رواية لا تُصدَّق والقادِم أعظم: جنرالٌ إسرائيليٌّ يؤكّد أنّ حزب الله غيَّر قواعد الاشتباك والوضع الإستراتيجيّ بالشمال ليس معقولاً والجنرال يادلين: نعرف أين يختبئ نصر الله وسنغتاله ونُدمِّر لبنان!!!

 

بلبلة، ارتباك، توجّس، قلق، بيانات متناقضة، وإعلام مُتجنِّد لصالح الرواية الإسرائيليّة، وأقطاب دولة الاحتلال، من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الأمن بيني غانتس، يعقدان مؤتمرًا صحافيًا “دراماتيكيًا” في مقّر وزارة الجيش بتل أبيب، يستمِّر ثلاث دقائق، ويمنعان من الصحافيين توجيه الأسئلة، الأمر الذي يزيد من الشكوك حول صحّة ودقّة الرواية الإسرائيليّة حول ما جري أوْ لم يجرِ أمس على الحدود الشماليّة مع لبنان ضدّ حزب الله، والأخطر من ذلك، أنّ نتنياهو أصدر أمرًا لجميع الوزراء بعدم التطرّق للـ”واقعة”، وبالتالي يؤكِّد المؤكّد: إسرائيل في ورطةٍ مع حزب الله، وللتدليل على عمق الخوف والقلق في كيان الاحتلال تكفي الإشارة إلى أنّ الآلاف من الإسرائيليين، الذين كانوا على شاطئ البصّة، قرب الحدود الشماليّة، اختفوا خلال لحظاتٍ، فيما ألغى العديد من المُتنزهين قضاء فترة الاستجمام في الشمال بسبب الوضع الأمنيّ المُتوتِّر.

المُستويان السياسيّ والأمنيّ في تل أبيب دفعا بتعزيزاتٍ كبيرةٍ إلى قنوات التلفزة، من مُختّصين، خبراء ومُحلِّلين، لتعزيز الرواية الإسرائيليّة، التي تُشبه إلى حدٍّ كبيرٍ الجبن الهولنديّ، أيْ أنّه مليء بالثقوب، في الوقت الذي ما زال فيه الإسرائيليون لا يثقون بتصريحات قادتهم، وينتظرون على أحّرٍ من الجمر سماع بيان حزب الله حول ما جرى على الحدود، وعندما أصدر الحزب بيانًا نفى فيه مزاعم إسرائيل حول إحباط عمليّةٍ عسكريّةٍ على الحدود، وقتل أفراد الخليّة الذين اجتازوا الحدود، قام الإعلام، طبعًا بأوامر من “الأخ الأكبر” بتغيير سُلّم الأولويات، وأصبح الخبر عن الـ”مواجهة” في الشمال في المكان الثالث بعد الحديث عن تقديم موعد الانتخابات العامّة والارتفاع الحّاد في عدد المُصابين بفيروس “كورونا” المُستجّد.

وعلى الرغم من تقييدات الرقابة العسكريّة، نشر المُراسِل العسكريّ لصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، يوسي يهوشواع، تغريدةً على “تويتر” تساءل فيها: مَنْ يقوم بإرسال خلية “مُخرّبين” مؤلفة من 3-4 عناصر في وضح النهار لتنفيذ عمليّةٍ مع علمه أنّ الجيش الإسرائيليّ في حالة تأهبٍ قصوى؟ وكيف حدث أنّ الجيش الإسرائيليّ لم يتمكّن من قتل أفراد الخلية؟، وتابع: المؤتمر الصحافي لنتنياهو وغانتس لم يزِد شيئًا، لم نرَ أيّ فيديو للعملية؟ ماذا جرى هنا!، على حدّ تعبيره.

الوحيد الذي تمكّن من التغريد خارج السرب الإسرائيليّ، وطبعًا الأمر نسبيًّا، كان الجنرال في الاحتياط، كوبي ماروم، الذي تحدّث للقناة الـ13 في التلفزيون العبريّ ببثٍّ حيٍّ ومُباشرٍ، أيْ دون استطاعة الرقيب العسكريّ منعه من ذلك: ماروم، الذي كان قائدًا كبيرًا في الجبهة الشماليّة قال إنّه لا يُعقَل أنّ تنظيمًا “إرهابيًا”، وليس جيشًا، أيْ حزب الله، يستنزِف جيشًا كاملاً على مدار أسبوع، لأنّ الجيش قتل عنصرًا من عناصره في سوريّة؟ ما هذه المعادلة، تساءل! وتابع قائلاً: حزب الله فرض على إسرائيل قواعد اشتباك جديدة وقام بتغيير قواعد اللعبة، وأن الأوان لتغيير الوضع غير المعقول وغير المقبول، إنْ كان إستراتيجيًا أوْ تكتيكيًا، لا يُمكِن، تابع، أنْ تستمِّر إسرائيل على هذا الوضع في الجبهة الشماليّة ضدّ تنظيمٍ يُدخِل دولةً كاملةً إلى الخوف لأنّه يزعم أنّ الجيش قتل أحد أفراده في سوريّة، قال الجنرال ماروم.

من ناحيته، أدلى الجنرال في الاحتياط عاموس يادلين، الرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكريّة (أمان)، أدلى بحديثٍ للقناة الـ12 وانتقل فورًا من الدفاع إلى الهجوم، مُطلقًا التهديد والوعيد، ولغة جسده تؤكِّد أنّه ليس مُرتاحًا ممّا حدث في الشمال. بطبيعة الحال أرسل رئيس معهد أبحاث الأمن القوميّ، التابِع لجامعة تل أبيب، تهديداتٍ إلى لبنان وسوريّة وحزب الله بعدم اختبار قوّة الجيش الإسرائيليّ، زاعِمًا في الوقت عينه أنّ المُخابرات الإسرائيليّة تعرِف أين يختبئ السيّد حسن نصر الله في الضاحية الجنوبيّة بالعاصمة بيروت، وأنّه قادرٌ على تصفيته وأنّ اغتيال نصر الله، أردف، بات على سُلّم أولويات جيش الاحتلال، بالإضافة إلى ذلك، شدّدّ على أنّه في حال قيام حزب الله بتنفيذ عمليّةٍ ثانيّةٍ ضدّ الجيش الإسرائيليّ، فإنّ الدولة اللبنانيّة ستتحمّل المسؤولية، وسيقوم الجيش بردّ الصاع صاعين، ملمحًا إلى تطبيق نظرية الضاحية، أيْ تدميرها عن بكرة أبيها، كما فعل الاحتلال في حرب العام 2006.

في السياق عينه، قال مُراسِل الشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس) العبريّة، اليوم الثلاثاء، إنّ المُواجة التي وقعت في الشمال أمس الاثنين انتهت بالتعادل، ولكنّه أضاف أنّ هناك شكوكًا كبيرةً جدًا فيما إذا كان حزب الله سيتوقّف عند هذا الحدّ، علمًا أنّ حالة التأهب القصوى في الجيش الإسرائيليّ ما زالت مُستمرِّةً حتى اللحظة ولا معلومات عن تغييراتٍ في التأهب وربّما القادم أعظم.

وللتدليل على عمق الأزمة، بات الحدث أمس مادّةً للتندّر من قبل الإسرائيليين أنفسهم على وسائط التواصل الاجتماعيّ، حيث قال أحدهم باستهزاءٍ: سيتبيّن لاحِقًا أنّ حزب الله أرسل أربعة سودانيين لمُواجهة أقوى جيشٍ في الشرق الأوسط!، على حدّ تعبيره.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى