعيد رئيس المجلس الاستشارى لحزب التجمع في مشاركته ضمن مؤتمر “صناعة التطرف.. قراءة في تدابير المواجهة الفكرية”: إذا كان سيد قطب هو ملهم الجميع من المتأسلمين فإن تشكيل أممية منهم يأتي طبيعيا، فإن اختلفوا يكون خلافهم كخلاف “الأخوة الأعداء” في رواية كزانتازاكس، وهكذا يتمدد تنظيم داعش وكذلك القاعدة عبر عديد من الدول في شكل عنقودي يتحرك فيه الجميع على أساس التأسلم القطبي”.

ورأى السعيد أن داعش هي مجرد انقسام من القاعدة فقد تمرد كثيرون من القاعدة ضد تصرفات ابن لادن وخاصة بعد أحداث سبتمبر/أيلول 2011، ثم ازداد تمردهم بعد تولي الظواهري الضعيف قياديا وخالي الوفاض فقهيا لإمارة الجماعة، ومن ثم إمارة المسلمين جميعا.

وأوضح أن أول مظاهر الانشقاق عن القاعدة جاءت على يد نعمان بن عثمان أبو محمد الليبي القيادي في مجلس شوري “الجماعة الليبية المقاتلة” في الذكري التاسعة لهجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، والتي انتقد فيها مسلك بن لادن قائلا “إن المسلمين في جميع أنحاء العالم يرفضون الجهاد وفق فهم القاعدة ومنهجها” داعيا بن لادن إلى مراجعة استراتيجية العنف التي يتبعها، والتي أضرت بالإسلام والمسلمين”.

إن جوهر الخلاف هنا كان حول فكرة ضرب العدو البعيد “أميركا والغرب” بينما البعض الآخر كان يكتفي بالعمل محليا، وربما كان جوهر الخلاف هو سياسة الضربات لأميركا بما استفزها فاتخذت اجراءات عنيفة ضد القاعدة.

ثم كان إنشقاق كبير آخر في ابريل/نيسان 2013 عندما أعلن “تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” انشقاقه ومبايعة البغدادي، وكان أبوبكر البغدادي قد أعلن نفسه في 9 أبريل/نيسان 2013 كأمير لما اسمي دولة العراق الإسلامية، وأعلن انضمام “جبهة النصرة لأهل الشام” إليه ومبايعته أميراً للمؤمنين، وتأسيس داعش.

ورد الظواهري ببيان غاضب مؤكدا إمارته للجماعات في العراق والشام. لكن الجميع ظلوا ينفذون معاً ذات المخطط وذات الاستراتيجية التي تستهدف إشعال الخلاف السني – الشيعي الأمر الذي تطابق مع اعلان أوباما بأن ثمة خلافا أبديا بين السنة والشيعة في المنطقة وأنه دائم وسيستمر.

وذلك في محاولة منه للتغطية على المؤامرة الأميركية لتقسيم المنطقة كلها إلى دويلات متناحرة بعد أن تتسلح كلها بسلاح أميركي، تأكيدا لمشروع الفوضى الخلاقة والشرق الأوسط الكبير. وهكذا فإن الأخوة الأعداء كليهما سني وكليهما متأسلم ويلجأ إلى أبشع وسائل الإرهاب وكليهما، ومهما كانت النوايا يطبق السياسات الأميركية في المنطقة”.

وأشار السعيد إلى كتابين لصحفيين بريطانيين صدرا مؤخرا قد كشفا كثيرا من الاسرار. وقال “أولهما “الجهاديون يعودون لباتريك كوكبيرن، ونقرأ فيه أن عوض البدري وهو ذات أبوبكر البغدادي قد ظل موجود “لم يقل سجينا أو معتقلا” لدي المخابرات الأميركية لخمس سنوات (2005-2009).

وأورد الدور البارز لعزة الدوري الرجل الثاني في عراق صدام حسين بتحريك جماعات النقشبندية باتجاه العمل المسلح. ولكي نعرف حقيقة الفكر النقشبندي نعود إلى شاهد عيان هو خالد محيي الدين فقد أورد في مذكراته “والآن اتكلم” إنه تربي لعدة سنوات في تكية النقشبندية بالحلمية بالقاهرة، حيث كان جده الشيخ عاشق خالد شيخا للتكية وناظرا لوقفها، وروي قصصا عن مسلك ملائكي لشيوخ التكية “فمحبة الله تعني وتتحقق بمحبة الناس”، وكيف كانوا يقضون كل وقتهم أما في الصلاة أو في تقديم خدمات مجانية لسكان الحي فأحدهم يصلح الساعات والآخر يصلح الأحذية، وثالث يجهز أدوية يعالج بها المرضي.

أما في العراق فقد نجح الدوري في تغيير شعار ومسيرة النقشبندية إلى “محبة الله تعني محاربة أعداء الله” وفي البداية كان أعداء الله هم الأميركان ثم أضيف إليهم حكام بغداد، ثم الشيعة، ثم كل من لم يبايع “أمير المؤمنين أبوبكر البغدادي”.

