رفع العقوبات الأميركية على 3 مراحل: أمن إسرائيل مدخلاً… والتطبيع ختاماً

بعكس ما حاولت الإدارة الأميركية الترويج له حول أن قرار رفع العقوبات عن سوريا، والذي أعلنه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، خلال زيارته إلى السعودية، الأسبوع الماضي، سيكون شاملاً ولا يرتبط بشروط محددة، كشفت معلومات جديدة عن إعداد خطة لرفع هذه العقوبات على 3 مراحل، مقابل شروط محددة.
وتدور الخطة التي كشفت وكالة «أسوشييتد برس» عن بعض تفاصيلها، بشكل أساسي، حول استمرار استثمار العقوبات باعتبارها عناصر ضغط على الإدارة السورية الجديدة، إذ تتوجّه واشنطن إلى رفعها بشكل مؤقّت في البداية، عبر إعفاءات قصيرة الأمد، الأمر الذي يربط رفعها بشكل كامل بجملة من الشروط التي وصفتها الوكالة بأنها صارمة، من بينها إبعاد جماعات فلسطينية ناشطة ضد إسرائيل من سوريا.
وذكرت الوكالة أن تفاصيل الخطة التي صاغها فريق السياسات والتخطيط في وزارة الخارجية الأميركية عبر وثيقة قدّمها إلى الإدارة الأميركية، تضع مسألة أمن إسرائيل في المرتبة الأولى، تتبعها مرحلة ضمان مسألة محاربة «داعش»، عبر التحالف الذي شكّلته تركيا ويضم العراق والأردن أيضاً، وآخرها تطبيع العلاقات بين الإدارة السورية الجديدة وإسرائيل.
ويأتي الكشف عن هذه الوثيقة، في ظل عدم اتخاذ الإدارة الأميركية أي خطوات واضحة حول آلية رفع العقوبات بموجب تعهّد الرئيس الأميركي، خصوصاً أن قسماً من هذه العقوبات جاء وفق قوانين يتطلّب رفعها موافقة الكونغرس. ويتوافق هذا الكشف بشكل كامل مع توجهات واشنطن المعلنة سابقاً حول شروط انفتاحها على دمشق، والتي حاولت حكومة الرئيس السوري الانتقالي، أحمد الشرع، المضي قدماً لتنفيذها، عبر التضييق على نشاط ما تبقّى من جماعات فلسطينية في سوريا، وتوسيع قنوات التواصل مع إسرائيل، بشكل مباشر عبر زيارة أجراها وفد حكومي سوري إلى تل أبيب، ولقاء أجراه وفد أمني مع وفد إسرائيلي في باكو، أو غير مباشر بوساطة تركية وإماراتية.
وفي تصريحات نشرتها وسائل إعلام أميركية، أكّد ترامب أن تطبيع العلاقات بين سوريا وإسرائيل يرتبط بـ«استقرار الوضع في البلاد وتنظيم البيت الداخلي»، الأمر الذي أعادت التأكيد عليه مساعدة الرئيس والسكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض، كارولين ليفيت، خلال تعليقها على اللقاء الذي جمع ترامب بالشرع، في السعودية. وقالت إن «ترامب شجّع نظيره الشرع على خمس قضايا رئيسية، منها، التوقيع على اتفاقيات أبراهام مع إسرائيل».
في هذا السياق، كشفت تقارير صحافية أن خالد جبريل، نجل مؤسس «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة»، وخالد عبد المجيد، الأمين العام لـ«جبهة النضال الشعبي» في سوريا، وزياد الصغير، الأمين العام لـ«حركة فتح – الانتفاضة»، غادروا الأراضي السورية، في سياق التضييق المستمر من قبل السلطات السورية الانتقالية على الفصائل الفلسطينية، وذلك بعد أن قامت بتسليم أسلحتها.
ونقلت وكالة «فرانس برس» عن قيادي فلسطيني، لم تسمّه، أن قادة هذه الفصائل لم يتلقوا أي طلب رسمي بمغادرة سوريا، لكنهم تعرّضوا لمحاولات تضييق، بالإضافة إلى مصادرة ممتلكات تابعة لفصائلهم، إلى جانب اعتقال عدد من أعضائها، ما جعلها «ممنوعة من العمل بحكم الأمر الواقع».
وأوضح القيادي أن السلطات صادرت ممتلكات الفصائل من منازل شخصية، ومقار، وسيارات، ومعسكرات تدريب في ريف دمشق ومحافظات أخرى، كما تسلمت الأسلحة الموجودة لدى الفصائل، وطلبت قوائم بأسماء الأفراد الحاصلين على قطع فردية من الأسلحة. ونقلت الوكالة عن مصدر فلسطيني آخر في دمشق قوله إنه لا يوجد تعاون بين معظم الفصائل الفلسطينية والحكومة السورية، مشيراً إلى أن التواصل مع السلطات غالباً ما يكون بارداً أو متأخراً، لافتاً إلى أن قادة الفصائل شعروا بأنهم «ضيوف غير مرحّب بهم، وإن لم يُقل ذلك صراحة».
وفي سياق محاولتها ضمان تحقيق الإدارة السورية لشروطها، وتسليمها إدارة هذا الملف بشكل شبه كامل لتركيا، التي عبّر ترامب عن إعجابه برئيسها، رجب طيب إردوغان، وقام بتهنئته بالسيطرة على سوريا، أعلنت واشنطن عن تعيين سفيرها، توماس باراك، المقرّب من ترامب والذي يرتبط بعلاقات قوية مع قادة دول الخليج، مبعوثاً أميركياً خاصاً إلى سوريا.
وفي بيان رسمي له بعد تعيينه، ذكر باراك أن «ترامب وضع رؤية واضحة لشرق أوسط مزدهر ولسوريا مستقرّة تعيش بسلام مع نفسها ومع جيرانها»، وتابع أن «الرئيس التزم في 13 أيار برفع العقوبات الأميركية الصارمة عن سوريا لتمكين الحكومة الجديدة من تحقيق استقرار البلاد»، مشيراً إلى «أهمية التعاون الإقليمي في هذه المرحلة». وأضاف: «بهذه الطريقة، فإننا بالتعاون مع شركائنا الإقليميين، بما في ذلك تركيا ودول الخليج، نمكّن الحكومة السورية من استعادة السلام والأمن وأمل الازدهار»، موضحاً أن وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، يتولى حالياً مسؤولية تنفيذ هذه الرؤية.
صحيفة الأخبار اللبنانية