ريّا أبي راشد: تعويذة الجهد والشغف
منذ بدأت بتقديم برنامجها الأسبوعي «سكوب مع ريّا» قبل عشر أعوام، تحوّلت ريّا أبي راشد إلى «سندبادة» الإعلام العربي بكلّ ما للكلمة من معنى. لا تغيب مقدّمة البرامج الشغوفة بعلمها عن أيّ مهرجان أو حدث سينمائي في العالم. لا ينطلق عرض فيلم إلا وتكون حاضرة لإجراء مقابلات مع صنّاع الفيلم ونجومه. إلى جانب برنامجها السينمائي الأسبوعي، تطلّ حالياً عبر «أم بي سي 4» في الموسم الرابع من برنامج «آرابز غوت تالنت»، بجانب زميلها قصي خضر.
ترفض أبي راشد مقولة أنّ الحظ وحده، كان حليف مسيرتها المهنيّة. تقول لـ «السفير» إنّها عملت بكلّ جدّ وقدّمت تضحيات على صعيد الوقت والطاقة، لتحقيق أحلامها المهنية. «أردت لمسيرتي أن تكون مثيرة للانتباه، كي أخبر حكايتي المهنية لأولادي يوماً ما، وأشعر أنّ لحياتي معنىً جميلاً. أستيقظ كلّ صباح مع شغف كبير بما أقوم به وأقدّمه، فقلّما نجد أنّ هناك مَن يعمل في مهنة يحبّها ويبرع بها، لذلك فإنّ حياتي المهنيّة تملأني».
تعترف أبي راشد أنّ نصاب إنجازاتها المهنيّة لم يكتمل إلا بالمقابلة التي أجرتها مع أوبرا وينفري، العام الماضي. «كانت الوحيدة التي أطمح إلى محاورتها، فهي من المشاهير الذين تحيط بهم شهرة كهربائيّة، وهناك نجوم رائعون على الشاشة، ولكن لا تحيط بهم هالة تجذب الآخرين للالتفات إليهم».
تعود أبي راشد إلى بداياتها في مجال الإعلام. كانت قد اختارت دراسة الاقتصاد في الجامعة، بما يتلاءم مع طموحات الأهل الراغبين بأن تكون ابنتهم طبيبة أو مهندسة أو موظّفةً في مصرف. «كنت أعلم أنّ ذلك الاختصاص لا يناسبني. حين كنت في الثامنة عشرة أهداني أهلي رحلة إلى فرنسا، استمتعت كثيراً، وقرّرت العمل لدفع مصاريف رحلتي الثانية. وكان عملي الأول في إذاعة «آر أم أل» حيث قدّمت فقرة موسيقية. وفي ذلك الوقت، «طلبت محطة «ام تي في» وجوهاً جديدة فعمل مقدّم البرامج جون سعد على إقناعي لأخضع لاختبار، ومنذ الثانية الأولى لي أمام الكاميرا وجدت نفسي». ثابَرَتْ في العمل، وانتقلت إلى لندن لمتابعة دراستها وحازت شهادة ماجستير في السينما وكذلك شهادة ماجستير في الصحافة والإذاعة، واختارت لندن كونها مكاناً مهماً لمقابلة النجوم، ونسجت علاقات مع الاستوديوهات وشركات الإنتاج. «السرّ باختصار هو الجهد، أتابع كلّ الأفلام، وأجري الأبحاث حول كل ما يمت إلى السينما بصلة».
أوّل مقابلة مع نجم عالميّ أجرتها أبي راشد، كانت مع الممثلة الأميركيّة ميغ راين، لمصلحة «أم تي في»، وعلى شاشة «أم بي سي» حاورت عمالقة السينما والغناء، وتكاد تكون الإعلاميّة العربيّة الوحيدة التي اقتحمت كواليس هوليوود، وانتزعت أهم اللقاءات مع مشاهيرها. «ما أقوم به ليس سهلاً، فأنا بعيدة عن أهلي في لبنان أولاً وأخيراً، وأسافر كلّ أسبوع، ولطالما انتظرت وصول النجوم ساعات طويلة أمام المسارح ودور العرض، ولكنني لم أتخلّ عن طبيعتي وتلقائيتي في كل الحوارات التي أجريتها، ولم أتعامل مع نفسي كنجمة بل كنت وما زلت أحترم نفسي ومهنتي ووقتي».
قدّمت أبي راشد برامج اقتصاديّة منها «عالم الأعمال» باللغة الإنكليزيّة عبر قناة «سي أن بي سي» بين العامين 2008 و2011. وحول تلك التجربة تقول: «وكأنّه لديّ أخت توأم هي التي كانت تقدّم ذلك البرنامج. وجدته غريباً عني، ولا أعتبر أنّني فشلت في تقديمه بل على العكس هو مثير جداً للانتباه، ولكن لم أشغف بما أقوم به، وقد اخترت الترفيه بمحض إرادتي، عشت في لبنان خلال الحرب ما يكفي لأختار عدم تغطية الحروب، وجئت إلى لندن هرباً من الحرب وبحثاً عن الأمان، وبالطبع أتابع الأخبار حول كل ما يجري في لبنان، ولكنني لا أريد أن أعمل في الإعلام السياسي أو الاقتصادي مع أنه من ضمن اختصاصي ودراستي».
حين عرض عليها تقديم برنامج «آرابز غوت تالنت» كانت في برلين، وطلب منها أن تكون في بيروت خلال ثلاثة أيّام. «كان عليّ الانتقال إلى لوس أنجلوس لإجراء مقابلة لدنزل واشنطن، ومن ثمّ عليّ الذهاب إلى روما للقاء شقيقتي، فكان أن اخترت تقديم البرنامج». بعد أربعة مواسم، ترى أنّ «تجربة تقديم البرنامج مباشرة على الهواء مثيرة ومفيدة، خصوصاً أنّي أقدّم بالعربيّة، بخلاف المقابلات التي أجريها بالانكليزيّة غالباً. أحبّ التواجد إلى جانب المواهب المشاركة في البرنامج لتشجيعهم، إضافة إلى متعة العمل مع قصي خضر وأعضاء لجنة التحكيم».
تطمح أبي راشد إلى إنتاج أفلام سينمائيّة في المستقبل. «منعني العمل من التفكير جديَّاً بهذا المشروع في القريب العاجل، وعندما أخوض هذه التجربة ستكون باكورة أعمالي عبر فيلم لبناني أو عربي مشترك». بالرغم من ذلك، لا تفكّر ريّا بالعودة إلى لبنان بصورة نهائية. «الوجهة المقبلة ضمن الخطة «ب» هي إيطاليا، كوني متزوجة من إيطالي منذ ثلاث سنوات ونصف السنة، وابتعادي عن وطني وعائلتي ضريبة كبيرة أدفعها كلّ يوم ولكن عودتي صعبة جداً، وأطمح للأمومة، وفي الوقت نفسه لن أتوقّف عن العمل».
صحيفة السفير اللبنانية