وهكذا تكون جيش داعشي يضم النقشبندية ومئات من ضباط جيش صدام السنة. وفي معركة الموصل فكك قادة الجيش البعثيين جيشهم وخلعوا ثيابهم وتركوا جنودهم وأسلحتهم “الجيش العراقي 350.000 جندي وتكلف في ثلاث سنوات 41.4 مليار دولار ولم يكن جنود داعش إلا 1300 فقط، ويصف كوكبيرن معركة الموصل بأنها أسوأ هزيمة في التاريخ”.

أما الكتاب الآخر فهو “القوة السوداء” ومؤلفه “كريستوفر رويتر” وهو منشور على الموقع الإلكتروني لجريدة دير شبيجل الألمانية وقد زار رويتر سوريا 18 مرة ونجح في إحداها في العثور على خطط تأسيس داعش مفصلة بوضوح، وصاحب هذه الخطط ومنفذها في سوريا هو ضابط بعثي آخر كان قائدا لمخابرات أحد قواعد الطيران في جيش صدام اسمه “سامي خليفاوي” الذي وجد نفسه فجأة بلا عمل ولا مرتب بعد تسريح جيش صدام، وربما لم تحتمل عنجهية ضابط مخابرات بعثي أن يصبح معدما وبلا دخل، فتوجه إلى سوريا ربما بإيعاز من عزة الدوري وجمع معه عددا من ضباط مخابرات صدام واتخذ اسم “حاجي بكر” وبدأ في تشكيل قواعد نائمة في القرى مستخدما علاقات مع أعيان القرى ومصاهرتهم والبداية كانت عملا دينيا صرفا ثم .. داعش”.

وأضاف السعيد “هكذا يلتقي السهمان البعثيان عزة الدوري في العراق وسامي خليفاوي في سوريا. وهنا يسأل كوكبيرن سؤالا ماكرا فيقول والآن إلى من تنتمي داعش هل إلى “البعث.. أم CIA.. أم إلى المتشددين الإسلاميين؟” ويتركنا دون اجابة وأعتقد أن الإجابة واضحة وهي: إليهم جميعا، وهي ثمرة لامتزاجهم معا”.

وطالب السعيد ألا تكتفي الدعوة لتجديد الخطاب الديني بكتابة أو نشر نصوص تجديدية وإنما يتعين كي لا تصبح مغلقة التأثير على عدد محدود من الأفراد أن تمتد لتبدأ بالتعليم من بدايات مراحله لتعود التلاميذ على إعمال العقل ورفض النقل وامتلاك الحق في محاولة التعبير عما يبدعه العقل منذ الصغر في مواجهة أدوات وآليات الفكر الجامد. خاصة وأن البعض من رجال الدين وحتي كبارهم يرون أن المعرفة الدينية قد اكتملت على يدي جيل الصحابة والتابعين الذين أتوا بالمعرفة الكاملة والتامة. بمعني أن المعرفة الدينية غير قابلة للتجديد حتي لو سادت عملية التجديد بقية المعارف الأخري. وأن نتعامل بجدية ويقين إسلامي مع الفضائيات وغيرها من أجهزة الإعلام التي تؤثر إما سلبا أو إيجابا في عقول العامة.

وحذر من خطورة الخلط بين الدين والفكر الديني أو الرأي في الدين، فالدين مقدس ومعطى سماوي والفكر الديني إنساني ونسبي الصحة وهو آراء شتى. فمثلا “نخرج الحي من الميت ونخرج الميت من الحي” فسرها المتأسلمون وهم القائلون بالالتزام الحرفي بالنص “كما قال شكري مصطفي في كتابه التوسمات حرفا بحرف وذراعا بذراع” قائلين “يخرج الطائر من البيضة”، بينما دعاة التأويل وإعمال الفكر والعقل في مكنون النص القرآني قالوا إن الاعجاز القرآني ليس بحاجة إلي تكرار ما يشاهده الناس كل يوم وأنه لا بد من وجود رأي ورؤية كامنة في النص فقالوا “يخرج المؤمن من الكافر” ومن ثم نهض الخلاف الدائم بين الإسلام والتأسلم.

كما حذر من خطأ تسييس الدين أو تديين السياسة “يقول ابن المقفع: الدين تسليم بالإيمان والرأي (السياسة) تسليم بالخصومة فمن جعل الدين رأيا جعله خصومة ومن جعل الرأي دينا فقد جعله شريعة”.

وهكذا فإن التأسلم الذي يدعي أنه يعبر عن إرادة السماء هو مجرد محاولة لتمرير أفكار خاصة وإقناع الجماهير بها على أساس أنها إرادة إلهية وهي مجرد ارادة فرد أو حتى جماعة.

ميدل ايست أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى