روسيا وتركيا بين التشبيك والاشتباك !! الأهداف الكردية لموسكو اهم من الحل السياسي
لطالما حار الكثير من المراقبين في أسباب السياسة الروسية اتجاه تركيا، و التي بلغت أوج قوتها الاقتصادية واتفاقات المبيعات العسكرية، تماماً بالتزامن مع قصف طائرات السوخوي الروسية لآلاف المسلحين المدججين والمدعّمين بعقيدة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل سلاحه و أمواله و العابرين كل مطاراته و نقاط حدوده من أصقاع الأرض حتى الوصول إلى وجهة أكبر مصنع لتدريب و تصدير المسلحين في العالم تحت إشراف تركيا و هي إدلب، المحافظة السورية التي كانت تنتج أفضل أنواع الكرز و الزيتون.
تجاوز الميزان التجاري بين البلدين ثلاثين مليار دولار سنوياً. وقِّعت اول صفقة توريد منظومة صواريخ اس 400 التي صلت فعلا إلى دولة من حلف شمال الأطلسي، وها هي ذي الحرب التي بدأت في سورية تصيب في عدواها إعادة فتح الحروب والنزاعات السابقة أو تأجيجها كما في ليبيا و اليونان وصولاً إلى أرمينيا و أذربيجان، و مفردات الصراع هي ذاتها و من أهمها تنقل المسلحين المدربين من إدلب إلى كل تلك البؤر و فتح الصراع حيث تتطلب ذلك خرائط التمدد التركي الجديد.
روسيا الدولة التي تتوق للعودة إلى تصنيف القوى العظمى و تمتلك عدة مقومات لذلك منها المساحة كأكبر دولة في العالم 17 مليون كيلو متر مربع و عادت بعد الحرب السورية إلى المنافسة الأولى في سوق السلاح، لا تملك اقتصادا أو ناتجا قوميا يضاهي الولايات المتحدة الأمريكية البالغ 21 تريليون دولار أو الصين البالغ 16 تريليون دولار بصعود سريع، حيث يبلغ ناتجها القومي 1،6 تريليون دولار و يعتمد على مبيعات النفط والغاز للغرب بشكل كبير و تجد نفسها أمام تركيا التي يبلغ ناتجها الاقتصادي حوالي 750 مليار دولار و تجاورها جنوباً في البحار و اليابسة، شريكاً تجاريا هاماً جدا، خاصة مع تزايد الابتعاد الغربي عن روسيا و العقوبات المتزايدة و التي ستزداد مستقبلا.
إن ثقل الجيوسياسة يفوق في الحسابات القيادية كل حساب، ومن يبقي عقله عالقاً في التاريخ سيفوت على نفسه كل إمكان لمسايرة المتغيرات الهائلة التي قد تبدل الصديق عدوا خلال زمن قياسي كما جرى بين تركيا وسورية أو بين قطر والسعودية…
التشبيك الذي تفرضه كل سياسات التوافق بين بوتين و أردوغان، قد تبلغ فاتورته حدود الجيوسياسة، إذا ما قطعت مسافة الكيلومترات الثمانية بين أذربيجان و أرمينيا اي إذا توسعت الحرب و خسرت أرمينيا حتى وصلت أذربيجان لحدود تركيا، و لذلك وجدنا موقفاً روسيا يحد من عواطف الأرمن حلفاء الدم و التاريخ، و إن الأهداف الروسية اتجاه المسألة الكردية تفوق بكثير قضية إيجاد حل سياسي في سورية، و من هنا نفسر تعاطي الخارجية الروسية المميز في استضافة اتفاق مجلس سورية الديمقراطية الكردي مع حزب الإرادة الشعبية، حيث زادت علب الشوكولاته الروسية الشهيرة على طاولة الوزير لافروف عن المعتاد من ضيافتهم للوفود الكثيرة للأحزاب السورية التي تزور الخارجية كما جاء في جواب لافروف أثناء المؤتمر الصحفي الأخير بدمشق مع الوزير وليد المعلم. والسبب هو ضرورة وجود عوامل ضغط تحيط بالمشروع الإمبراطوري التركي المقبل وأهمه هو قوس: يونانيون، عرب سوريون، أكراد، وارمن…..
وأما لماذا قلت عرب سوريون هذه المرة، فذلك لأن الخارجية الروسية قد لعبت حركة نشطة بين بعض دول الخليج ومصر وسورية مؤخراً ومهدت للأمر بمزحة سمعتها من نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف أثناء زيارة له إلى دمشق، حيث قال للمصريين، أنتم كنتم في اتحاد مع سورية فلم لا تعيدون العلاقة معها حتى لو عملتم وحدة استراتيجية. اعتقد ان الخوف الروسي من التمدد التركي هو الدافع الممكن لطرح كهذا.
نحن لسنا أمام تسويات، بل كنا وبسرعة أمام إشعال حروب وحرائق متسارعة في فضاء جيوسياسي واحد، غايته اما تفاوض كبير أو صدام كبير، والعاقل هو من يتسلح بالعقل ويقوي بيته الداخلي ما أمكن فرياح التفاوض هي تماما كرياح الصدام و الحرب.. عاتية.
خمس نجوم