«روزنا» … معاناة حلبية في دمشق
يقترب المخرج والممثل السوري عارف الطويل، من الانتهاء من عمليات تصوير مسلسل «روزنا» من إنتاج «المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني»، وتأليف الكاتب جورج عربجي، حول أسرة حلبية تنزح تحت وطأة الحرب إلى العاصمة دمشق. يؤكد الطويل في اتصال مع «الحياة» أن العمل اجتماعي بطروحات إنسانية بالدرجة الأولى، بعيداً من السياسة، مشدداً في الوقت عينه على عدم القدرة على تجاهل كثير من تفاصيل الحرب الدائرة منذ ثماني سنوات على كل الصعد. ويجسّد أدوار البطولة الممثلون بسّام كوسا وميلاد يوسف وندين تحسين بك وجيانا عيد وأندريه سكاف وهبة زهرة وعامر العلي وسواهم، إلى جانب قاسم ملحو كضيف شرف.
يشير الطويل إلى تقصده الاعتماد على فنانين من مدينة حلب في عملية الـ «كاستنغ»، في سبيل مقدار أعلى من «الإقناع الدرامي»، بخاصة في دور البطولة الرئيس لشخصية «وفا» (بسام كوسا) وفي شخصية «بكري» (قاسم ملحو) العامل عند «وفا».
ويوضح الكاتب عربجي لـ «الحياة»، أن «عائلة السيد وفا ترمز إلى جزء من أهالي حلب، من شتى اختلافاتهم، وأن لكل فرد فيها رمزاً له أبعاده الدرامية»، مضيفاً أن «العمل بعيد كلياً عن الشعارات الطنانة، ويدخل في صلب الحقيقة غير المزينة».
وعن اختيار حلب كحيّز درامي، يعتبر أن «شخصية وفا ترمز في شكلٍ أو آخر إلى قلعة حلب، إذ إن لحظة الحقيقة بالنسبة إلى أي كاتب تلفزيوني عندما تأتي، يجب ألا تذهب من دون تدوينها على الورق. قصة مسلسل «روزنا» جاءت في لحظة قهر صادقة تجاه حلب، ولأنه كانت لها الحصة الأكبر من الدمار والقسوة على أناس أعزاء. مقولة العمل تتلخص بعبارة «ارحموا عزيز قوم ذل».
ويشير المخرج إلى نزوح عائلة وفا من منزلها التراثي الذي تهدمه الحرب و «الأيدي الهمجية»، في «إشارة حضارية» إلى جانب الإشارات الإنسانية في العمل.
ويكشف الممثل قاسم ملحو لـ «الحياة» أحد المشاهد الرئيسة في العمل، والمبيّنة لما ذكره الكاتب عن المقولة. يقول: «أجسّد شخصية بكري، هو «شغيل» يعمل عند وفا، يقوم بإيصال حاجياته إلى المنزل، ويلازمه في المعمل الذي يملكه، يفتح له باب السيارة، ويحمل حقيبته، وعندما يوزع مساعدات على الفقراء، يكون ذلك من طريق بكري». ويضيف: «هذه الأحداث تدور كلها قبل الحرب. بعدها نرى أن الأشياء تغيرت، أصبح لبكري شأن كبير ولوفا مأساة قاسية، وفي مشهد «ماستر» يلتقي بكري ووفا مصادفة، ما يخلق شيئاً غاية في الدقة والتفصيل والقسوة، فيجلسان مع بعضهما ويتكلمان في جوانب ليست لها علاقة بالسياسة بل يكون التركيز للجانب الإنساني». ويلفت ملحو إلى أن مشاركته كضيف شرف، هي نتيجة إصرار المخرج، بخاصة أن بيئة العمل الابتدائية هي مسقط رأسه. «كان اعتراضي بالأساس لأن المسلسل حلبي ويمثل بيئتي ولا ألعب فيه دور بطولة، ولكن الشخوص ما عدا وفا، لا تناسبني، والشخصية الوحيدة التي ناسبتني فعلاً هي الشخصية التي أجسّدها».
ويعلن الممثل ميلاد يوسف لـ»الحياة» أنه يشترك في بطولة «روزنا»، بعد سلسلة من الاعتذارات عن عدم المشاركة في مسلسلات أخرى، بسبب «فترة عصيبة على مستوى الدراما العربية عموماً، وتدني نوعية الإنتاج التي كانت تطرح سابقاً، لذا اخترت مسلسلاً تجتمع فيه العناصر الفنية اللائقة في النص والممثلين والإخراج». ويتحدث عن شخصية «أنور» التي يجسدها: «في بداية العمل، هو من الشباب السوريين الذين يعيشون فراغاً عاطفياً وحياتياً. الحياة لا تعنيه كثيراً نتيجة الأزمات والحرب، ما يفقده الكثير من عناصر التمسك بالحياة إلى أن يتعرف إلى «ديمة» (ندين تحسين بك) ابنة وفا، فتبدأ إعادة الحياة في نفسه نتيجة هذا الحب». ويتابع: «هنا نقطة التحول في الشخصية، وهي تعني دعوة إلى البحث عن تفاصيل صغيرة في الحياة لإعادة الأمل، بخاصة أن الظروف الحالية تخفي الأمل عن كثير من الأشخاص».
وتشارك الممثلة الشابة هبة زهرة في البطولة خلال أقل من عام على تخرجها في المعهد العالي للفنون المسرحية، دفعة عام 2017 المنصرم. وتجسّد شخصية «رزان» ابنة وفا. تقول: «هي فتاة جميلة، طيبة، ذكية، صاحبة مبدأ، لديها مسؤولية كبيرة تجاه نفسها وعائلتها. تضطر إلى ترك جامعتها في حلب (أدب فرنسي)، وتبدأ البحث عن عمل لمساعدة أهلها، إضافة إلى تعلمها اللغة الإنكليزية كونها مطلوبة». وتشير إلى علاقتها الخاصة بوالدها: «هي أشبه بعلاقة صداقة، أكثر مما هي علاقة أب وابنته التي تتمثل به قدوة لها». وتضيف: «في حياتها شاب ترتبط به بحب قديم وصادق، لديها أمل كبير، ولكن ظروف الحياة تجعلها تتحمل الكثير من المشاق والمتاعب التي لم تكن في الحسبان، في مواجهة قصة حبها في وضع أشبه بالتمزق بينهما».
صحيفة الحياة اللندنية