رياض سطوف «نجم» فن «الشرائط المصورة» مجهول عربياً
عبده وازن
بدءاً من اليوم الخميس يستقبل المهرجان الدولي للشرائط المصورة الذي يقام في مدينة إنغوليم الفرنسية الكاتب والرسام السوري – الفرنسي رياض سطوف، وهو من أبرز الفنانين في حقل الشريط المصور وحاز شهرة عالمية بعدما نقلت كتبه المصورة إلى لغات عدة.
يقدم سطوف الشاب الأربعيني في المهرجان الذي يُعد الأكبر والأعرق عالمياً في هذا الميدان الفني، الجزء الثالث من كتابه «عربي المستقبل» الصادر حديثاً في باريس، وهو عنوان السلسلة التي بلغت أرقام مبيعها المليون نسخة، ناهيك عن الطبعات الدولية.
ولقيت هذه السلسلة نجاحاً كبيراً في ترجمتها الإنكليزية خصوصاً في الولايات المتحدة، وتناولتها الصحافة بالترحاب.
وكتبت الروائية المعروفة زادي سميث مقالة عن السلسلة في «نيويورك تايمس» قائلة:» إنها الرواية المصورة الأشد إمتاعاً التي قرأتها في الأعوام الأخيرة». ونظراً إلى الرواج الكبير الذي حققته رسوم سطوف وحكاياته الطريفة عهدت إليه مجلة «لوبس» (نوفيل أوبسرفاتور) الفرنسية صفحتها الأخيرة ليطل عبرها على القراء بما تبدعه مخيلته من قصص مصورة. وهذه خطوة مهمة في مسار سطوف وقد تكون تكريساً له في عالم الصحافة والفن الفرنسيين.
ليس رياض سطوف غريباً بتاتاً عن المهرجان الفني الكبير، فهو يشارك فيه دورياً وحاز جائزته الكبرى سابقاً وبات وجهاً من وجوهه الدائمين. وفي الدورة الراهنة يقدم الجزء الثالث من سلسلته الشهيرة التي يتناول فيها ذكرياته في سورية والسنوات التي قضاها في حمص قبل الانتقال للعيش في فرنسا التي كان ولد فيها لأب سوري ذي نزعة قومية عربية، كان يدرس في باريس ولأم فرنسية.
وشاء سطوف هذه السلسلة تحية إلى السوريين الذين عانوا ويعانون مآسي الحرب والنزوح والفقر، وكان قرر عند اندلاع الثورة واستحالتها حرباً مدمرة أن يساعد أقرباء له ومواطنين في الهروب واللجوء إلى فرنسا، فعجز. وساورته حينذاك رغبة عميقة في استيحاء أحوال السوريين ومعاناتهم الكبيرة انطلاقاً من ذكرياته في حمص والأعوام التي عاش فيها الواقع السوري تحت حكم حزب البعث. إلا أن رياض عاش أيضاً بضعة أعوام مع عائلته في ليبيا وتعرّف خلالها إلى البلاد التي حكمها دكتاتور غريب الأطوار هو القذافي.
لم يشأ رياض أن يرسم شرائط مصورة كاريكاتورية وساخرة عن العرب كما يفعل في رسومه الفرنسية أو الدولية، بل نقل أوضاعهم وظروفهم من خلال عيني الطفل والمراهق اللذين كانهما، وعبر نظرة بريئة وحادة، مسالمة ونقدية. فهو عربي الجذور وفرنسي الهوية ولا يمكنه أن يتخلى عن انتمائه الأول.
وصرّح أكثر من مرة أن هويته المزدوجة تعني أنّ من الصعب عليه أن ينحاز إلى جانب من دون آخر. ويقول، هو الذي يواجه باستمرار مشكلة الانتماء المزدوج، ثقافياً وجغرافياً: «أشعر بأنني عالق في مكان هو على الحياد وسط جذوري السورية والفرنسية»، ويقصد جذور الأب وجذور الأم. وفي سلسلته «عربي المستقبل» التي ستمتد إلى خمسة أجزاء، استطاع رياض أن يصل إلى الجمهور العريض الذي يضم أجيالاً وشرائح عدة حاملاً صورة معبرة عن سورية الماضي وسورية الحرب.
بدأت شهرة رياض سطوف تنتشر بدءاً من عام 2009 عندما خصّته صحيفة «شارلي إيبدو» بزاوية مهمة عنوانها «الحياة السرّية للشباب» وفيها رسم حياة شباب الضواحي الباريسية وعبّر عن همومهم مستعيراً لغتهم الحيّة والمباشرة. ثم عمل في جريدة «ليبراسيون» الطليعية وفي مجلة «تيليراما» الشعبية وسواها. يملك سطوف أسلوباً فريداً يجمع بين حرفية فنية عالية وروح نقدية ساخرة تتضمنها نصوصه وقصصه المصورة، إضافة إلى فرادة الشخصيات التي يختارها.
حاز رياض سطوف جوائز فرنسية وعالمية مهمة ومنها جائزة «لوس إنجلوس تايمز للكتاب». لكنه لا يزال مجهولاً عربياً ولم ينقل له أي كتاب إلى لغته الأم، والسبب الأول أن العالم العربي لا يولي فن الشرائط المصورة اهتماماً على رغم رواجه العالمي.
صحيفة الحياة اللندنية