زمن الحب

 

هل هناك زمن حب وزمن كراهية؟

حسب العالم النفسي إريك فروم… ليس هذا وحسب، بل هناك بيئة للحب. وأخرى للكراهية.

قبل سبعة أعوام كتبت عن شابين تحابا وأرادا أن يكون حبهما مهرجاناً شفوياً وكتابياً. فوزع “بريء” ـ وهذا هو اسمه ـ في مدينته اللاذقية، ملصقات هي مختارات شعرية أثارت فضول الناس، ورجال الأمن أيضاً.

“إن خدعتك الحياة فلا تحزن، ولا تغضب

في اليوم الشجي إهدأ. يوم الفرح آت…ثق.

كل شي سيصبح أجمل “ـ بوشكين.

في ساحة السمك:

“النهر، مرة أخرى حبيبتي، وجسر آخر فوق النهر، جسر آخر له عينان كبيرتان كعيني… كعيني عندما أتطلع إليك.” ـ ألبيرتي.

على قاعدة تمثال قريب من البحر:

” لا تبق في حقل منبسط، ولا تصعد عالياً كذلك.

أجمل رؤية للعالم تكون في مدى متوسط “ـ نيتشه.

وعلى حائط المدرسة الثانوية التي درسا فيها:

“كلّ يغني على ليلاه متخذاً

ليلى من الناس أو ليلى من الحجر

كانت هذه المناشير الشعرية كلها مطبوعة على ورق أحمر… ومذيلة بتوقيع وإهداء: “إلى علا… من حبيبك السيء”.

كان عرسهما غريباً أيضاً:

حفل في جزيرة داخل بحيرة واسعة. والمدعوون ينقلون بزورق، في عدة رحلات. وقد أعد بريء استقبالاً غريباً. تهبط  العروس من الزورق فيحملها، ويمشيان على منديل حريري أزرق من الضفة إلى طاولتهما. وفوراً تبدأ حفلة رقص عشوائية حولهما.

كان مساءاً ساحراً من اماسي الصيف الساحلي، كانت الأغاني والموسيقى منتقاة بعناية، وذوق يتناسب مع المكان وطقوس الحب. والمدعوون أصدقاء، ومعظمهم عشاق. وفي نهاية الحفل وزعوا علينا أصص ورد لزراعتها في تراب أماكننا الانفعالية.

بعد عام من الحفلة دعوت الحبيبين وقد صارا زوجين إلى حفلة في بيتي القروي. وأول مشهد رأياه… أصيص الوردة المهداة لي. وكانت بالغة النضارة والزهو. فرحا لدرجة الدموع.

 ثم لم أرهما بعد ذلك.

سافرا على الهند… للدراسة والفضول. ومن هناك تأتي أخبارها البسيطة. ثم مضت الأيام، بل السنوات (ست سنوات) وعلمت “بريء” و “علا” افترقا…. بطريقة ليست حديثة أبداً: الطلاق.

عدت لحظة معرفتي بالنبأ إلى الصور في الحفلة لكي أجد في الأعين فراقاً محتملاً، وعدت إلى الأشعار على الأوراق الحمراء ،التي كانت ، فأرى الشحنة المخبوءة كلغم في حقل شقائق النعمان. وإليكم هذه القطعة:

“…إن بإمكاني أنا أيضاً، أن أبيع روحي للشيطان.

ليس مثل “فاوست” العجوز،

بل أن أوقع بدمي الفتي اتفاقية تنص على جميع عجائب هذا العالم”.

……………………

كان قد جاء ، في حضور دموي ، زمن الكراهية السوري…

زمن الحرب !

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى