روسيا وهندسة مسار الحل السياسي في سوريا.. وقائع ومعطيات
الجولة الخليجية التي قام بها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، وضع ما يُمكن تسميته بالإطار العام للحل السياسي في سوريا، فالاتفاق الذي تم التوصل إليه عبر الدول المعنية في الحرب على سوريا، والتي تتفاوت أدوارها ما بين المسبب للحرب الإرهابية عليها، وبين المدافع عن الدولة السورية، نجد أنّ غياب الدور الإيراني كحليف أساسي في الدفاع عن سوريا منذ عام 2015، يعطينا دلالات كثيرة تتعلق بالتوجهات الجديدة تُجاه أسس الحل في سوريا، وضمن ذلك تعتبر الجمهورية الإسلامية الإيرانية معنية في الطروحات التي قُدمت، ولكنها غائبة عن الاجتماع، وذلك كون السعودية طرفا أساسيًا في الاجتماع بعد المصالحة الخليجية التي فرضتها واشنطن عبر كوشنر. وهذا يقودنا الى ما يلي:
*ابعاد إيران عن الساحة السياسية السورية وفق منظور من لا يرتضون بقاءها وأولهم الولايات المتحدة واسرائيل والسعودية.
*محاولة لوضع إيران على الحياد لتهميش دورها في الحل السياسي الأخير ليتمكنوا عبر منصاتهم من لعب دور الطبيب الذي انهى العملية الجراحية المميتة.
*فرض شروط مع وجود المحتل التركي وغياب المحتل الأمريكي ليكون الحل بالنسبة للملف الكردي بما يتوافق مع الشروط التركية.
وبالتالي، فإن الحل السياسي الذي يُرضي جميع الأطراف قد لا يرضي دمشق، لأن المُسببين للحرب الإرهابية على سوريا لم يعلنوا الانسحاب الكامل لكل من الأمريكي والتركي عن الأراضي السورية في الشمال والشمال الشرقي، ومن هنا وإنّ كان الحل السياسي حاضرًا في الجولة الروسية، لكنه سيكون وفق مظلة الامم المتحدة، إلا أن سنوات الحرب الإرهابية على سوريا بينت لنا أن بعض الدول التي سبب الحرب الإرهابية على سوريا هي من اعاق الحل منذ الانتصار الكبير الذي حققه الجيش العربي السوري في دمشق وحلب.
وفق ما تقدم، وبالرغم من غياب الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن المشهد، إلا أن التحالف الذي أفضى إلى منصة أستانا واتفاقية سوتشي التي حققت خلال مراحل الحرب الإرهابية على سوريا جملة من التطورات، وخاصة بما يتعلق بالجانب التركي في طريق M5 وM 4 وانسحاب الجيش التركي من مراكز المراقبة، لتنحصر أماكن تواجدهم في المناطق القريبة من إدلب، وبالتالي فإن الحليف الروسي يعمل باعتقادي وفق منهجية سياسية خاصة ليتمكن من تحقيق مكاسب سياسية يستكمل بها ما تم خلال منصة أستانا رغم غياب الدور الإيراني في اجتماع تستطيع روسيا الاتحادية تحمله وفق القرار 2254، والأكيد أن التحالف الثلاثي السوري والروسي والإيراني ما زال في الصلابة التي لا تؤثر فيه غياب إيران عن اجتماعات تخص الدولة السورية المعني الأساسي للاجتماع، والذي بدوره يؤكد على أن روسيا تعمل جاهدة لتحقيق تقدم في المسار السياسي الذي تطالب فيه جميع القوى الفاعلة في الحرب الإرهابية على سوريا.
فتعقد الملفات في الشمال والشمال الشرقي من سوريا، مع تعنت الأمريكي والتركي في وقف الانتهاكات التي تحصل بحق المدنيين المتواجدين هناك، استدعى ضرورة المضي قُدمًا مع الأطراف المعادية لسورية لإنهاء الحرب الإرهابية عليها، وذلك وفق قرارات تضمن السيادة الكاملة على كامل التراب السوري.
الدولة السورية كانت وما زالت تعتبر أنّ الحل السياسي هو الأنجع، ولكن ذلك لا يعني أبدا الرضوخ لشروط قد لا تؤكد على الانسحاب الكامل لجميع القوى المعادية من أمريكا حتى تركيا وادواتهم الإرهابية، فالقرار 2254 ينص على احترام السيادة السورية على كامل أراضيها. وعليه تبقى دمشق صاحبة القول الفصل في جُل التحركات التي تنطلق من مُحددات البحث عن حل سياسي، لكن في المقابل فإن كل الحلول وما ستحتويه من سيناريوهات، كلها ستكون حُكمًا بتوقيت دمشق.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية