زيارة الشرع إلى روسيا تؤسس لشراكة متكافئة

أكد الرئيس السوري أحمد الشرع خلال لقائه نظيره الروسي فلاديمير بوتين في موسكو التي وصلها اليوم الأربعاء في أول زيارة، منذ سقوط نظام بشار الأسد، أن بلاده تسعى إلى ضبط علاقتها بروسيا، فيما تُعتبر الزيارة محطة مفصلية لاختبار قدرة القيادة السورية الجديدة على صياغة علاقة متوازنة مع روسيا، تقوم على المصالح المشتركة والمنافع الاقتصادية المتبادلة.
وقال الشرع، خلال تصريحات مشتركة مع بوتين، في قصر الكرملين بالعاصمة موسكو، إن “استقرار دمشق مرتبط بالاستقرار الإقليمي والعالمي”، مضيفا أن “علاقات ثنائية ومصالح مشتركة تربطنا مع روسيا، ونحترم كل الاتفاقيات معها”، فيما وصف بوتين العلاقات الروسية السورية بأنها “علاقات صداقة”.
وتُرسل هذه الزيارة رسالة تؤكد اعتراف روسيا، كقوة عظمى لها نفوذ كبير في سوريا، بالإدارة السورية الجديدة، مما يعزز مكانتها الإقليمية والدولية.
ووصف بوتين العلاقات الروسية السورية بأنها “علاقات صداقة”، قائلا إنه “لم تكن لروسيا أي علاقات منوطة بالحالة السياسية أو المصالح الضيقة، وهي مرتبطة بالمصالح المتبادلة ومصلحة الشعب السوري”.
واستطرد “أرحب بالرئيس أحمد الشرع، ولدينا علاقات قوية مع سوريا منذ أكثر من 80 عاما”، وفقا لوكالة الأنباء السورية، مؤكدا أن “اللجنة الحكومية المشتركة بين البلدين ستستأنف عملها”.
وحضر اللقاء من الجانب الروسي وزير الخارجية سيرغي لافروف، ونائب رئيس الوزراء ألكساندر نوفاك، ومستشار الكرملين للسياسات الخارجية يوري أوشاكوف.
وضم الوفد السوري كلًا من وزير الخارجية أسعد حسن الشيباني ووزير الدفاع مرهف أبوقصرة ورئيس جهاز الاستخبارات حسين السلامة والسكرتير العام للرئاسة ماهر الشرع.
وأشارت مصادر في وقت سابق إلى أن الشرع سيطالب موسكو بتسليم الرئيس السابق بشار الأسد، الذي مُنح اللجوء في روسيا. ويعكس هذا الملف رغبة القيادة الجديدة في محاسبة رموز النظام السابق، مع التأكيد على عدم الدخول في صراع مباشر مع روسيا.
وأكد الشرع على احترام بلاده للاتفاقيات الموقعة سابقاً مع روسيا، بما في ذلك ما يتعلق بالوجود العسكري الروسي، وخاصة قاعدة حميميم وميناء طرطوس، لكن مع إمكانية إعادة صياغة بعض التفاهمات بما يخدم المصالح المشتركة للقيادة السورية الجديدة.
وتفتخر روسيا بقدرتها على حماية حلفائها الأجانب، ومن غير المرجّح أن توافق على تسليم الأسد لدمشق. وصرّح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يوم الاثنين بأنّ موسكو منحت الرئييس السوري السابق حقّ اللجوء لأنّ حياته كانت في خطر.
ويأمل الشرع في الحصول على امتيازات اقتصادية من روسيا، بما في ذلك استئناف إمدادات القمح بشروط تفضيلية وتعويضات عن أضرار الحرب. كما يُتوقع أن يضغط للحصول على دعم موسكو لمقاومة المطالب الإسرائيلية بإنشاء منطقة منزوعة السلاح أوسع نطاقا في جنوب سوريا.
وقد يطرح بوتين أيضا مسألة إعادة نشر الشرطة العسكرية الروسية كضمان ضد أي تعديات إسرائيلية أخرى. وتتزامن الزيارة مع تحركات عسكرية ودبلوماسية أخرى، مما يعكس وجود خطة شاملة وتنسيق متقدم بين الجانبين لإعادة ترتيب الأوراق في الداخل السوري ومواجهة الاستحقاقات الإقليمية.
وفي فبراير/شباط الماضي، أجرى بوتين اتصالا هاتفيا بالشرع، أكد خلاله دعم موسكو لوحدة الأراضي السورية وسيادتها واستقرارها.
كما أبدى الرئيس الروسي استعداد بلاده لإعادة النظر في الاتفاقيات التي أبرمتها مع نظام الأسد، ووجوب رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا.
وفي 9 سبتمبر/أيلول الماضي، زار ألكسندر نوفاك نائب رئيس الوزراء الروسي دمشق، وبحث مع المسؤولين السوريين مواضيع مختلفة أبرزها الطاقة والمساعدات الإنسانية.
ميدل إيست أون لاين