كتب

رواية «الحرّاني»… إعادة اعتبار لمدينة منسية في التاريخ

صدر حديثاً عن «دار الريس – بيروت»، (أغسطس/ آب 2025)، رواية «الحرّاني» للكاتب السوري خلف علي الخلف، بعد 9 دواوين شعرية و3 مسرحيات.

 

الرواية تسلط الضوء على حرّان و«الجماعة الحرّانية» الذين يوصفون في المدونات العربية بـ«الصابئة الحرّانية» في القرن التاسع الميلادي. يسعى العمل إلى إعادة الاعتبار لمدينة حرّان التي كثيراً ما جرى تجاهلها في السرديات التاريخية، رغم أنها ملتقى طرق للحضارات والفكر والفلسفة والأديان.

يستحضر الكاتب أجواء الحواضر والممالك الكبرى في زمن المأمون؛ دولة الخلافة العباسية، وزمن الإمبراطورية البيزنطية، والخلافة الأموية في الأندلس، وإمارة كريت العربية… ويتجول مع القارئ في مدن؛ حرّان، والرقة، والإسكندرية، وأثينا، والقسطنطينية، وقرطبة، وغرناطة، وملقا… وحتى جزيرة كريت وصقلية كريت… ليقدّم بانوراما واسعة عن زمن غني بالتحولات الفلسفية والفكرية والسياسية. تتكشف الرواية عبر شخصيات بارزة، مثل ثابت بن قرة، لكنها لا تقتصر عليه، بل ترسم صورة جمعية لأبناء المدينة الذين ورثوا ميراث حضارة سومر، ثم أعادوا صياغته في سياق جدلهم مع الفلسفة والعقائد السماوية. كما يبرز تأثير المدينة ومدارسها الفكرية في الفلاسفة اليونان منذ فيثاغورس حتى أفلوطين وكثير من الفلاسفة الذين تتلمذوا على مدارسها ونهلوا من عقائدها.

تولي الرواية اهتماماً دقيقاً للحياة اليومية: الأزياء، والطعام، والطقوس الدينية، والعمارة، والموسيقى؛ مما يمنح النص طابعاً توثيقياً وحيّاً في آن. كما أنّها تُبرز كيف كان الناس يتنقلون بين المشرق والمغرب، حاملين معهم الأفكار والبضائع واللغات.

من جهة أخرى، تُظهر «الحرّاني» أن الرواية التاريخية ليست مجرد تسجيل وقائع، بل استدعاء لذاكرة منسية، وتفكيك للأساطير، وإعادة بناء للهوية. فهي نص يسعى لفتح حوار بين الماضي والحاضر، ولطرح أسئلة عن المصير والتعايش في عالم مضطرب.

بهذا الإصدار، يبدأ خلف علي الخلف، كما يقول الناشر، مشروعه بوصفه روائياً؛ «يسعى إلى جعل التاريخ مادة حيّة نابضة في الرواية، ويقدّم نصاً سيكون موضع نقاش لدى القراء والنقاد على حد سواء».

وخلف علي الخلف كاتب وشاعر من الرقة في الجزيرة الفراتية بسوريا.

صحيفة الشرق الأوسط اللندنية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى